الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:49 AM
الظهر 11:26 AM
العصر 2:17 PM
المغرب 4:42 PM
العشاء 6:01 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الأغوار الفلسطينية.. عندما يكون البقاء مقاومة

شبكة راية الإعلامية - مقبل أبو جيش (الإغاثة الزراعية-رام الله)

الأغوار استحقت تسمية سلة غذاء فلسطين لمساحتها الواسعة ( حيث أنها تشكل حوالي 25% من مساحة الضفة الغربية ) وتربتها الخصبة ولوفرة المياه فيها وبالعديد من المقومات والخصائص الأخرى، تلك المنطقة لو تم استغلالها بشكل سليم لشكلت البنية التحتية الأساسية لاقتصاد فلسطيني مستقل.. ولكن للأسف الشديد عانت هذه المنطقة من إهمال كبير من قبل المؤسسات الحكومية والأهلية والدولية والخوف ان يكون هذا الإهمال نابع من اعتبارات جيوسياسية أو مرتبط بأجندة التمويل الخارجي.


    ولابد هنا من توضيح ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من سياسات ممنهجة ضد عروبة الأغوار وكذلك توضيح القصور الفاضح للجهات الفلسطينية الرسمية والأهلية تجاه مناطق الأغوار... فمنذ بدأ الاحتلال الصهيوني للمتبقي من الأراضي الفلسطينية عام 67 استهدف الاحتلال منطقة الأغوار بقصد تدمير وإيقاف التطور السكاني والتنمية الاقتصادية للفلسطينيين من خلال استهداف كامل الخيرات الموجودة بالأغوار وتحويلها لصالح المستوطنات، وبالتالي تفريغ الأغوار من اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، وتحويل المتبقي من المزارعين إلى عمالة رخيصة في المزارع والمصانع المقامة في المستوطنات وذلك من اجل تحويل المزارعين الفلسطينيين إلى عمال أجراء في المستوطنات الإسرائيلية، ليتركوا أرضهم وبالتالي يسهل للمحتلين مصادرتها والاستيلاء عليها.. ومع تشديد الخناق على المزارعين الفلسطينيين بالاغوار اتجهت سياسات معظم الحكومات الإسرائيلية إلى تشجيع الاستيطان واستنزاف كامل المصادر الاقتصادية الفلسطينية الموجودة في الأغوار بما في ذلك الأراضي الزراعية والمياه لصالح تطوير وتنمية الاستيطان وكان من ضمن الإجراءات التي اتبعتها وما زالت تنفذها السلطات الإسرائيلية ما يلي:


(1) مصادرة وعزل مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وخصوصا الاراضي الزراعية الخصبة التي تم انشاء المستوطنات عليها ، وكانت تتم مصادرة الاراضي بحجج مختلفة منها ما تم عزله بالقرب من السياج الحدودي مع الاردن عام 67 ومنها ما تم عزله خلف الجدار الذي انشأ حديثا بعد انتفاضة الاقصى، بالاضافة للمساحات المصادرة بحجة انها مناطق عسكرية والتي هي بالغالب أراضي مراعي وبالتالي حرمان مربي الثروة الحيوانية من الرعي في تلك المساحات.


(2) منع التطور العمراني في معظم مساحات الأغوار فمنذ عام 67 تمنع قوات الاحتلال سكان الأغوار من البناء أو حتى القيام بأي إضافات على بيوتهم القائمة، ومن يتابع ما يحدث بالأغوار يلاحظ قيام قوات الاحتلال سنويا بهدم البيوت والمنشآت الزراعية من اجل تضييق الخناق على المزارعيين الفلسطينيين من اجل دفعهم لترك الاغوار والهجرة الى باقي اجزاء الضفة الغربية ، ولا ننسى بان قوات الاحتلال قامت بهدم تجمعات سكانية كاملة بعد عام 67 كما حصل في تجمعات الدير والساكوت بالاغوار الشمالية.


(3) عملت قوات الاحتلال على تدمير الثروة الحيوانية من خلال إغلاق مساحات واسعة من الأراضي الرعوية وزرع الالغام في تلك المناطق مما ادى انفجارها الى سقوط العديد من الشهداء والجرحى معظمهم من الاطفال لانهم غير قادرين على تميز هذه الالغام ،وكذلك هدم الحظائر الخاصة بالثروة الحيوانية وفي السنوات الاخيرة ولتنفيذ سياسة التهجير قامت قوات الاحتلال بالتنكيل بالرعاة واحتجازهم ومصادرة بطاقات الهوية الخاصة بهم وفي كثير من الأحيان مصادرة الثروة الحيوانية التي يملكونها بحجة دخولها إلى مناطق عسكرية مغلقة حيث تم عرضها للبيع اوتغريم اصحابها غرامات باهظة.. هذا عدا عن مشاكل أخرى كالارتفاع المستمر بأسعار الأعلاف وانتشار الأدوية المغشوشة وضعف الخدمات الإرشادية المقدمة من قبل المؤسسات الحكومية والأهلية، مما ادى الى تراجع الثروة الحيوانية بشكل كبير بالاغوار.


(4) السيطرة وتدمير محطات التجارب الزراعية كما حصل في محطة التجارب المقامة في الجفتلك ، بالاضافة الى ذلك فان قوات الاحتلال تمنع انشاء اي محطة للتجارب في مناطق الاغوار مما يؤدي الى ضعف التطور بالقطاع الزراعي بالاغوار وانعدام الابحاث والتجارب التي تساهم في تطور القطاع الزراعي.


(5) عزل مناطق الأغوار عن الضفة الغربية حيث عملت قوات الاحتلال وخصوصا في السنوات العشر الأخيرة على:

  • تشديد الحصار على الأغوار من خلال الحواجز المقامة على كافة الطرق المؤدية اليه وبالتالي فصل الأغوار عن باقي أجزاء الضفة الغربية.
  • انشاء خندق من عين البيضاء شمالا حتى قرية فروش بيت دجن بالاغوار الوسطى بعمق يزيد عن 3 امتار مما عزل الاف الدونمات وحرم مربي الثروة الحيوانية من استغلال المراعي في تلك المنطقة
  • منع معظم أصحاب الأراضي الذين لا يحملون بطاقة الأغوار من الوصول إلى أراضيهم الزراعية مع العلم ان هناك الكثير من الاراضي الزراعية بالاغوار المملوكة لفلسطينيين من محافظات مختلفة من الضفة الغربية  منعتهم قوات الاحتلال من الوصول الى اراضيهم ،وكذلك تم منع وصول العمال الفلسطينيين من خارج الأغوار للعمل في الاراضي الزراعية، وكل ذلك من اجل جعل المالكين ترك أراضيهم الزراعية وعدم زراعتها وبالتالي عدم وجود تواجد سكاني من المالكين او من العمال ليسهل على السلطات الإسرائيلية فرض التسوية المناسبة لها عند فرض الحل النهائي.
  • إغلاق معبر بردلا الممر الوحيد لتسويق المنتجات الزراعية إلى أراضي 48.
  • عزل وتدمير السياحة في مناطق الأغوار من خلال السيطرة على البحر الميت ومنع تطوير المرافق السياحية وإغلاقها في بعض الأحيان كما حصل في تجمع المالح بالقرب من طوباس الذي كان يحتوي على ينابيع معدنية ساخنة ويوجد فيه العديد من المرافق السياحية ولكن عملت قوات الاحتلال على تدميرها وإغلاقها.
  • إعاقة تسويق المنتجات الزراعية بالأغوار إلى الأسواق العربية والإسرائيلية وحتى إلى مناطق الضفة الغربية.

(6) السيطرة على مصادر المياه :نظرا لأهمية المياه في تحقيق التنمية المستدامة فقد عملت قوات الاحتلال ومنذ بدء احتلالها للأغوار على السيطرة على مصادر المياه الرئيسية وفي هذا المجال فقد عملت قوات الاحتلال على الآتي:

  • حرمان الفلسطينيين من حصتهم في نهر الأردن والتي تبلغ 250 مليون متر مكعب من المياه سنويا، وقيامها باستغلال هذه المياه من خلال ضخها لصالح المستوطنات الإسرائيلية لغرض ري الأراضي الفلسطينية الزراعية التي تم مصادرتها من أصحابها، بالإضافة لإنشاء البرك الضخمة بمحاذاة نهر الأردن لتخزين المياه فيها واستغلالها في أوقات الصيف وكل هذه الاجراءات اصبحت تهدد بقاء البحر الميت حيث يلاحظ انخفاض مستوى مياه البحر الميت بشكل سنوي.
  • عزل وتدمير عشرات الآبار الجوفية التي يمتلكها المزارعون الفلسطينيون ومنع حفر آبار جديدة مما أدى إلى تراجع المساحات الزراعية وبالتالي حرمان آلاف العائلات الفلسطينية من مصدر رزقها وهجرتها من مناطق الأغوار إلى باقي أجزاء الضفة الغربية.
  • السيطرة على مصادر المياه الجوفية من خلال حفر المزيد من الآبار الجوفية على أعماق كبيرة وذلك بهدف تجفيف الآبار والينابيع التي يستغلها المزارعون الفلسطينيين لإجبارهم على ترك هذه الأراضي والهجرة منها-- وبخصوص الآبار الجوفية المتبقية لدى المزارعين الفلسطينيين-- فقد قامت قوات الاحتلال بتحديد كميات الضخ منها بواسطة عدادات يتم مراقبتها بحيث لا يسمح بتجاوز كمية الضخ المسموح بها.
  • عزل معظم المناطق ذات الكفاءة في تخزين المياه بحجج مختلفة أما بحجة انها مناطق عسكرية مغلقة أو بأنها محميات طبيعية.. أو لغيرها من الأسباب.
  • تلويث مصادر المياه العذبة وذلك من خلال تسرب المياه العادمة التي مصدرها مجاري المستوطنات الإسرائيلية.
  • منع الفلسطينيين من استغلال البحر الميت الذي يعتبر من المناطق السياحية المشهورة عالميا والغني بالكثير من العناصر المعدنية والأملاح  ذات الجدوى الاقتصادية الفائقة..
  • ومن الملاحظ ان الاجراءات الاسرائيلية الهادفة للسيطرة على المياه ادت إلى تراجع واضح في مساحة الأراضي الزراعية وكذلك إلى تراجع زراعة بعض الأصناف من المزروعات ذات الجدوى الاقتصادية الكبيرة كالحمضيات والموز والنخيل لشح مصادر المياه وبالمقابل يلاحظ ان هناك توسع لدى المستوطنات الإسرائيلية في مساحة الأراضي المزروعة وتوسع في زراعة  نفس المحاصيل التي تتراجع لدى المزارعين الفلسطينيين وهي النخيل والحمضيات وذلك بسرقة المياه من المزارعين الفلسطينيين.

(7) منع إنشاء مشاريع البنية التحتية كالطرق والمدارس وشبكات مياه الشرب والمراكز الصحية حيث تمنع قوات الاحتلال الموافقة على اي مشروع  في البنية التحتية وفي بعض الحالات التي تم الموافقة فيها على انشاء مشروع للبنية التحتية فقد استغرق ذلك اربعة سنوات كما حصل في مدرسة الجفتلك ، وبسبب نقص الخدمات الصحية بالاضافة للاجراءات التعسفية التي تقوم بها سلطات الاحتلال على الحواجز العسكرية المقامة على مداخل الاغوار فقد حدثت العديد من حالات الوفاه على الحواجز الاسرائيلية والعديد من حالات الاجهاض للحوامل ، وبالمقابل تعمل قوات الاحتلال على توفير كافة الخدمات المطلوبة للمستوطنات من الكهرباء ومياه الشرب وشبكات المجاري والمواصلات وشبكات الهاتف مع العلم أن الخدمات الصحية والتعليمية ومياه الري تقدم مجانا للمستوطنين بالأغوار وباقي الخدمات تقدم باسعار رمزية.. ونرى هناك الكثير من خطط التطوير التي تقوم بها الحكومات الإسرائيلية المتعاقية لدعم الاستيطان بالأغوار وخصوصا بعد الانسحاب من قطاع غزة حيث لوحظ التوسع بالعديد من المستوطنات وانشاء البنية التحتية المناسبة لانشاء المستوطنات ، ومن الأمثلة على الخطط الهادفة الى تشجيع الاستيطان بالاغوار قرارات المجلس الوزاري المنعقد للشؤون الاجتماعية والاقتصادية بتاريخ 21/7/2005 والذي خصص 145 مليون شيكل لسنوات 2006-2008 لتطوير الزراعة بالأغوار وفي الجلسة ذاتها تم قرار توسيع مشروع تشجيع الأزواج الشابة للسكن في مناطق الأغوار.

 

(8) قامت القوات الإسرائيلية بشق شبكة من الطرق الرئيسية وذلك من اجل تسهيل الربط مابين الاراضي المحتلة عام 48 ومناطق الاغوار من اجل تشجيع الاستيطان بالاغوار ومن الأمثلة على ذلك شارع 90 التي يربط شمال الأغوار مع جنوبه إلى داخل أراضي 48 وكذلك طريق عابر السامرة الذي يربط الأغوار بعمق الأراضي المحتلة عام 48.
    ومن المعروف والمؤكد ان  الإجراءات الإسرائيلية في مناطق الأغوار تهدف إلى تشجيع الاستيطان والسيطرة على الارض والمياه ودمج الاغوار مع الاراضي المحتلة عام 48  من خلال إنشاء مشاريع صناعية وزراعية وسياحية وتقديم كامل الخدمات المطلوبة لتحسين مستوى معيشة المستوطنين الغرباء في مناطق الأغوار وبالتالي زيادة عدد المستوطنات وتقليل عدد الفلسطينيين-- بما يشبه التطهير العرقي--

 

ان الأخطار المحدقة بالأغوار واضحة للعيان ويعرف بها كل صناع القرار والمسئولين الفلسطينيين الأمر الذي يطرح سؤالا لابد من الإجابة عليه.. ماذا عملنا نحن الفلسطينيون لمواجهة المخططات الإسرائيلية ، ماذا عملنا لتعزيز صمود المزارعين الفلسطينيين ، هل قمنا بوضع خطة استراتيجية تقوم المؤسسات الحكومية والاهلية بتنفيذها ،اين كبار المستثمرين من قضية الأغوار..؟؟ أم ان امتصاص مدخرات المواطنين بالأسواق المالية أسهل لهم ، ام ان الاستثمار في نظرهم هو نزع ملكية الفلاحين من أراضيهم  بشرائها بأسعار رخيصة  كما يحصل حاليا في الأغوار والذي يتساءل المواطنون عن الغاية من ورائه، أين المؤسسات والشركات الوطنية التي تحقق الأرباح الهائلة سنويا من جيوب المواطنين..؟؟ أين دور المؤسسات الحكومية والأهلية في عملية التنمية المفترض القيام بها في مناطق الأغوار..؟؟ أم ان البعض يعتبر نهج تقديم الدعم والمساعدات الفردية وبدون عدل ولا وحدة معايير هو نهج مقاوم..!! ( بينما هو في الحقيقة يعزز من انعدام الثقة بين ذوي الاحتياجات وبين صناع القرار )، أين هي المؤسسات الدولية من عملية تنمية قدرات وإمكانيات مزارعي الأغوار العرب.. ولماذا لا تقوم بدورها .. هل هي أيضا تخضع للأجندة الإسرائيلية .


   ويدور في أدمغة مزارعينا الفلسطينيين الصامدين في مناطق الأغوار العديد من الأسئلة الهامة الموجه لكل الجهات المسئولة عن عملية التنمية في فلسطين.. هل سيبقى حالنا كما هو باهمال الاغوار وترك المحتلين الإسرائيليين ينجحون في تنفيذ مخططاتهم..؟؟ ، أم سنرى قريبا خطة استراتيجية من قبل المؤسسات الحكومية والاهلية تهدف الى المساهمة في تعزيز صمود المزارعين في مناطق الأغوار.. أم أصبحت أهم أولوياتنا الاقتتال من اجل سلطة واهية مقسمة لا حول لها ولا قوة.. وندفن بأيدينا المشروع الوطني التحرري الذي قدمنا جميعا التضحيات الجسام في دربه من اجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، الدولة الخالية من كامل المستوطنات الإسرائيلية ليتمتع شعبنا وأرضنا بكامل السيادة، ونسيطر على كامل خيراتنا من ارض ومياه

Loading...