أحكام قاسية بحق شبان عرب على خلفية هبة الكرامة
فرضت المحكمة المركزية في حيفا، اليوم الأربعاء، السجن 60 شهرا على نور واكد و58 شهرا على آدم عمر و56 شهرا على راني طريف وشادي محمود و50 شهرا على جوان زبيدات.
كما فرضت المحكمة غرامة مالية قدرها 40 ألف شيكل على كل واحد من الشبان وهم من مدينة حيفا باستثناء راني طريف من قرية يركا في منطقة الجليل، شمالي البلاد.
وأصدرت المحكمة قرارها هذا على الشبان على خلفيّة مشاركتهم في أحداث هبّة الكرامة التي اندلعت في البلدات العربية داخل أراضي 1948 آنذاك ضد العدوان على غزة واقتحام المسجد الأقصى ومحاولات تهجير سكان حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، واعتداءات المستوطنين على مواطنين عرب في البلاد، في شهر أيار/ مايو 2021.
ويُشار إلى أن الشبان جميعًا كانوا في الحبس المنزلي لفترات متفاوتة، باستثناء آدم عمر وراني طريف، إذ بقيا رهن الاعتقال لغاية قرار المحكمة اليوم.
خلفية القضية
كانت النيابة العامة الإسرائيلية قد وجهت إلى الشبان في بداية التحقيقات تهمًا وُصفت بأنها "أعمال إرهاب"، إلى جانب "محاولة التسبب بإصابة خطيرة ليهودي".
لكن هيئة الدفاع نجحت خلال المداولات القضائية في إقناع المحكمة بشطب تهمة "الإرهاب"، لتصبح التهمة الموجهة إليهم "الاعتداء على خلفية قومية"، وهو ما اعتبره المحامون إنجازًا قانونيًا بعد أكثر من ثلاث سنوات من الملاحقة القضائية.
ظروف التحقيق وانتزاع الاعترافات
تؤكد عائلات المتهمين وهيئة الدفاع أن الاعترافات التي استندت إليها النيابة انتُزعت تحت الضغط والتعذيب.
وقالت رباب واكد، والدة المعتقل نور واكد، في حديث لـ"عرب 48" إن "ابني تعرض لتحقيقات قاسية وغير إنسانية، حيث أوهمه المحققون بأنه فقد والدته في حادث طرق، وعرضوا أمامه صورة سيارة تحمل لوحة ترخيص تخص العائلة. أصيب بصدمة نفسية جعلته يوقع على اعترافاته تحت الضغط".
وأضافت واكد أن ابنها "فقد نحو 12 كيلوغرامًا من وزنه خلال فترة التحقيق، وظهرت على معصميه آثار تقييد واضحة"، مؤكدة أن ظروف احتجازه كانت "قاسية ومهينة وتخالف المعايير القانونية والإنسانية".
مواقف هيئة الدفاع
من جانبه، قال المحامي حمودي مصري، الموكل بالدفاع عن نور واكد، إن "الأحكام التي صدرت جائرة رغم إسقاط تهمة الإرهاب".
وأضاف مصري أن "المحكمة أقرت أن موكلينا لم يُدانوا بأي عمل إرهابي، وهذا أمر أساسي في هذه القضية. ما جرى في حيفا كان نتيجة اعتداءات من مجموعات متطرفة ضد سكان عرب، ورد فعل الشبان كان دفاعًا عن أنفسهم وبيوتهم بعد أن تعرضوا لهجوم منظم".
بدوره، أوضح المحامي أمير أبو حاطوم، الموكل بالدفاع عن شادي محمود، لـ"عرب 48"، أن موكله "اعتُقل لمدة سنة ونصف، ثم خضع لسنتين من الحبس المنزلي قبل صدور الحكم"، مشيرًا إلى أن المحكمة "برأته من تهمة الإرهاب، وأدانته فقط بتهمة جنائية تتعلق بالاعتداء".
وأضاف أبو حاطوم: "سنتقدم بطلب لإدخال المحكومين إلى سجون مدنية عادية وليست أمنية، لأنهم لم يُدانوا بالإرهاب، ومن غير المنصف أن يُعاملوا كمعتقلي أمن".
عدد من الشبان من حيفا يقضون أحكامًا متفاوتة على خلفية هبة الكرامة
هذه القضية تأتي ضمن سلسلة من الملفات التي طالت عشرات الشبان من البلدات العربية في أراضي 1948 عقب هبة الكرامة في أيار/ مايو 2021، والتي شهدت اعتداءات من مجموعات يمينية متطرفة على السكان العرب في مدن مثل اللد، وعكا، ويافا، وحيفا.
ولا يزال عدد من الشبان من حيفا يقضون أحكامًا متفاوتة على خلفية تلك الأحداث، من بينهم آدم إسكافي المحكوم بـ8 أعوام، ويزن حرب المحكوم بـ7 أعوام.
وعلى الرغم الأحكام القاسية التي صدرت، اعتبر محامو الدفاع أن إسقاط تهمة "الإرهاب" يمثل "انتصارًا جزئيًا"، لأنه غيّر من طبيعة الملف القانونية وأزال عنه الطابع الأمني عنه.
محاكمة المئات من الشبان العرب على خلفية هبة الكرامة
وكانت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن العام (الشاباك) قد نفذا حملة اعتقالات ضد مئات الشبان من المجتمع العربي على خلفية الاحتجاجات ضد العدوان على غزة واقتحام المسجد الأقصى ومحاولات تهجير سكان حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، واعتداءات المستوطنين على مواطنين عرب في البلاد، في شهر أيار/ مايو 2021.
ومما يذكر أن النيابة العامة الإسرائيلية أعلنت، مؤخرا، عن تقديم 397 لائحة اتهام ضد 616 متهما، غالبيتهم العظمى من العرب، ورُبعُهُم قاصرون، على خلفية أحداث هبة الكرامة في أيار/ مايو 2021، والتي جاءت احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على غزة في العملية التي سُميت إسرائيليا بـ"حارس الأسوار"، والتي سبقتها اعتداءات قوات الأمن الإسرائيلية في القدس في رمضان من العام ذاته.
وذكرت النيابة العامة في التقرير أن المتّهمين الـ616 والذين تبلغ نسبة العرب من بينهم 89%، قد اعتُقِلوا منذ نيسان/ أبريل 2021، لافتة إلى أنه "خلال الفترة المذكورة، تمّ تقديم لوائح اتهام بشأن 108 أحداث ضدّ 239 متهمًا في ظروف مشددة لعمل إرهابيّ أو دوافع عنصرية، 85% منهم (عرب) و15% يهود".
المصدر: عرب 48

