إنتحار .. بقلم: رامي مهداوي

الكاتب: رامي مهداوي

حبيبي خطاب... ولي عهدي
"فإن أسباب الوفاة كثيرةٌ من بينها وجع الحياة" هكذا قال محمود درويش، الغريب بالأمر بان وجع الحياة مصطلح واسع وشامل كل الأوجاع التي في الحياة، ربما الأحداث الأخيرة التي حدثت في مدينة طولكرم قبل عدة أشهر تستدعي الوقوف على هذه الظاهرة.
السبت: انتحار شاب 26سنة من دير الغصون /طولكرم
الاحد: مقتل شابة عمرها 18 سنة من الحي الشرقي/طولكرم
الاثنين : انتحار شاب 17 سنة باقة الشرقية /طولكرم

مساء يوم الأحد الموافق 4-3-2013 إنتحار  شاب يبلغ من العمر 27 سنة، عثر على جثته مشنوقا داخل شرفة منزله في منطقة سنجر جنوب الخليل، وهذا ما جعلني أكتب هذه الرسالة، للأسف أخبار الإنتحار تمر مر الكرام دون تسليط الضوء على الحدث، وكأنه خبر عادي!!

هل تعلم يا ولدي أن ظاهرة الانتحار تنتشر في مجتمعنا الفلسطيني؟! وهي ظاهرة موجودة تأخذ حسب رأيي بالنمو_ علينا النظر الى الإحصائيات_ كنّا نسمع الانتحار كحدث في المجتمعات غير العربيّة، اليوم وصل الإنتحار باب بيوتنا، فمن النّاس من يقتلون أنفسهم لأسباب إقتصادية أو لأسباب نفسيّة، كالاكتئاب الحاد، أو بسبب الخلافات والمشاكل الاجتماعية المتنوعة.

إذن علينا الإعتراف في البداية بأن هذه الظاهرة موجودة لدينا في فلسطين، مع الأخذ بعين الإعتبار أنّ مجلّة "ذي لانست" البريطانيّة الطبيّة، نشرت دراسةً أكّدت فيها أنّ مليون شخص على الأقلّ ينتحرون سنويّاً في العالم، أي ما يعادل حالة انتحار كلّ 40 ثانية، ويشكّل الانتحار عاشر سبب للوفاة حول العالم.

ظاهرة الإنتحار تهدّد أمننا الاجتماعي والأخلاقي والعائلي، على الجميع أن يتكاتف لمحاربة هذا المرض كل حسب إختصاصه المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، الجامع والكنيسة، علينا أن نقف أفراداً وجماعات لمعالجة أسباب هذه الظّاهرة، ووضع الخطط والآليات العمليّة للقضاء على البنية الأساس لها، حفاظاً على قيمنا الإنسانية، ودرء الأخطار الّتي تهدّد الأمن الاجتماعي.

حسب وجهة نظري وخبرتي الشخصية في العديد من اللقاءات التي اجريتها مع شبابنا الرائع من مختلف محافظات الوطن، فإن اليأس والإحباط هم أهم الفايروسات التي تنخر أجساد الشباب، وهذا يعكس بالتالي على السلوك والمعرفة لديهم في فهم الواقع وكيفية التعامل معاه، مما يجعل حالة الضياع والهروب من الذات والواقع بمختلف المستويات هو الوسيلة الأنجح.

يا ولدي.. إذا وصلت مرحلة الإنتحار، فإعلم إنك شجاع لكنك فاشل، وأنا شخصياً لا أريد ان أفقد شخص شجاع، واجه الحياة فأنت شجاع، واجه الحقيقة فأنت شجاع، واجه المرآة لتكتشف بأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة.