خاص| لماذا ربطت "إسرائيل" نفسها بحادثة إطلاق النار في سيدني؟
في سياق تصاعد الغضب العالمي على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن تحركات أمنية يقودها جهاز “الموساد” منذ أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تمثلت في إرسال رسائل وتحذيرات إلى عدد من الدول الأوروبية، إضافة إلى أستراليا، تزعم ارتفاع ما تصفه إسرائيل بـ“معاداة السامية”، وربطها بحالة التضامن المتزايدة مع الفلسطينيين.
وبحسب مصدر أمني إسرائيلي رفيع، فإن الموساد حذّر من وجود جهات “تنشط لتنفيذ هجمات” ضد مؤسسات يهودية، في محاولة لربط أي توتر أمني محتمل بإيران تارة، وبالفصائل الفلسطينية ونشاطها في أوروبا تارة أخرى. ويأتي ذلك بالتزامن مع تركيز إسرائيلي لافت، عقب أي حادث أمني في الخارج، على خطاب “موجة الكراهية المتصاعدة” ضد اليهود.
ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي علاء الرماوي أن إسرائيل تحاول توظيف أي حدث أمني يقع خارج حدودها لإيصال رسالتين أساسيتين؛ الأولى تتعلق بالسعي إلى ضرب ما تسميه “البيئة الحاضنة للتعاطف مع الفلسطينيين”، خاصة في ظل تنامي ميول الشباب الأوروبي نحو تبني الرواية الفلسطينية، والثانية محاولة إعادة الاعتبار لصدقية الرواية الإسرائيلية التي تعرضت لهزيمة واضحة خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
ويشير الرماوي إلى أن الإعلام العبري ركّز خلال الأيام الماضية على ضرورة استعادة السيطرة على الخطاب الإعلامي في أوروبا، بعد أن أظهرت استطلاعات ومؤشرات إسرائيلية أن ما يقارب 60% من الشباب الأوروبي باتوا متأثرين بالرواية الفلسطينية، فيما تصل نسبة من يصدقون هذه الرواية في أوساط الشباب الأوروبي والأمريكي إلى نحو 80%، وفق تقديرات إسرائيلية.
وفي هذا السياق، لفت الرماوي إلى أن المؤسسة الأمنية والسياسية في إسرائيل باتت تدرك أن المشاهد القادمة من غزة، وحجم الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، خلقت بيئة عالمية غاضبة قد تنعكس بردود فعل تجاه الإسرائيليين واليهود، وهو ما يدفع تل أبيب إلى توسيع استخدام خطاب “معاداة السامية” كأداة سياسية وإعلامية.
وحول تصريحات بنيامين نتنياهو التي ربط فيها أحداث أستراليا بمواقف حكومتها المتقدمة نسبيًا تجاه القضية الفلسطينية، أوضح الرماوي أن نتنياهو “يصطاد في المياه العكرة”، في محاولة للضغط على الحكومات التي سمحت بالتظاهرات الداعمة لفلسطين أو أبدت انفتاحًا على فكرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأضاف أن تصريحات الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ووزراء في الحكومة، والتي حمّلت البيئة السياسية في أستراليا مسؤولية ما جرى، تعكس توجهًا إسرائيليًا واضحًا لتعميم هذا الخطاب، ليس فقط في أستراليا، بل في بريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى.
ويخلص الرماوي إلى أن إسرائيل تحاول إغراق أوروبا بسردية “الضحية”، في وقت تُظهر فيه التفاعلات على وسائل الإعلام الغربية، وحتى في التعليقات الشعبية، تحميلًا مباشرًا لإسرائيل مسؤولية ما يجري، وهو ما يعكس حجم التآكل الذي أصاب الرواية الإسرائيلية في الرأي العام الغربي.

