كمدخل للتعافي الوطني وإعادة الإعمار
"قضايا في المواطنة" يناقش مستقبل السلم الأهلي في غزة وضرورة بناء عقد اجتماعي جديد

خاص - راية
ناقشت حلقة جديدة من برنامج «قضايا في المواطنة» الذي تبثه إذاعة "راية" مستقبل السلم الأهلي في قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، وسبل تعزيز الثقة المجتمعية وبناء عقد اجتماعي جديد يقوم على العدالة والمواطنة المتساوية.
وجاءت الحلقة ضمن سلسلة حلقات خاصة تتناول أثر العدوان الإسرائيلي على النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وكيفية النهوض بالمجتمع الغزي في ظل الأزمات المتراكمة التي خلفتها الحرب.
الدكتور طلال أبو ركبة: العدالة شرط لبناء السلم الأهلي واستعادة الثقة المجتمعية
قال الباحث والمحلل السياسي الدكتور طلال أبو ركبة إنّ النقاش حول السلم الأهلي في غزة اليوم لا يمكن فصله عن السياق العام لما جرى خلال العدوان، مؤكدًا أنّ المجتمع يعيش حالة من التفكك العميق نتيجة الحرب الطويلة وما خلّفته من دمار وفقدان وثقة مهزوزة بين الناس والمؤسسات.
وأوضح أنّ العدالة تشكّل المدخل الأساسي لأي عملية ترميم للسلم الأهلي، لأنّ غيابها يعني استمرار الشعور بالظلم وفقدان الثقة بالدولة وبالمجتمع في آن واحد.
وأضاف: «لا يمكن الحديث عن تعافٍ مجتمعي دون محاسبة ومصارحة، فالمصالحة لا تُبنى على النسيان بل على مواجهة الحقيقة».
وأشار أبو ركبة إلى أنّ غزة بحاجة إلى مشروع وطني جامع يتجاوز الانقسام السياسي، ويعيد بناء العلاقة بين المواطن والسلطة على أساس الحقوق والمسؤوليات، وليس على قاعدة الولاء الحزبي أو المناطقي.
واعتبر أن غياب مؤسسات الحكم الرشيد وتعطّل النظام القانوني ساهم في تآكل مفهوم المواطنة وخلق حالة من الفوضى الاجتماعية.
وقال: «من دون عقد اجتماعي جديد يُعيد تعريف العلاقة بين المواطن والدولة على أساس المساواة والكرامة، لن يكون هناك سلم أهلي مستدام».
وختم بالقول إنّ إعادة الثقة تبدأ من العدالة ومن إصلاح التعليم والإدارة والخدمات العامة، لأنها تشكل البنية الأخلاقية للسلم الأهلي في أي مجتمع.
عبد المنعم الطهراوي: إعادة الإعمار تبدأ من الإنسان.. والتعليم بوابة نحو الاستقرار
من جانبه، شدّد الباحث الاجتماعي عبد المنعم الطهراوي على أنّ الحديث عن السلم الأهلي بعد الحرب يجب أن ينطلق من الإنسان نفسه، لا من البنية المادية، موضحًا أن إعادة الإعمار لا تقتصر على بناء الحجر، بل على ترميم القيم والثقة والعلاقات التي دمّرتها الحرب.
وقال الطهراوي إنّ المجتمع الغزي يعاني من إرهاق نفسي واجتماعي عميق، وإنّ إعادة بناء النسيج الاجتماعي تحتاج إلى جهود تربوية وثقافية متواصلة.
وأضاف: «لا يمكن أن نتحدث عن استقرار أو سلم مجتمعي في ظل جيل فقد الأمان والتعليم وفرص الحياة الكريمة».
ورأى أن المدارس والجامعات يجب أن تكون منطلقًا للمصالحة الداخلية، من خلال ترسيخ قيم التسامح والانفتاح والنقاش البنّاء، معتبرًا أنّ التعليم هو الركيزة الأولى لأي مشروع وطني يهدف إلى تجاوز الانقسام والعنف.
وأكد الطهراوي أن العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص شرط أساسي لمنع تفجر الأزمات المستقبلية، وأنّ المجتمع بحاجة إلى رؤية جديدة تُعيد تعريف دور المؤسسات المجتمعية والأهلية في دعم السلم الأهلي بعيدًا عن الخطابات الشعاراتية.
وفي ختام الحلقة، تم التأكيد على أنّ المجتمع الغزي أمام مرحلة دقيقة تتطلب مراجعة شاملة لمنظومته القيمية والثقافية بعد سنوات الحرب والانقسام.
كما تم التأكيد على أن النقاش حول السلم الأهلي يجب أن يكون جماعيًا ومفتوحًا أمام مختلف المكونات الاجتماعية.
وويهدف برنامج «قضايا في المواطنة» إلى خلق مساحة حوار مجتمعي صادق، تسهم في ترسيخ مفاهيم العدالة والمواطنة المتساوية، وتعيد الاعتبار للإنسان كقيمة عليا في عملية الإعمار والبناء.
تجدر الإشارة إلى أن "قضايا في المواطنة" هو برنامج اجتماعي تُنتجه مؤسسة REFORM ويبث عبر شبكة راية الإعلامية؛ للإسهام في الوصول إلى نظام حكم إدماجي تعددي مستجيب لاحتياجات المواطنين ومستند إلى قيم المواطنة.
فيما يلي الحلقة كاملة: