الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:25 AM
الظهر 12:24 PM
العصر 3:35 PM
المغرب 6:06 PM
العشاء 7:21 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

إصلاح جاد.. رحلة فكر ونضال لامرأة أعادت صياغة الخطاب النسوي

في حلقة جديدة من برنامج "ضيف الرايـــة" عبر أثير شبكة رايـــة الإعلامية، استضافت الإعلامية آلاء مرار الأكاديمية والباحثة الفلسطينية الدكتورة إصلاح جاد، أستاذة النوع الاجتماعي والتنمية في جامعة بيرزيت، ومؤسسة معهد دراسات المرأة، ومنسقة مرصد بيرزيت للعدالة الاجتماعية، في حوار غني تناول محطات حياتها العلمية والنضالية، وتجربتها الرائدة في بناء الوعي النسوي الفلسطيني الحديث.

في حديثها، قالت جاد إنها انطلقت من القاهرة، حيث ولدت ونشأت في كنف جدتها، مشيرةً إلى أن طفولتها كانت "حافلة بالفضول والمعرفة"، إذ بدأت منذ سنواتها الأولى بقراءة الصحف المصرية ومتابعة الشأن العام، مما زرع فيها بذور الوعي السياسي المبكر.

التحقت لاحقاً بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وهناك بدأ انخراطها الحقيقي في العمل السياسي والتنظيمي عقب هزيمة عام 1967، عبر منظمة الشباب، حيث شاركت في التدريب والتثقيف والإسعافات الأولية، مؤكدة أن تلك التجربة "شكّلت الوعي السياسي والاجتماعي لجيل كامل".

وخلال المقابلة، قارنت جاد بين جيلها السياسي القديم وجيل اليوم، معتبرة أن "الثقافة السياسية العميقة تراجعت أمام ثقافة الاستهلاك السريع عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، مشيرة إلى أن العمل السياسي سابقاً كان قائماً على القراءة والنقاش والتفاعل الإنساني، بينما بات اليوم مقتصراً على النشاط الافتراضي، ما أضعف الحضور الميداني للشباب في الشارع العربي.

بعد تخرجها، انتقلت جاد في رحلة دراسية وعملية طويلة شملت بيروت، عمّان، بريطانيا، وفرنسا، حيث أنهت دراستها العليا وعملت في منظمة اليونسكو، قبل أن تعود إلى فلسطين عام 1979 بتصريح زيارة. تروي جاد لحظة دخولها الأرض المحتلة قائلة: "كانت المواجهة الأولى مع الاحتلال صادمة ومليئة بالتوتر، لكنها كانت أيضاً لحظة حلم طال انتظاره، أن أكون أخيراً في فلسطين."

عملت جاد في بداياتها مترجمة لصحيفة الأيام، قبل أن تلتحق بجامعة بيرزيت عام 1994، حيث ساهمت في تأسيس برنامج دراسات المرأة الذي تطوّر لاحقاً إلى أول برنامج ماجستير عربي في هذا المجال عام 1998.

وتشير إلى أن تأسيس البرنامج لم يكن سهلاً، إذ واجه مقاومة فكرية واجتماعية، واتهامات بأنه "أجندة غربية تهدف لتفكيك الأسرة الفلسطينية"، موضحة أنها واجهت تلك الانتقادات بالحوار والتوضيح: "هدفنا لم يكن تحطيم الأسرة، بل تقويتها في مواجهة الضغوط والتمييز والاحتلال."

وسلطت الضوء على تحوّلات الحركة النسوية الفلسطينية، موضحة أن مرحلة ما بعد اتفاق أوسلو شهدت تراجعاً في العمل الجماهيري وتحول النشاط النسوي إلى مشاريع ممولة قصيرة الأمد، قائلة: "حين تحوّل العمل النسوي إلى مشاريع محددة المدة والجمهور، فقد روحه الجماهيرية والتنظيمية، وأصبح خطوة إلى الوراء في مسار التحرير الوطني والاجتماعي."

وعن كتابها "نساء على تقاطع الطرق"، أوضحت جاد أنه يوثق تاريخ الحركة النسوية الفلسطينية منذ بدايات القرن العشرين وحتى ما بعد أوسلو، محللاً مراحل النهوض والتراجع، كما يتناول بروز الحركة النسوية الإسلامية كفاعل اجتماعي جديد، مؤكدة أن "النظر إلى النساء الإسلاميات كتابعات للرجال كان حكماً نمطياً غير دقيق، فلهن نشاط واسع ومؤثر في الساحة الفلسطينية."

وتحدثت عن تجربتها في المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة واليونسكو، مشيرة إلى أن هذه المؤسسات غالباً ما تتعامل مع فلسطين بمعايير لا تراعي واقعها الاستعماري، قائلة: "لا يمكن قياس وضع المرأة الفلسطينية بمسطرة المجتمعات المستقلة، فنحن نعيش تحت احتلال يجعل أولويتنا حماية النساء من تبعات القمع والعدوان."

وفي رؤيتها للواقع الحالي، أكدت جاد أن النساء في غزة يدفعن "الثمن الأكبر للاحتلال"، مشيدة بدور النساء الفلسطينيات والعربيات في الشتات في حملات المناصرة الدولية وفضح الجرائم الإسرائيلية، ومؤكدة أن "العمل الميداني والتنظيمي يظل أكثر تأثيراً من كتابة التقارير الأممية."

واختتمت اللقاء بدعوة إلى استمرار النضال النسوي ضد كل أشكال التمييز، قائلة: "طالما هناك من يعتقد أن النساء ناقصات عقل ودين، أو أقل كفاءة في اتخاذ القرار، فالنضال لم ينتهِ بعد. هدفنا هو مجتمع يرى المرأة إنساناً كاملاً في الحقوق والواجبات."

بهذه الكلمات، اختتمت الدكتورة إصلاح جاد حوارها، مجسدةً صورة المرأة الفلسطينية التي تجمع بين الفكر والعمل، بين التحليل الأكاديمي والموقف النضالي، لتبقى نموذجاً مضيئاً في مسيرة التحرر والعدالة والمساواة.

Loading...