الدروس الخصوصية تثقل كاهل الطلاب واهاليهم في محافظة سلفيت
رام الله- شبكة راية الإعلامية:
مع بداية كل عام دراسي نرى عشرات الاعلانات لمراكز التعليم الخاص والدروس الخصوصية ولمعلمين ومعلمات في مختلف التخصصات، على ابواب المساجد وفي الاماكن العامة وعبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، موجهة للطلبة واهاليهم دون وجود اي ضوابط او رقابه على هذه الظاهرة التي انتشرت مؤخرا بشكل ملحوظ في كافة قرى وبلدات محافظة سلفيت .
ان محافظة سلفيت التي تضم 18 تجمعا سكانيا، تتوزع فيها 71 مدرسة منها ثلاث مدارس خاصة والباقي حكومية، ينتسب لها حوالي 18500 طالب وطالبة وفيها 97 موظف في مقر المديرية و 1500 معلم ومعلمه، نجد فيها الكثير من الآراء والتناقضات حول ظاهرة التدريس الخاص، التي باتت تنهك جيوب الاهالي وخاصة اولياء الامور، الذين يرجئون انتشار هذه الظاهرة لعدة اسباب اهمها : صعوبة المناهج وتقصير المدرسين وعدم كفاءتهم للتدريس وقلة خبرتهم وحب المدرس للمال جعله يهمل التعليم الصفي لصالح الدرس الخاص الذي يعطيه خارج المدرسة .
دائرة العلاقات العامة والاعلام في محافظة سلفيت اخذت على عاتقها تسلِّيطُ الضَّوءَ على هذه الظاهرةِ، وتطرَحُ مجموعةً من التساؤلاتِ حولَ حقيقةِ التوجه نحو التدريسِ الخاص، دوافعه وآثارِه ، علما ان الدروسِ الخصوصية لم تعُدْ تقتصرُ على مرحلةٍ معيّنةٍ، بل تعدّت ذلك لتعُمَّ المراحلَ كافةً, وكأنّها أمرٌ مفروغٌ منه؛ بل واجبٌ، إذ يُجبَرُ الأهلُ على تلبيةِ متطلباتِ أبنائهم.
طالب التوجيهي وحاجته للتأسيس:
الأستاذ المتقاعد ابو علي يقول:" أن الطالب في مرحلة التوجيهي يلتحق بالدروس الخصوصية من أجل الإستفادة كونه دخل مرحلة الخطر، ولكن للأسف نتفاجأ بأن عددا من الطلبة بحاجة للتأسيس منذ البداية ، وعند كثير منهم نقص في المعلومات، كون المعلم لا يقدم المادة جيدا"، ويؤكد أن تركيز المعلومات في ذهن الطالب خلال المرحلة الثانوية تبدأ من الصف العاشر وحتى الثاني عشر كونها مترابطة مع بعضها البعض، ويشير إلى أن المعلم يضطر إلى إعطاء طالب أو طالبين على الأقل حصصا دراسية، من أجل إعادة تأسيسهم ، ليتمكنوا من الالتحاق بزملائهم الآخرين.
الدروس الخصوصية ضرورية، أم مضيعة للوقت؟
والدة الطالبة نجاة تقول :"أن الدروس الخصوصية ضرورية في هذا الوقت، بسبب صعوبة المناهج الدراسية واختلافها عن المناهج القديمة، ما يجعلها تشعر بالحرج لعدم قدرتها على شرح المادة لأبنتها التي تتوجه إليها لفهم ما يصعب عليها فهمه،" وتعتبر أن شرح المعلم لا يكفي ولا يفي بالغرض المطلوب، وأن هناك ضرورة لهذه الدروس، إلا أنها رأت في نفس الوقت تحميل المعلم مسؤولية لجوء التلاميذ للدرس الخصوصي.
اما ابو العبد وهو مدرس خصوصي يرى أن الطالب الذي يلتحق بالدروس الخصوصية من أجل فهم المادة ورفع مستواه العلمي، سيلاحظ ذلك في محصلته النهائية حيث سيحصل على ارتفاع في معدله نهاية العام، معرباً عن أسفه من وجود تلاميذ يلتحقون بهذه الدروس للتنزه وأغراض خاصة وليس من أجل الدراسة لذلك تكون نتيجتهم أسوأ، ويضيف: الدرس الخصوصي يأخذ من وقت الطالب، ولكن إن كان الطالب معني وجدي في أخذ الدرس لا يؤثر على تحصيله، وإن غير ذلك يكون مضيعة للوقت وتدني في تحصيله، وإهدار للمال الذي يدفعه ولي الأمر من أجله. ويؤكد على أهمية متابعة أولياء الأمور لأولادهم في تحصيلهم العلمي وعلاماتهم في المدرسة أو لدى المدرس الخاص، من أجل تحقيق هدف الدروس الخصوصية وجني ثمارها بنتائج جيدة.
تكاليف يتكبدها الاهالي :
يقول الاستاذ حسن :" تختلف أسعار الدروس لكل طالب، فعند ذهاب المدرس إلى بيت أحد الطلاب يختلف المبلغ عن الدرس في المركز، وأن إعطاء الدرس لطالب واحد يكلفني الكثير من الوقت، وفي المقابل يستفيد الطالب أكثر بخلاف وجود عشرة طلاب في مكان واحد ، لأن العقول ودرجات الفهم والاستيعاب تتفاوت من شخص لآخر". مضيفا ان تكلفة الدرس الخصوصي تختلف بين مادة الرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغة الانجليزية، وذلك حسب التخصص، حيث ترتفع الاسعار قبيل الامتحانات النهائية لتصل الى 50 شيقل للساعة.
هل أصبح دور المعلم في المدرسة ثانوياً ؟
يرى البعض أن الدرس الخصوصي له تأثير على دور المعلم في المدرسة، وبعض المعلمين يعتبروا أن الطالب خلال العطلة الصيفية قد أنهى المنهاج في المعاهد والمراكز الثقافية أو لدى معلمي الدروس الخصوصية، لذا يصبح دوره أقل فاعلية ولا يعير اهتماماً كاملاً للتلاميذ، مما يعكس ذلك على الطالب في تلقيه دروسه في المدرسة. وبهذا الخصوص يقول الطالب باسم :" هناك معلمين لا يقبلون إعادة الدرس مرة أخرى ليضطر الطالب في النهاية إلى الاستعانة بمدرس خصوصي".
البطالة احد الاسباب :
"الاستاذ علي" خريج جامعي تخصص لغة عربية يرى ان البطالة وعدم توفر فرص عمل هو ما دفعه للعمل في مجال الدروس الخصوصية، قائلا:" تخرجت منذ 5 سنوات وفي كل عام اتقدم لوظائف التربيه والتعليم ولكن الدور لم يصلني كما هو حال ما يزيد عن 2000 متقدم سنويا لتلك الوظائف".
موقف التربية والتعليم :
مديرية التربيه والتعليم ترى انها تولي المعلم اهتماما بالغا اذ انه يعتبر القدوة والميسر ومقدم المعلومة والمقيم والمرشد لطلبته ، لذلك فهي تسعى دائما لتاهيله واتاحة الفرصة له للافادة من خبرات الاخرين والمشاركة في الدورات التدريبية والايام الدراسيه وتزويده بالنشرات والابحاث التربوية المتعلقة باسترتيجيات التعليم ، وتعمل على خلق الاجواء الكفيله بزيادة درجة الرضى الوظيفي لدى المعلمين ، وبالمقابل يستوجب على المعلم القيام بمهامه واداء رسالته والقيام بواجبه على اتم وجه .
وتؤكد المديرية ان الدروس الخصوصية التي يتم تنفيذها خارج نطاق الدوام المدرسي الرسمي هي نشاط لا يتوافق مع الانظمة والقوانين التربوية، وتقوم المديرية بمتابعة اي شكاوي تقدم لها بهذا الخصوص من خلال تشكيل لجان تحقيق ومتابعة للامر وتوجية ما يتوجب من عقوبات للمعلمين الذين تتم ادانتهم.
المسؤولية تقع على عاتق الجميع:
هناك تفاوت في قدرات التلاميذ ومستوياتهم وما يصاحبه من تقصير المعلم الذي يصعب عليه إيصال المعلومة لـ45 طالبا في الصف خلال 40 دقيقة، عدا عن انشغال الاهل بهموم الحياة ومتطلباتها والوضع الاقتصادي، الامر الذي ادى إلى عزوف الأهل عن متابعة التلاميذ، ووضعهم تحت رحمة الدروس الخصوصية مهما كانت النتائج. فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع :الطلبة والمعلمين والأهل والتربية والتعليم، الامر الذي يستدعي وقفة جدية ووضع خطط وضوابط تحقق مصلحة الجميع.