خاص| قاعدة عسكرية أمريكية في غزة.. حماية لإسرائيل أم بداية تدويل القطاع؟

في تطور يُعدّ الأبرز منذ عقود في طبيعة العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية، أُعلن عن إقامة قاعدة عسكرية أمريكية دائمة داخل الأراضي المحتلة، في خطوة رأى فيها مراقبون تحوّلًا جوهريًا في ميزان النفوذ بين واشنطن وتل أبيب. وبينما تعتبرها إسرائيل مكسبًا أمنيًا، يرى آخرون أنها مؤشرٌ على تراجع استقلال القرار الإسرائيلي وتحوّله إلى أداة بيد الإدارة الأمريكية.

وفي حديث خاص لـ"رايــة"، اعتبر الخبير في الشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس أن هذه الخطوة تشكّل نقلة نوعية في العلاقات بين الجانبين نحو الأسوأ، وتكشف عن حجم التبعية السياسية والعسكرية لإسرائيل للولايات المتحدة.

قال أبو العدس: "من الواضح أن إقامة القاعدة العسكرية الأمريكية داخل إسرائيل تمثل نقلة نوعية في العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية باتجاه الأسوأ وليس الأفضل. فعندما نتحدث عن قاعدة أمريكية داخل إسرائيل، فإن ذلك يحدث لأول مرة منذ عام 1948، رغم العلاقات القوية جدًا بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية."

وأضاف أن "إسرائيل كانت دائمًا حريصة على أن تُصوّر نفسها شريكًا للولايات المتحدة الأمريكية لا تابعًا لها، لكن هذه القاعدة تُعمّق مسألة التبعية، وتؤكد أن القرار الإسرائيلي أصبح يُدار أمريكيًا بالكامل."

وأشار إلى أن هناك غضبًا وامتعاضًا في الشارع الإسرائيلي من هذه الخطوة، لأن "إسرائيل كانت ترى نفسها دولة شريكة لا تتلقى الأوامر، لكن القاعدة العسكرية الجديدة تضعها في خانة الدول التابعة التي تُنفّذ ولا تُقرّر."

وفيما يتعلق بتأثير هذه الخطط الأمريكية على مستقبل الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة، قال أبو العدس إن الخطط المطروحة تعني انتقاصًا من نفوذ إسرائيل الميداني، موضحًا:

"حتى الآن لا يوجد أي طرح واضح حول من سيدير قطاع غزة أو كيف سيتم نزع السلاح. الولايات المتحدة وإسرائيل لا تملكان رؤية واضحة، وهذا تراجع كبير في مكانة إسرائيل وقدرتها على فرض واقع سياسي."

وأضاف أن الاعتماد على شخصيات هامشية مثل ياسر أبو شباب لإدارة ملف إعادة الإعمار في رفح "يعكس حالة العجز الإسرائيلي وفقدانها للأدوات المؤثرة داخل الشارع الفلسطيني"، مشيرًا إلى أن "هذا الغموض السياسي سينفجر مجددًا لأن إسرائيل لا تملك أي حل سياسي تقدمه لا في غزة ولا الضفة ولا حتى في سوريا."

وعن تأثير القاعدة الأمريكية على خريطة التحالفات في المنطقة، قال المحلل أبو العدس: "هذه القاعدة نقلت إسرائيل من دولة كانت تُعتبر شريكًا للولايات المتحدة إلى دولة تابعة، مثل بعض دول الخليج التي تتلقى الأوامر الأمريكية دون أن تشارك في صياغتها."

وختم بالقول إن "القاعدة العسكرية الأمريكية في إسرائيل تمثل تراجعًا خطيرًا في استقلال القرار الإسرائيلي، وستُحدث أثرًا واسعًا على العلاقة بين تل أبيب وواشنطن وعلى توازنات التحالف في المنطقة."