مراكش: التسامح والمحبة يسودان أجواء احتفالات العام الجديد
مراكش- رايـة:
وصال الشيخ- أجواء من الفرح والمحبة وإطلاق الامنيات سادت في مراكش بين عموم الناس، إلّا أن الأجواء في كنيسة الإنجيلية "évangélique" في المدينة كانت خاصة ومختلفة عن غيرها.
احتفلت الطائفة المسيحية البروتستانية التي تعتبر أقلية في مراكش بما يقدر بـ200 شخص منحدورن في أغلبهم من دول إفريقية مجاورة بعامها الجديد بتلاوة الصلاة والعشاء الجماعي على أنغام الموسيقى فرقة الروك ودق الطبول والجيتار من الساعة 8:30 مساء حتى السادسة صباحا.
موريس هاينز، فنان الجاز التقليدي، جاء من ليبريا إلى مراكش منذ 9 شهور، يقول خلال الحفل: "إنني في زيارة إلى مراكش وسعيد بتواجدي هنا وكأنني في بيتي، كما أن اليوم يعتبر خاصا، أحتفل فيه مع عائلتي برأس السنة الميلادية، وأتمنى في عام 2014 أن أسافر إلى هولندا لأثبت طريقتي ونمطي في الموسيقى التقليدية وأسجل بعض المقطوعات" مردفا "لقد سبق وأن سجلت ألبوما خاصا يسمى Kakalaka” .
من بين الحضور أيضا كانت السيدة لاسم تلارث، 26 عاما، تركت ساحل العاج هربا من الحرب هناك، تقول بالفرنسية: "أعيش في مراكش منذ 4 سنوات، وأنا سعيدة اليوم بأن أحتفل مع أصدقائي وعائلتي حتى فجر العام الجديد، وأتمنى أن تتغير أوضاعي الشخصية وأتمكن من الحصول على عمل بعد أن كان عام 2013 عاما صعبا".
مع اقتراب الساعات الأخيرة لنهاية العام تزداد وتيرة الأمنيات بقلوب مبتهلة، السيدة بيتريك كوراه التي تعود أصولها لليبيريا في غرب إفريقيا تتطلع إلى أمنية انطلاقا من غريزتها بالأمومة، فتقول: "جلّ ما أريده في العام الجديد هو أن أتزوج وأن يكون لي بيت خاص وأحظى بأطفال" وعن المستقبل تردف بابتسامة: "أووه ما أريده هو السفر إلى كندا أو أوروبا للبحث عن حياة جديدة وعمل جديد" في حين صديقتها غراس الآتية من ساحل العاج أمنيتها البسيطة أن يصبح كل شيء جميل وتحظى بـ"بركة الرب"، وهي على النقيض من أصدقائها في الحفل، لا تشعر بالأمان بمراكش، تعبّر "إنها ليس كوطني الأصلي، لا أستطيع العيش بحرية لأن البلد إسلامي الطابع والثقافة".
محمد المنزل، مواطن من مراكش، يحتفل بالعام الجديد، سألته "هنا إمستردام" ماذا يعني له هذا الاحتفال، مجيبا: "احتفالي برأس السنة الجديدة يأتي انطلاقا بأنه عام جديد وليس احتفالا برأس السنة الميلادية بالذات، بمعنى أنني أربطه بمفهوم ديني" ويرى بأن مدينة مراكش هي وجهة "للنصارى" خصوصا من فرنسا وإسبانيا "يأتون إلى المدينة ويمارسون أعيادهم وطقوسهم دون تخوف أو ضغوطات، فالسلطات المغربية توفر الأمن والعناية للجميع، كما أن المغرب معروف عنه بالتسامح الديني، وهناك تجاوب إيجابي بين جميع الديانات والطوائف"
في حين هشام الترقاوي، أستاذ الفيزياء ومواطن من مراكش، يعتبر بأن الاحتفالات المسيحية "عادية كما الاحتفالات الأخرى" ولم يفكر يوما بأن يشارك المسيحيين في أعيادهم انطلاقا من "كل شخص وديانته" ويتساءل "لماذا عليّ أن أشاركهم في أعيادهم، هل أنا مسيحي مثلهم؟!" ولكنه يؤكد على "تعايش الديانات في مراكش، والتسامح الديني بين الجميع" ويتمنى البرقاوي للعام الجديد أن "يرزقه الله بالزوجة الصالحة".
جدير بالذكر بأنه يوجد كنيستان في مراكش، الكنيسة الإنجيلية التي بنيت عام 1914 وكانت في الأساس منزلا لأحد الفرنسيين ووهبها لتصبح كنيسة فيما بعد وفق ما أشار إليه بعض القائمين عليها، أما الأخرى فهي الكاثوليكية التي تقع في حي "الجليز" والتي بنيت عام 1930.