"قضايا في المواطنة" برعاية "REFORM"
التمكين والحماية والعدالة: ثلاثية مواجهة العنف ضد المرأة في فلسطين
رام الله – راية
في حلقة جديدة من برنامج "قضايا في المواطنة"، تناولت عبر "راية" موضوعًا بالغ الأهمية، تحت عنوان "التمكين، الحماية، العدالة: ثلاثية مواجهة العنف ضد المرأة في فلسطين".
واستضاف البرنامج، الذي تنتجه مؤسسة "REFORM"، شخصيتين بارزتين في المجال الحقوقي والاجتماعي: المحامية روان أبو غزة، مسؤولة ملف المناصرة في مركز الإرشاد النفسي والاجتماعي للمرأة، والمستشارة ريما شبيطة، المتخصصة في قضايا النوع الاجتماعي والسياسات العامة.
افتتحت المحامية روان أبو غزة حديثها بالتأكيد على أن حملات التوعية مثل حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف ضد النساء تمثل منصة عالمية لتسليط الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات، خصوصًا في ظل ظروف الاحتلال والعنف المركب الذي يواجههن، والذي يشمل العنف الاستعماري، العنف المجتمعي، والعنف الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشارت إلى أهمية توثيق الانتهاكات من منظور نسوي فلسطيني، وإبرازها على المستوى الدولي لتكون جزءًا من أدوات الضغط على المجتمع الدولي، إضافة إلى التأكيد على ضرورة وجود سياسات وتشريعات موحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة لضمان وحدة خطاب حقوق المرأة، وتوفير خدمات حماية متكاملة تشمل التوعية والإجراءات الوقائية وأوامر الحماية ومراكز الإيواء.
وحول تأثير العنف على التعليم، لفتت روان إلى أن تعليم النساء في فلسطين أصبح فعل مقاومة يومي، حيث تواجه الطالبات حواجز التفتيش والإغلاقات والاعتقالات المفاجئة، بالإضافة إلى العنف داخل الأسرة الذي يزيد من صعوبة الاستمرار في الدراسة.
وأضافت أن العنف البنيوي والثقافي والاقتصادي يحرم النساء من المشاركة في سوق العمل بشكل متكافئ، ويقود إلى مفارقات صادمة، مثل تفاوت نسبة النساء في التعليم العالي (62%) مقارنة بنسبة تواجدهن في سوق العمل (17–19%).

وتطرقت إلى دور الدولة في حماية النساء، معتبرة أن فلسطين ملتزمة دوليًا باتفاقيات حقوق الإنسان التي تلغي التمييز ضد النساء، لكنها لم تعتمد حتى الآن قانون حماية الأسرة من العنف منذ أكثر من 20 عامًا، رغم وجود بعض الإجراءات الجزئية مثل نظام التحويل الوطني بين الشرطة والمؤسسات الاجتماعية، وتدريبات حماية الأسرة.
وأكدت روان أن التمكين الاقتصادي للنساء المعنفات يعد خط الفاصل بين الاستمرار في العنف والانفصال عنه، فهو يمنح المرأة استقلالية مالية وقدرة على اتخاذ القرار، حماية للأبناء، واستمرارية اجتماعية.
ولفتت إلى أن الوقاية الحقيقية تبدأ من المجتمع المدني والمجتمع المحلي، من المدارس والإعلام واللغة اليومية، لرفع وعي الأسرة والمحيط، وكسر الصمت الذي يبرر العنف.
بدورها، ركزت المستشارة ريما شبيطة على الدور الأساسي للدولة في حماية النساء وضمان العدالة، معتبرة أن غياب التشريعات الفاعلة وتفوق الصلح العشائري على القانون يشكل عائقًا كبيرًا أمام النساء، إذ يجبرهن على الصمت والانسحاب ويجعل العنف أكثر سهولة.
وأوضحت أن الوصول إلى العدالة للضحايا يواجه تحديات كبيرة تتجاوز القانون، وتشمل التهديد المباشر من المعتدي، الضغط العائلي والمجتمعي، والحاجة لتجريم العنف المبني على النوع الاجتماعي بوضوح.
كما شددت على أهمية حماية الشهود والضحايا والحفاظ على السرية، بالإضافة إلى قدرة القضاء على البث السريع واتخاذ إجراءات فعالة ضد مرتكبي العنف، وتجديد العقوبات لمنع التكرار.
ولفتت إلى التحديات التي تواجه مراكز الإيواء، مشيرة إلى أنها غالبًا ما تعاني من نقص التمويل، ضعف القدرة الاستيعابية، وصعوبات وصول النساء إليها، خصوصًا في ظل التوترات الاجتماعية والخوف من الوصمة.

وأكدت أن مراكز الإيواء يجب أن توفر بيئة آمنة، وحماية قانونية ونفسية طويلة المدى، بعيدًا عن التهديد أو الضغط الاجتماعي.
وحول دور المجتمع المدني، شددت ريما على أن الوقاية تبدأ من التوعية وتغيير الأعراف الاجتماعية التي تبرر العنف والتمييز ضد النساء، مشيرة إلى أهمية برامج التوعية المستمرة في المدارس، الإعلام، وتدريب الأئمة والمعلمين، لخلق بيئة تحمي المرأة وتكسر الصمت الاجتماعي.
سلطت هذه الحلقة الضوء على تعقيدات العنف المركب ضد المرأة الفلسطينية، وكيف أن التمكين الاقتصادي، الحماية القانونية والاجتماعية، والعدالة الفعالة، تشكل معًا ثلاثية أساسية لمواجهة هذا العنف.
وأكدت الضيفتان أن، العنف ضد المرأة فلسطينية مركب، يبدأ بالعنف الاحتلالي ويمتد للعنف المجتمعي والثقافي والاقتصادي، وأن التمكين الاقتصادي يمنح المرأة القدرة على اتخاذ القرار والمواجهة، ويقلل من اعتمادها على بيئة عنيفة.
كما شددتا على أن الدولة والمجتمع المدني يجب أن يعملوا بتكامل لتوفير حماية قانونية ونفسية واجتماعية، مع ضمان وصول الضحايا إلى العدالة بأمان، والوقاية تبدأ من تغيير الأعراف الاجتماعية وتعزيز التوعية في المجتمع والمدارس والإعلام، لكسر دائرة الصمت التي تحمي العنف.
واختتمت الحلقة بالتأكيد على أن معالجة العنف المجتمعي تجاه النساء الفلسطينيات ليست قضية نسوية فحسب، إنما جزء لا يتجزأ من النضال الوطني نحو مجتمع أكثر عدالة ومساواة.
تجدر الإشارة إلى أن "قضايا في المواطنة" هو برنامج اجتماعي تُنتجه مؤسسة REFORM ويبث عبر شبكة راية الإعلامية؛ للإسهام في الوصول إلى نظام حكم إدماجي تعددي مستجيب لاحتياجات المواطنين ومستند إلى قيم المواطنة.
فيما يلي الحلقة كاملة: اضغط هنا

