وصول طلائع تعزيزات قوات الأمم المتحدة إلى جنوب السودان
رام الله-رايــة:
وصلت طلائع تعزيزات قوات حفظ السلام الدولية الجمعة الى جنوب السودان حيث اعلن قادة افارقة ان حكومة هذه الدولة الفتية مستعدة لوقف فوري لاطلاق النار بعد معارك طاحنة استمرت اسبوعين.
وحذرت الامم المتحدة من ان التوتر ما زال على درجة كبيرة من الخطورة على الرغم من الجهود لمنع انزلاق اكبر للبلاد الى حرب اهلية في النزاع الذي اودى بحياة اكثر من الف شخص، كما تقول الامم المتحدة.
واعلن قادة دول السلطة الحكومية للتنمية (ايغاد) المنظمة التي تضم بلدان القرن الافريقي وافريقيا الشرقية الجمعة ان حكومة جنوب السودان مستعدة لـ”وقف فوري لاطلاق النار” مع المتمردين المؤيدين للنائب السابق للرئيس رياك مشار الذي يتهمه رئيس جنوب السودان سلفا كير بتدبير محاولة انقلابية.
الا ان مشار اكد أن أي هدنة في القتال الدائر في هذا البلد يجب ان ترفق بآلية للمراقبة وطالب بالافراج عن حلفائه الذين اعتقلتهم الحكومة، بينما حذرت الامم المتحدة من ان طرفي النزاع يواصلان استعداداتهما للاعمال الحربية.
وقال رياك مشار في اتصال هاتفي في البي بي سي عبر الاقمار الاصطناعية من مكان لم يحدد ان “وقف اطلاق النار يجب ان يخضع للمراقبة. موقفي هو ان اي وقف لاطلاق النار يجب ان يكون تفاوضيا بما يسمح بوضع آلية للاشراف عليه”.
واضاف “ثانيا، قلت للوسطاء انه من اجل بدء المفاوضات، يفضل ان يفرج (الرئيس) سلفا كير اولا عن المعتقلين السياسيين”.
وقال وزير الخارجية الاثيوبي تدروس ادهمون ان قادة دول السلطة الحكومية للتنمية رحبوا “بالتزام حكومة جمهورية جنوب السودان وقف اطلاق النار فورا ويدعون رياك مشار وغيره من الاطراف الى اتخاذ التزامات مماثلة”.
وناشدوا الخصمين التحاور ووقف القتال قبل 31 كانون الاول/ ديسمبر، والا سيتخذون اجراءات اخرى، من دون مزيد من التفاصيل.
وفي الوقت نفسه، اكدت الامم المتحدة ان المخاطر تبقى كبيرة جدا مشيرة الى وجود عدد كبير من الجثث خارج واحدة على الاقل من قواعدها، لا يمكن انتشالها.
ووصلت كتيبة من 72 شرطيا ارسلتهم بنغلادش آتين من جمهورية الكونغو الديموقراطية بعد ثلاثة ايام من قرار مجلس الامن الدولي السماح بارسال ستة آلاف عنصر اضافي من قوات حفظ السلام الدولية ووسائل جوية كتعزيزات لقوات الامم المتحدة في جنوب السودان.
واوضح المتحدث باسم قوات حفظ السلام كيران دواير ان هؤلاء الشرطيين “سيؤدون دورا اساسيا للحفاظ على السلام والامن” في قواعد الامم المتحدة في جنوب السودان حيث لجأ 63 الف شخص منذ اندلاع المعارك.
وسيتم استقدام التعزيزات التي تشمل ايضا مروحيات قتالية واخرى للنقل وخبراء في حقوق الانسان، من بعثات اخرى للامم المتحدة في افريقيا (جمهورية الكونغو الديموقراطية، ساحل العاج، دارفور، ليبيريا). ومن المتوقع وصول كتيبة جديدة السبت.
وتؤكد قوات الامم المتحدة في جنوب السودان ان “الوضع الامني في النيل الاعلى وولاية الوحدة متوتر” مشيرة الى وجود “قوات للمتمردين واخرى حكومية”.
ويشهد جنوب السودان منذ 15 كانون الاول/ديسمبر معارك عنيفة. وفي صلب هذا النزاع، خلاف بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار الذي تمت اقالته من مهامه في تموز/يوليو. وتخطت حصيلة هذه المعارك الالف قتيل، بحسب الامم المتحدة التي اعلنت اكتشاف مقبرة جماعية في بنتيو.
وفي 24 كانون الاول/ ديسمبر، اقر مجلس الامن الدولي بالاجماع قرارا يحدد السقف المسموح به لعديد العسكريين في قوات حفظ السلام الدولية في جنوب السودان ب12500 عنصر. وسيبلغ عدد الشرطيين 1323 عنصرا مقابل 900 سابقا.
ميدانيا، تتواصل المعارك في نحو عشر ولايات في جنوب السودان، بينما اعلن كل من المتمردين وجيش جنوب السودان السيطرة على مدينة ملكال الاستراتيجية الجمعة.
وصرح موزس رواي الناطق باسم المتمردين لفرانس برس ان “ملكال تحت سيطرة كاملة للقوات الموالية لنائب الرئيس سابقا رياك مشار” مؤكدا ان القوات الحكومية تركت المدينة مساء الخميس.
وتقع هذه المدينة في شمال البلاد وهي كبرى مدن ولاية اعالي النيل الغنية بالنفط، وتتواجه فيها القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير مع المتمردين منذ الاثنين.
لكن وزير الدفاع في جنوب السودان كول مانيانغ جوك تحدث عن “تضليل اعلامي”، مؤكدا ان “عناصر رياك وهم في الواقع بعض عناصر الشرطة والجيش، قد هزموا ولم يبق منهم احدا في ملكال”.
وفي جنيف، اعلن مكتب الامم المتحدة لتنسيق المساعدات ان حوالى 122 الف شخص غادروا منازلهم في جنوب السودان منذ اندلاع النزاع في منتصف الشهر الحالي.
وقال المكتب في بيان “نزح ما لا يقل عن 121 الفا و600 شخص بسبب الازمة الخطرة في جنوب السودان”، معربا عن خشيته من ارتفاع العدد لقلة المعلومات المتوفرة لدى الوكالات الانسانية على الارض في هذا الملف.
وبين هؤلاء النازحين لجأ 63 الفا الى قواعد للامم المتحدة خصوصا في جوبا وبور وملكال وبنتيو.
وفي العاصمة جوبا وحدها ترك 25 الف شخص منازلهم وفقا لمكتب الامم المتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية.
وفي الخرطوم، اعلنت وكالة الانباء السودانية الرسمية ان السودان بدأ اجلاء رعاياه من ولاية الوحدة الغنية بالنفط في دولة الجنوب، بعد عشرة ايام من المواجهات المسلحة بين حكومة دولة الجنوب ومناوئين لها تابعين لنائب رئيسها السابق رياك مشار.
ولتمويل عملياتها في البلاد التي هي على شكل مساعدات غذائية وطبية وتوزيع المواد الاساسية، وجهت الوكالات الانسانية نداء للاسرة الدولية لجمع 166 مليون دولار.
ومن اسباب النزاع في هذه الدولة الفتية التي استقلت عن السودان في تموز/ يوليو 2011، عداوة قديمة بين قبيلة الدينكا التي ينتمي اليها سلفا كير وقبيلة النوير التي يتحدر منها رياك مشار، لكنه يكتسي ايضا بعدا سياسيا.
ومنذ عدة ايام تفيد معلومات عن اعمال عنف واغتيالات وعمليات اغتصاب ومجازر ذات طابع قبلي.
وجددت الولايات المتحدة راعية استقلال البلاد في 2011 واكبر داعميها سياسيا واقتصاديا التاكيد الخميس امام الطرفين المتناحرين انها ستوقف مساعدتها اذا وقع انقلاب عسكري.
المصدر:(أ ف ب)