فلسطينيتان تبتكران نظام تحكم وإنذار لقسم التصوير بالرنين المغناطيسي
الخليل-رايــة:
طه أبو حسين: محاكاة للواقع الصحي واحتياجاته، وبعد عملية استطلاع ورصد ميدانية داخل مستشفيات الخليل وتحديدا في قسم تصوير الرنين المغناطيسي (MRI) والتنبّه للخطر الذي يهدد المريض أو حتى الزائرين والعاملين داخل تلك الأقسام في حال كان بحوزتهم أدوات معدنية، وضعت طالبتان الخطوط العريضة للمحافظة على حياة الإنسان، حيث خرجتا بمشروع يضمن السلامة بدرجة ودقّة كبيرتين في حال طبّقت الفكرة على أرض الواقع.
الطالبتان هنادي محمد الدويك (24 عاماً) وهبة محمد الأطرش (23 عاماً) من قسم هندسة الأجهزة الطبيّة في جامعة بوليتكنك فلسطين بالخليل، عملتا على مدار أربعة شهور على تنفيذ مشروع تصميم نظام تحكم وإنذار خاص بجهاز تصوير الرنين المغناطيسي (MRI) الذي يساعد على توفير حماية أكبر لكل من دخل قسم الأشعة.
ولادة مشروع نظام تحكم وإنذار لجهاز تصوير الرنين المغناطيسي (MRI)
بعد دراسة احتياجات المستشفيات، ورصد النواقص لدى أقسامها، قررت الطالبتان هنادي وهبة العمل على فكرة جديدة من شأنها تحسين الأداء الطبّي في فلسطين، وكان قسم الأشعة من صوّبت أنظارهما إليه.
جاءت الفكرة من خطورة جهاز (MRI) الذي ينتج عنه أشعة مجالها المغناطيسي عالية جدا تمكنه من جذب أيّ شيء معدني حتى لو كانت سيارة كبيرة، فالمستشفيات لا يوجد بها نظام إنذار وحماية من هذا الجهاز، فقط هناك نظام شفهي، يعتمد على سؤال المسؤول عن قسم (MRI) للمريض شفهيا إن كان معه معادن أو زارع داخل جسمه أي شيء معدني، ولكن أوتوماتيكيا هذه التقنية غير متوفرة، بالتالي يبقى هناك خطر كبير يهدد حياة الإنسان.
آلية عمل المشروع
التمست هنادي وهبة حاجة قسم الأشعة لنظام تحكم وإنذار، فنفذتا مشروعا يحاكي تلك الحاجة، وفي سؤال راية عن آلية عمل هذا النظام الجديد، قالتا بأنه مكوّن من ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى تعتمد على استخدام مجسّات ضوئية _مرسل ومستقبل ضوئي_ يقوم بإرسال إشارة صوتية للكشف عن دخول الأشخاص لقسم الأشعة الذي بدوره يصدر صوتا من خلال السماعة التي تنذر باجتياز أحد الأشخاص للبوابة الأولى من قسم الأشعة.
أما المرحلة الثانية فتتمّ باستخدام مجس حثّي، يعمل على كشف أيّة أدوات معدنية مع المريض أو الزائر أو حتى العاملين بالقسم، فبدوره يرسل الجهاز إشارة للمتحكم الدقيق ليقوم بإغلاق البوابة المؤدية لجهاز (MRI) لحماية الشخص من القوة المغناطيسية لهذا الجهاز.
وتتمثل المرحلة الثالثة باستخدام كبسة زر يدوية يستخدمها المشرف على حالة المريض، وفي حالة التأكد بأنه تمّ التخلص من الأدوات المعدنية التي بحوزة المريض أو أي شخص يدخل القسم تفتح البوابة ميكانيكيا.
ما المميز والجديد في المشروع؟
تعمل المستشفيات وتحديداً أقسام الأشعة ضمن منظومة رقابية عالية المستوى لإدراكها حجم الخطر الذي قد تحدثه في حال إهمالها، لهذا توجّهت راية بسؤال لصاحبتي الفكرة " ما المميز والجديد في المشروع؟".
"المميز لا يوجد أي جهاز حماية أو إنذار داخل المستشفيات، فما هو موجود حاليا فقط شفهيا من خلال الطبيب المشرف على المريض، أما أوتوماتيكيا غير متوفر، بالتالي مشروعنا هو الأول من نوعه في هذا الإطار.
علماً أن هذه الفكرة غير مطبقة بكل المستشفيات، وفي زياراتنا الميدانية رصدنا الكثير من الشكاوى التي قدّمها الأطباء والممرضين من المرضى والزوار الذين يكون بحوزتهم أدوات معدنية، حيث كان هناك العديد من التجاوزات، لهذا تشجعوا للفكرة عند طرحها ومعرفة أبعادها وأهدافها التي تضع سلامة الإنسان والحفاظ على حياته على سلّم الأولويات".
ما أهم المصاعب التي واجهتكم في بناء المشروع؟
لا تخلو طريق من المصاعب والعثرات، فالمطبّات كثيرة ومنتشرة لا سيّما أمام من يسعى لشقّ طريق الإبداع والتميّز، وراية سألت ما هي أهم المصاعب التي واجهتكم في بناء مشروع التحكم والإنذار، فأجابت الطالبتين:
"عملنا على المشروع فترة أربع شهور، وكانت فترة قصيرة لتطبيق ما درسناه وما ننوي تنفيذه، لكن تداركنا هذه المصاعب وعملنا على تجاوزها، والصعوبة الأكبر تمثلت بالتكلفة المالية للمشروع وتوفير بعض الأدوات الالكترونية التي لم تتوفر في فلسطين، بالتالي كان هناك حاجة لمدة أطول حتى تمّ توفيرها من إسرائيل".
ما النتيجة؟
استمر العمل على المشروع قرابة أربع شهور متواصلة، ما بين معاينة أقسام الأشعة في مستشفيات الخليل، والبحث في الشبكة العنكبوتية عن كلّ جديد، ورسم النماذج الافتراضية وصولاً إلى النموذج النهائي الذي قدّم على شكل مشروع تخرّج، حسب حديث الطالبتين وأضافتا:
"حصلنا على درجة 90% في هذا المشروع لأنه ضمن ما يسمّى (مشروع التخرج) الذي أتاح لنا الحصول على شهادة البكالوريوس في قسم هندسة الأجهزة الطبيّة بجامعة بوليتكنك فلسطين".
"فنحن أنجزنا وعملنا مشروع مميز جدا، ونحن راغبين بتطوير الفكرة، وقمنا أيضا بتقديم توصيات عند تسليم مشروعنا لمن يرغب بالتطوير عليه، كتقنية الآيفون موبايل؛ فبدلا من وصول الرسالة من المتحكم الدقيق بإغلاق البوابة يتم إرسال رسالة على الموبايل، بالتالي الاقتصاد بالوقت والجهد".
هل يمكن تطبيق المشروع داخل المستشفيات؟
في زيارة خاصة أجرتها شبكة راية الإعلامية لجامعة بوليتكنك فلسطين، التقت خلالها الدكتور رمزي القواسمي المشرف على مشروع نظام تحكم وإنذار لجهاز تصوير الرنين المغناطيسي (MRI)، ووجهت له سؤالا حول إمكانية تطبيقه داخل أقسام الأشعة، فقال:
"المشروع فكرته بسيطة وتطبيقه بسيط أيضا، بالتالي إمكانية تطبيقه على أرض الواقع سهل جدا، ففي حال توفرت الإرادة والرغبة لدى إدارات المستشفيات سيكون منفذا في أقسام الأشعة، خاصة أن مشرفي قسم (MRI) أبدوا إعجابهم بالفكرة وتوعدوا بإقناع إداراتهم بأهمية هذا المشروع الذي يضمن درجة أعلى من الدقة والجودة في العمل وسلامة صحة المرضى والزائرين والعاملين داخل القسم".
يستمرّ الإبداع الفلسطيني، من مشروع لآخر، ونظام التحكم والإنذار لجهاز تصوير الرنين المغناطيسي (MRI) أحدها، فهنادي وهبة انتهتا من الجولة الإبداعية الأولى في ملعب التميّز، لتصبح الكرة الآن في ملعب وزارة الصحة والمستشفيات وجميع المؤسسات التي تعنى برفع اسم فلسطين، فهل يوضع المشروع ضمن أدراج النسيان أم سيكون واقعا في المستشفيات لتحقيق عناية أكبر لحياة الإنسان؟.