مسؤولون وخبراء يوصون بتبني استراتيجيات وطنية لترسيخ التربية الإعلامية في ظل الذكاء الاصطناعي
ضمن فعاليات الأسبوع العالمي للتربية الإعلامية والمعلوماتية 2025، نظمت الهيئة الفلسطينية للإعلام وتفعيل دور الشباب "بيالارا"؛ بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، ومكتب منظمة اليونسكو في رام الله ومركز تطوير الاعلام في جامعة بيرزيت والمرصد الفلسطيني للتحقق والتربية الإعلامية "كاشف" ورشة إقليمية افتراضية بعنوان: "التربية الإعلامية والمعلوماتية والذكاء الاصطناعي في العالم العربي: تجارب وسياسات"، بمشاركة نخبة من المسؤولين والخبراء والأكاديميين من فلسطين، والأردن، ولبنان، وتونس، والجزائر، وبحضور حوالي 70 من الناشطين والطلبة والمختصين من العديد من الدول العربية.
وناقش المشاركون خلال الجلسة واقع التربية الإعلامية والمعلوماتية في المنطقة العربية، والسياسات الوطنية المتبعة لتعميم هذا النهج في ظل صعود الذكاء الاصطناعي، مؤكدين أهمية إدماج المهارات الإعلامية في المناهج التعليمية، وتطوير التفكير النقدي، ووضع أطر وأخلاقيات واضحة للتعامل الواعي مع الأدوات الرقمية والذكاء الاصطناعي.
وافتتحت المديرة العامة لبيالارا هانيا البيطار الجلسة بكلمة رحبت فيها بالشركاء والمشاركين، مؤكدة على دور المؤسسة الريادي في ترسيخ مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية في فلسطين، وتنفيذ تدخلات بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي والجامعات الفلسطينية والمؤسسات الأهلية والحكومية، وشددت البيطار على ضرورة تمكين الطلبة والشباب وباقي فئات المجتمع من مهارات الغوص في العالم الرقمي لفهمه ونقده وتوظيفه بطريقة إيجابية.
من جانبه، ثمن، أمين عام وزارة الاتصال الحكومي الأردنية د. زيد النوايسة ، دور بيالارا، مستعرضا التجربة الأردنية في تبني نهج التربية الإعلامية منذ وقت مبكر، مشيرا إلى أن الأردن يسير بخطوات واثقة عبر الخطة الوطنية لتعميم التربية الإعلامية، وكشف عن خطط لإطلاق ثلاث مدن للتربية الإعلامية عام 2026، بعد نجاح "قافلة التربية الإعلامية" التي استفاد منها مئات المعلمين وآلاف الطلبة في مختلف محافظات المملكة.
أما مدير مركز الاتصال الحكومي الفلسطيني، د. محمد أبو الرب، فقد استعرض واقع التجربة الفلسطينية في إدماج مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية في المناهج الدراسية، مشيرًا إلى أن فهم الحياة التفاعلية والرقمية أصبح ضرورة أساسية لتلبية احتياجات الطلبة في ظل الانغماس المتزايد في العالم الرقمي.
وأكد أبو الرب أن التعليم التفاعلي والرقمي يمثل اليوم ركيزة أساسية لبناء مهارات الطلبة في عصر التكنولوجيا المتسارعة، داعيًا إلى التركيز على إنتاج محتوى تفاعلي يسهم في تعزيز الوعي النقدي والمسؤول لدى المتعلمين. كما شدّد على أهمية تبنّي وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية لنهج مصادر التعلم المفتوحة في عدة مدارس كجزء من استراتيجيتها لتطوير بيئة تعليمية منفتحة ومواكبة للتحولات الرقمية العالمية.
وفي السياق ذاته، أشار عميد معهد الإعلام الأردني د. زياد الرفاعي إلى أهمية التدريب وبناء القدرات في تعزيز فكر التربية الإعلامية، مؤكداً أن إنتاج المحتوى الإعلامي الواعي جزء جوهري من هذا النهج، وأشاد بالاستراتيجية التي تعمل على أساسها الأردن لمتابعة جهود نشر التربية الإعلامية والمعلوماتية.
من جانبها، أكدت الأستاذة نبال ثوابتة من مركز تطوير الإعلام بجامعة بيرزيت ضرورة تعزيز مهارات التعامل مع المحتوى الرقمي في مختلف التخصصات الأكاديمية، وأشارت إلى أهمية الاستفادة من التجارب المختلفة، فيما استعرضت الدكتورة وهبية غالي من تونس تجربة بلادها في توسيع نطاق التربية الإعلامية بالشراكة مع اليونسكو من خلال تأسيس نواد مدرسية للصحافة تهدف إلى تعزيز التفكير النقدي لدى الطلبة.
كما قدمت الأستاذة ربا أبو عمو من لبنان رؤية حول جهود نشر التربية الإعلامية في البرامج والمبادرات الشبابية في لبنان، مشيرة إلى أهمية الشراكات مع الجامعات والمعاهد لتعميم المفهوم وتطوير مبادرات في التفكير النقدي والوعي الرقمي على مستوى المؤسسات الأهلية والعامة.
وفي مداخلتها من الجزائر، شددت د. سعاد قراندي من جامعة الجزائر 2 أبو القاسم سعد الله؛ على ضرورة تعزيز مهارات البحث والتحقق لدى الشباب لمواجهة المحتوى المضلل المنتشر في البيئة الرقمية، بينما أكدت مسؤولة التواصل في مكتب اليونسكو برام الله هلا طنوس أن التربية الإعلامية والمعلوماتية تمثل أحد الأعمدة الرئيسة في عمل المنظمة، كونها تربط مهارات الاتصال والثقافة بالتفكير النقدي الواعي، معربة عن اعتزاز اليونسكو بالشراكة مع المؤسسات العربية لنشر هذا الفكر.
وقد أدار اللقاء مسؤول العلاقات العامة ومشرف برنامج التربية الإعلامية والمعلوماتية في بيالارا الإعلامي حلمي أبو عطوان، الذي أكد بدوره أهمية بناء حراك إقليمي عربي موحد لتعزيز التربية الإعلامية والمعلوماتية، وتبادل الخبرات بين الدول والمؤسسات.
وفي مداخلته؛ أشار ممثل وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية ثائر ثابت إلى جهود الوزارة في هذا المجال على صعيد المدارس والجامعات، مشيراً إلى أهمية التعاون مع المؤسسات الشريكة في بناء قدرات المعلمين وتطوير موارد ومناهج تعليمية تتناسب مع التحول الرقمي المتسارع، وتأصيل روح التعاون العربي – العربي في هذا المجال وتثبيت هذا التعاون على الخريطة المعرفية العالمية.
وفي مداخلة لها تحدثت مديرة مرصد كاشف رهام أبو عيطة عن أهمية هذه الجلسة الافتراضية التي تأتي في سياق حراك فلسطيني فاعل تجسد في الأسبوع العالمي للتربية الإعلامية والمعلوماتية وضرورة الاستفادة من الجهد ومأسسته وتعزيزه على أرض الواقع.
وفي ختام الورشة، خرج المشاركون بعدد من التوصيات الرئيسة، أبرزها:
إقرار استراتيجيات وطنية لتعميم نهج التربية الإعلامية والمعلوماتية في العالم العربي.
تعزيز التشبيك والتعاون الإقليمي بين المؤسسات الأكاديمية والأهلية والرسمية في هذا المجال.
الانتباه إلى الآثار المتسارعة للذكاء الاصطناعي على الوعي الجمعي، ووضع أخلاقيات للتعامل معه.
تمكين الطلبة والمعلمين من مساحات معرفية حوارية تتيح التفكير والتأمل في قضايا الإعلام الرقمي.

