خاص| المدعية العسكرية التي سرّبت مشاهد تعذيب أسير فلسطيني.. من “كاشفة الحقيقة” إلى معتقلة بتهمة تشويه صورة الجيش
في تطور مثير داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، أُعيد اعتقال المدعية العسكرية التي سرّبت شريطًا صادمًا يظهر عمليات تعذيب واعتداء جنسي بحق أحد الأسرى الفلسطينيين.
القضية التي هزّت الرأي العام الإسرائيلي تحولت من نقاش حول الانتهاكات بحق الأسرى إلى جدل واسع حول تسريب الشريط وسمعة الجيش الإسرائيلي.
وقال الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي محمد علان دراغمة، إن قضية اختفاء المدعية العسكرية الإسرائيلية لا تتعلق بأسرار حساسة تخشى دولة الاحتلال تسريبها، بل مرتبطة أساسًا بتسريب شريط التنكيل بالأسير الفلسطيني في سجن "سيديه تيمان".
وأوضح دراغمة في حديث خاص لـ"رايــة" أن المستوى السياسي في إسرائيل اعتبر أن الشريط ألحق ضررًا بالغًا بصورة جيش الاحتلال ودولة إسرائيل، بعد أن أظهر جنودًا يقومون بأعمال تعذيب واغتصاب بحق أسير فلسطيني.
وأضاف دراغمة أن اعتراف المدعية بتسريب الشريط زاد من حدة الجدل، إذ باتت القضية الآن تتعلق بـ"سمعة الجيش" وليس بانتهاك حقوق الأسرى، مشيرًا إلى أن الإعلام والمؤسسة السياسية والعسكرية في إسرائيل انشغلت في الدفاع عن صورة الجيش بدل التحقيق في الجرائم نفسها.
وبيّن أن المدعية قالت إنها سرّبت الشريط "من أجل الحفاظ على إنفاذ القانون داخل الجيش الإسرائيلي"، غير أن القضية تضخمت بفعل الاستقطاب السياسي الحاد بين الائتلاف الحكومي والمعارضة، خاصة في ظل الخلافات حول ما يسمى "الإصلاح القضائي".
وأشار دراغمة إلى أن المدعية العسكرية تعتبر نفسها مسؤولة عن حماية جنود الجيش من الملاحقة الدولية، إذ إن التحقيق الداخلي في الجرائم العسكرية – وفق القانون الدولي – يعفي إسرائيل من المساءلة أمام المحاكم الدولية.
وتابع أن هذا الجدل كشف عمق الانقسام داخل إسرائيل، إذ بات الائتلاف الحاكم معاديًا لكل ما يتصل بالجهاز القضائي، سواء المدني أو العسكري، مشيرًا إلى أن الشرطة العسكرية واجهت احتجاجات حين حاولت اعتقال الجنود المتورطين في تعذيب الأسير الفلسطيني.
وحول مصير المدعية العسكرية، أوضح علان أنها تواجه اليوم تهمًا إضافية بعد اعتقالها، بينها التشويش على سير التحقيق، وذلك بعد فقدان هاتفها الشخصي الذي يُعتقد أنه يحتوي على معلومات مهمة.
وأضاف أن المدعي العسكري السابق أيضًا اعتُقل بشبهة معرفته بعملية التسريب دون الإبلاغ عنها، مشيرًا إلى أن المحكمة الإسرائيلية ستقرر اليوم تمديد توقيفها أو الإفراج عنها، لكن المرجح أن يتم تمديد احتجازها إلى حين اتضاح ملابسات القضية.
وختم علان حديثه لراية بالقول إن هذه الحملة الواسعة ضد المدعية تأتي بعد تحريض سياسي وإعلامي كبير داخل إسرائيل، حيث يتهمها قادة اليمين بتنفيذ "عملية تشويه مدروسة لصورة الجيش الإسرائيلي".

