في يوم المعلم العالمي.. المعلم الفلسطيني بين صمود التحدي وضيق المعيشة
خاص - راية
في يوم المعلم العالمي، يتجدد الحديث عن المعلم الفلسطيني الذي يواصل أداء رسالته التربوية رغم تعاظم التحديات السياسية والاقتصادية، ومعاناته اليومية في بيئة تعليمية تتغير بسرعة، وسط التحول نحو التعليم الرقمي وتدهور الأوضاع المعيشية.
وأكد رفعت الصبّاح، رئيس الحملة العالمية للتعليم ومدير مركز إبداع المعلم، في حديث لإذاعة “راية”، أن هذا اليوم لا يُعد احتفاءً رمزياً، بل هو “شهادة حية على صلابة المعلم الفلسطيني الذي يواجه الحرمان من غلاء المعيشة والرواتب المنقوصة، ويخوض معركة البقاء اليومية بكرامة وإصرار”.
وقال الصبّاح إن المعلم الفلسطيني “يحرس الوعي قبل أن يلقن المعرفة”، مشدداً على أنه لا يمكن إصلاح منظومة التعليم أو تحسين نوعيته إلا عبر تعزيز مكانة المعلم وتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية له.
رواتب منقوصة ومعيشة قاسية
أوضح الصبّاح أن الواقع المعيشي الصعب “حوّل حياة المعلم إلى صراع يومي”، داعيًا إلى صرف الرواتب كاملة ومنتظمة وتعويض المعلمين عن غلاء المعيشة المتراكم، بما يضمن لهم حياة كريمة واحتراماً لمكانتهم الإنسانية والاجتماعية.
كما طالب بـ توفير الحماية القانونية والدولية للمعلمين والمدارس، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جرائم بحق الكوادر التربوية، حيث استشهد نحو 14 ألف معلم في قطاع غزة وأُصيب أكثر من 22 ألفاً، إلى جانب الاعتداءات والاعتقالات المستمرة بحق المعلمين في الضفة الغربية والقدس.
رمز وطني تراجعت مكانته
وأضاف الصبّاح أن المعلم الذي كان رمزاً وطنياً وموضع احترام المجتمع، بات اليوم يعيش “ظروفاً قاسية تمس مكانته الاجتماعية والاقتصادية”، لافتاً إلى أن الضغوط المتزايدة أضعفت صورته في المجتمع.
وطالب باعتماد نظام رخصة مزاولة المهنة وتفعيل رتب المعلمين، بما يكفل كرامتهم ويعزز الاستقرار الوظيفي والتطوير المهني المستمر، ويحفزهم على الابتكار والإبداع في التعليم.
المعلم شريك في القرار وليس منفذًا
وشدد الصبّاح على أن المعلمين يجب أن يكونوا “شركاء حقيقيين في صناعة القرار التربوي”، لا مجرد منفذين لتعليمات وزارية، مشيراً إلى أن إشراكهم في صياغة الرؤية التعليمية وتقييم الخطط الاستراتيجية “يعزز الثقة ويحولهم إلى جزء من الحل لا من المشكلة”.
كما دعا إلى مشاركة مجتمعية واسعة في صياغة الرؤية الوطنية للتعليم، تضم الأهالي والمؤسسات المحلية، لضمان أن تبقى العملية التعليمية مرتبطة بالهوية الفلسطينية واحتياجات المجتمع.
المعلمون في المناطق المهمشة.. مواجهة مزدوجة
وأشار الصبّاح إلى أن المعلمين في المناطق المصنفة (ج) والمناطق القريبة من المستوطنات يواجهون انتهاكات يومية من قبل الاحتلال، تشمل الاعتداء والاعتقال ومنع الوصول إلى المدارس.
وأكد على ضرورة توثيق هذه الانتهاكات والتشبيك مع المؤسسات الدولية العاملة في مجال حماية التعليم، مشيدًا بحضور الأمين العام للتعليم الدولي احتفال اليوم العالمي للمعلم في رام الله، والذي وصفه بأنه “رسالة تضامن مهمة مع معلمي فلسطين”.
إصلاح فلسفة التعليم
وختم الصبّاح بالتأكيد على أن التعليم في فلسطين بحاجة إلى “فلسفة تربوية جديدة قائمة على التفكير النقدي والحوار”، مشددًا على أن الكتاب المدرسي لا يجب أن يقيد المعلم، بل أن يكون أداة تفاعلية تعزز السؤال لا الجواب، قائلاً: “المنهاج الحقيقي هو المعلم نفسه، لأنه من يصنع الوعي ويزرع القيم، رغم كل ما يواجهه من صعاب”.