السبسي: النهضة لا تريد الوصول إلى حلول لإنجاح الحوار الوطني في تونس
رام الله- شبكة راية الإعلامية:
أكد الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة التونسية الاسبق ورئيس حزب (نداء تونس) الحالي أنه ليس لديه أي تحفظ فيما يتعلق بترشيح المناضل الوطني أحمد المستيري.. “صاحب التاريخ النضالي الكبير ليقود الحكومة خلال المرحلة المقبلة”.
وقال السبسي في حديث لصحيفة (الوطن) القطرية في عددها الصادر الخميس: “أنا شخصيا ليس لي عليه أي تحفظ فهو صديقي وقريبي وأعتقد أنه شخصية مميزة وله بصماته عبر التاريخ التونسي وكلانا أصدقاء درب الكفاح الوطني ولكن ثمة أغلبية لم تسر في اتجاه ترشيحه ولأن منطق الحوار يرتكز على التوافق فلابد أن نقترب من بعضنا البعض، للبحث عن حل وسط، وأنا شخصياً ليس عندي أي تحفظ على أخي المستيري، وأعتقد أنه لو تم اختياره فسيكون اختياراً جيداً”.
وأضاف: “من حيث المبدأ هو جدير بهذا المنصب وكذلك الحال بالنسبة لباقي الأسماء المطروحة ولكن النهضة تسير عكس التيار ولا تريد الوصول إلى حلول لإنجاح الحوار وهذا غير مقبول فهي تريد فقط أن تكون صاحبة الكلمة الأولى في عملية اختيار رئيس الحكومة وتريد أن تعطي لنفسها حق الاختيار منفردة، وعلى هذا الأساس الاختياري أو الاحتكاري فلا معن للمضي باتجاه الحوار التوافقي لأن الحكومة تريد أن تبقى في السلطة على عكس الإرادة الشعبية”.
وتابع :” تونس تحتاج الآن أن يعترف من يحكمونها بفشلهم ولا أقل من أن يتواضعوا ولا يستمروا في فرض إرادتهم على الآخرين، خاصة في هذا الوقت الدقيق الذي يحتاج فيه الوطن إلى تعزيز ثقافة الحوار للخروج من عنق الزجاجة وتجاوز الأزمة السياسية ولكن يبدو أن الائتلاف الحاكم ليست لديه مثل هذه الثقافة”.
وقال: “المؤسف أن تعطيل الحوار يأتي من جهة واحدة فقط وهي هؤلاء الذين يحكمون البلاد ولا يريدون التنازل عن السلطة رغم فشلهم”.
وحول تعقيبه، عما قاله الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي بأن الأحزاب الاخرى تخشى الذهاب إلى صناديق الانتخابات، قال السبسي: “الذين يخشون ذلك هم أنفسهم الذين يجلسون على كراسي الحكم ويتحكمون ضد إرادة الشعب ولو كانوا لا يخشون مخرجات العملية الانتخابية المنتظرة لاختاروا إجراء الانتخابات وأعلنوا عنها ولذهبوا إلى صناديق الاقتراع ولكنهم يخشون من ذلك”.
وأضاف: “أعتقد أن تمثيلتهم انكشفت ورصيدهم انخفض كثيرا في الشارع التونسي وشعبيتهم تآكلت ولذلك يخشون الدخول للانتخابات على عكس القواعد الديمقراطية..نحن نرحب بالانتخابات ولكن في الآجال المعقولة فليقع أولا تحديد التاريخ، وكذلك تشكيل اللجنة المشرفة على الانتخابات، وفي الحقيقة فإن المجلس التأسيسي هو المسؤول عن تكوين تلك اللجنة، ولكن عدم تكوينها حتى الان يؤكد فشل المجلس، ويرجع العيب لهم والمسؤولية عليهم”.
وعن رأيه في التفجير الانتحاري الذي وقع قبل أيام في مدينة سوسة، قال السبسي: “تونس ما كان لها عهد بالارهاب ولم تكن أرض جهاد ولا سلفية ودعوة، والحكومة مكونة مع حزب النهضة كانت تتعامل مع هذه التيارات بغاية التسامح، لكن مع تطورات الأزمات، في سورةي ومالي فإن العنصر التونسي أصبح حاضرا في المشهد وثمة احصائيات تقول إن 900 من شباب تونس ماتوا في سورية ثم إن رجال الدين /المستورد/ وليس الإسلام المعروف عن الشعب التونسي، هؤلاء جاءوا لنا بفكر جهاد النكاح ..عدد من الفتيات لا يستهان بهن في كثير من الاحيان ذهبن إلى سورية مما يعني أن الوضع تغير بصفة جذرية، واصبح موضوع الارهاب بصفة فعلية في تونس″.
وأضاف: “رأينا ما حدث في جبال الشعانبي، وإن كانت هذه الجبال ليست تونسية فقط، فهي امتداد لجبال من الاطلس الى الصحراء، وبالتالي فإن ثمة صعوبة واجهت رجال الأمن التونسي في تطويق المنطقة، المتداخلة مع الجزائر، والتي اصبحت مرتعا للإرهابيين، وما يسمى بتنظيم القاعدة، والأمر لا يتوقف فقط على الحدود المشتركة مع الجزائر بل هناك أيضا حدود مفتوحة مع ليبيا، ولذلك كنت أقول دائما إن أمن تونس في ليبيا، والعكس صحيح فإن أمن ليبيا في تونس″.
وتابع: “ولكن بسبب تراخي الحكومة التونسية في ملاحقة العناصر الإرهابية، فقد انتشرت عمليات الإرهابيين، ونقل الأسلحة عبر تونس إلى النيجر ومالي، وبالتالي فإننا حينما نتوقف عند العملية الأخيرة التي حدثت في سوسة، يأتي في هذا الإطار من التراخي الحكومي، وإن كان للإنصاف في وقت من الأوقات اخذت الموضوع بمأخذ الجد، حينما قررت تصنيف (أنصار الشريعة) على أنه تنظيم ارهابي”.
وفي خصوص التقرير الأمريكي الذي تضمن تحذيرا من تهديد خطير ومحتمل تشهده تونس خلال الأسابيع المقبلة، أجاب رئيس الحكوم الأسبق بالقول: “اولا تونس ليست في مأمن من المخاطر، ولكن نعتقد الآن أن هناك يقظة شعبية، في التصدي للإرهاب، كما أن العلاقات بين الشعب وسلطات الامن أصبحت احسن وافضل، ولا أحد ينكر أن تونس تعيش حالة مخاطر، ولكن لا نريد، ولا ينبغي التهويل من هذه المخاطر أكثر من اللازم”.
وتابع: “وانا شخصيا وأنا اتكلم معك مستهدف في حياتي منذ مدة، بل وفي كل يوم، ولكن اعتقد انه لا نحتاج للتهويل، ونأمل ان تكون سحابة صيف.. ولكن اعترافنا بانه ما زال هناك ثمة خطر يأتي من قبيل إعداد العدة للمواجهة”.
من جهة أخرى، تطرق السبسي إلى الحديث عن سبب اعتباره للرئيس التونسي المرزوقى فاقدا للشرعية، وقال “لقد انتخبنا المجلس التأسيسي وهذا المجلس لديه شرعية ولكنه فقدها بعد انتهاء مدة عمله التي حددت سلفا بعام واحد وبصراحة لا يجب على اي أحد أن يضيف الوقت أو المهلة الزمنية من تلقاء نفسه وأذكر الجميع بأن المجلس التأسيسي انتخب الحكومة وايضا الرئيس في الفترة هذه وإذا فقد المجلس التأسيسي شرعيته وهو الأصل فما بالنا بالفروع″.
ونفى السبسي أن تكون انتقاداته لشخص الرئيس المرزوقي تعكس نوعا من الغيرة السياسية خاصة وأنه يطمح في تولي المنصب قائلا: “لا.. أنا لا أطمح في تولي هذا المنصب، لأنه هو موجود فيه، ولكن ربما يكون عندي الطموح في حال كانت هناك انتخابات، ولا يهمني إذا كان المرزوقي موجودا أم غير موجود.. بالعكس انا لست من هذا النوع الذي يقول ابتعد حتى أخذ مقعدك”.
وقال: “لقد وجه المرزوقي الدعوة لي وذهبت إلى قصر قرطاج وقدمت له النصيحة حول بعض المسائل ولكنه لا يأخذ بنصيحتي وهو ما دفعني إلى رفض دعوته في المرة الاخيرة ولم اذهب إليه والسبب هو مستشاروه الذين قالوا عني كلاما سيئا وطالما هؤلاء هم مستشاروه فلابد أنهم يمثلون مواقفه”.
وفي رده عن السؤال المتعلق بوجود ضغوط من عواصم صناعة القرار العالمي باتجاه تحقيق حل سياسي للأزمة التونسية بحيث تمنع تكرار السيناريو المصري قال السبسي “نعم اظن ذلك لسببين أولهما أنهم يعتقدون بأن تونس هي الشمعة الوحيدة التي مازالت مشتعلة في هذا الربيع العربي المحتمل، والذي يعني اننا أخذنا تعهدا بأن يكون هناك تعايش ديمقراطي، ونحن نسلك في هذا الاتجاه، لأننا جربنا الأنظمة السلطوية وهم يقولون انهم يحبون تشجيع الديمقراطية في الدول العربية و أقرب البلاد للديمقراطية هي نحن وقد رأينا أنه حتى نرسخ نظاما ديمقراطيا يجب ان نسير وفقا لمبدأ حب من حب، وكره من كره والشيء الثاني أننا نطمح لإبراز أن الإسلام ليس متناقضا مع الديمقراطية خاصة وأن هاجسهم الكبير هو الإسلام والإسلاميون”.
المصدر: وكالات