كيف تبني الأم علاقة صحية مع ابنتها في المراهقة؟ أخصائية تجيب لراية
أكدت الأخصائية الإرشادية والتربوية د. لما قنديل أن علاقة الأم بابنتها تُعد من أكثر العلاقات حساسية وتعقيداً، لأنها ترتبط بشكل مباشر بتجارب الأم نفسها وطفولتها وجروحها الداخلية، مشيرة إلى أن البنت غالباً ما تكون انعكاساً دقيقاً لأمها في السلوك والمشاعر.
وقالت د. قنديل في حديث خاص لـ"رايــة" إن علاقة البنت بأمها تحمل خصوصية كبيرة، فالبنت تحتاج إلى حب أبيها لأنه يمثل لها الأمان والسند، لكنها في العمق تبقى أقرب لأمها، خاصة في مرحلة المراهقة التي تحتاج فيها الفتاة لصديقة تقف إلى جانبها وتفهم تفاصيلها.
وأضافت أنه من الضروري أن ندرك أن الأم تنقل بشكل غير واعٍ ما عاشته هي في طفولتها ومراهقتها، موضحة أن الكثير من الأمهات اللواتي تعرضن في صغرهن للتعنيف أو القسوة قد يجدن أنفسهن إما يكررن هذا السلوك مع بناتهن، أو يعوّضن ذلك بالدلال الزائد، وفي الحالتين تكون الأم تتصرف من “جرحها الداخلي” وليس وفق علاقة متوازنة وصحية.
وأشارت إلى أن عدداً كبيراً من الأمهات يعترفن بأنهن يغضبن على بناتهن بسرعة رغم أنهن لا يردن ذلك، موضحة أن رد الفعل هنا لا يرتبط بخطأ البنت، بل بما تحمله الأم داخلها من رواسب وتجارب سابقة. وقالت إن "البنت تعكس دائماً جروح أمها، لأنها ببساطة النسخة الأقرب لها".
وتابعت د. قنديل أن تقييم البنت أو القول إنها تحتاج إلى علاج يجب أن يسبقه تقييم الأم لنفسها وطريقة تعاملها، مؤكدة أن "العلاقة تبدأ من داخل الأم، ومن قدرتها على الاستماع واحتواء ابنتها قبل توجيه أي ملاحظة أو حكم".
وفي ما يتعلق بالعقاب، أكدت أن الأساس هو التناسب بين الخطأ ورد الفعل، وأن البنت تحتاج أن تفهم سبب العقوبة قبل تطبيقها. وقالت إن من الخطأ اللجوء مباشرة للعقاب دون الاستماع، لأن بعض الأخطاء قد ترتكبها الفتاة دون أن تدرك أساساً أنها أخطاء، وهنا يجب أن تسبق العقوبة مرحلة الشرح والتوضيح.
وأوضحت أن أكثر ما يجرح الفتيات في سن المراهقة هو التعنيف اللفظي أو الجسدي، إضافة إلى التهديد المستمر مثل "رح أحكي لأبوك"، معتبرة أن هذا النوع من الضغط يجعل البنت تفقد ثقتها بأمها وتتردد في مشاركتها أسرارها أو مشاعرها. وأضافت أن العقاب القاسي قد يدفع المراهقة إلى الابتعاد بدلاً من الإصلاح.

