خاص | الاستثمار الزراعي في فلسطين: الواقع والتحديات والفرص
في مقابلة مطوّلة، استضاف برنامج "نبض الاقتصاد" الذي يبث عبر شبكة رايـــة الإعلامية وزير الزراعة الفلسطيني البروفيسور رزق سليمية، للحديث عن القطاع الزراعي في فلسطين "الواقع والتحديات والفرص" أهمية الاستثمار فيه، ومدى مساهمته في الاقتصاد الوطني الفلسطيني.
وقال الوزير سليمية، إن القطاع الزراعي ليس قطاعًا ماليًا فقط، بل هو قطاع صمود وتحدٍّ يرتبط بالأرض والمياه، وهما عنصران أساسيان في الصراع القائم. لذا، لا بد من النظر إلى هذا القطاع من زاوية شمولية.
وأوضح الوزير أن نسبة الـ6% المتداولة لمساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي تعتبر "مجحفة"، لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار الزراعة المنزلية والنشاط الزراعي القروي، وهما عنصران مهمان في الاقتصاد الفلسطيني.
وأكد الوزير سليمية في حديثه لـ "رايـــة" أن هناك واردات زراعية بقيمة 3.5 مليار شيكل تتعلق بالزراعة، منها 300-400 مليون شيكل أعلاف، و600 مليون شيكل فواكه مستوردة، ما يفتح المجال للاستثمار المحلي البديل.
وفيما يلي نص مقابلة وزير الزراعة البروفيسور رزق سليمية عبر شبكة رايـــة الإعلامية، مرفق بمقطع فيديو للمقابلة كاملة:
أولاً: مساهمة القطاع الزراعي في الاقتصاد الوطني
س: وفق الإحصاءات الرسمية، تراجعت مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين من نحو 20% عام 1993 إلى أقل من 6% قبل عدة أعوام، ثم عادت لترتفع خلال العامين الماضيين لتصل إلى ما بين 8% و9%.
السؤال الأول: هل الاستثمار الزراعي مجدٍ ماليًا للأفراد والشركات أم يتطلب رأس مال ضخم لتحقيق العائد؟
رد وزير الزراعة:
القطاع الزراعي ليس قطاعًا ماليًا فقط، بل هو قطاع صمود وتحدٍّ يرتبط بالأرض والمياه، وهما عنصران أساسيان في الصراع القائم. لذا، لا بد من النظر إلى هذا القطاع من زاوية شمولية، إذ يُعد ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، ويملك فرصًا واعدة للاستثمار.
إذا تم استثمار الموارد الطبيعية والبشرية المتوفرة بطريقة سليمة، يمكن تحقيق مستوى مقبول من الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
حول دقة الإحصاءات الرسمية:
أوضح الوزير أن نسبة الـ6% المتداولة لمساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي تعتبر "مجحفة"، لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار الزراعة المنزلية والنشاط الزراعي القروي، وهما عنصران مهمان في الاقتصاد الفلسطيني. وأشار إلى أن هذه المنهجيات الحسابية غير الدقيقة تُستخدم على مستوى الوطن العربي أيضًا، ما يؤدي إلى التقليل من أهمية هذا القطاع واعتباره ثانويًا.
مثال من الأردن:
بعد جائحة كورونا، أشارت الإحصاءات الرسمية إلى أن مساهمة الزراعة في الناتج المحلي بلغت 3%-4%، لكن دراسة مستقلة بيّنت أن النسبة الحقيقية تصل إلى 25%. وهذا يعكس خللاً في منهجيات الاحتساب الدولية التي لا تعكس واقع الزراعة المحلي بدقة.
أمثلة عملية:
في قطاع الزيتون، تشير الأرقام إلى وجود أقل من 9 ملايين شجرة زيتون، في حين أن الواقع يُظهر وجود 13 مليون شجرة، ما يعكس خللًا في البيانات الرسمية، وكذلك الحال في مساحات الأراضي للزيتون.
هذا الخلل يؤثر سلبًا على مكانة الزراعة في السياسات الاقتصادية ويقلل من حجمها في حسابات الناتج المحلي.
السؤال الثاني: هل العقلية الاستثمارية الفلسطينية محصورة في الإنتاج الخام أم تمتد نحو الصناعات الزراعية؟
أكّد الوزير أن الزراعة يجب أن تُفهم كـ"سلسلة إنتاجية" تبدأ من البذور وتنتهي بالتسويق والتصدير، وتشمل الصناعات الغذائية كجزء أصيل من المنظومة الزراعية.
منظومة الاستثمار الزراعي تتكون من ثلاث ركائز أساسية:
التمويل الزراعي
التأمين الزراعي
التسويق الزراعي
مدخلات الإنتاج الزراعي:
لا تتوفر في فلسطين صناعات أساسية لإنتاج المدخلات الزراعية، ومنها:
البذور
المبيدات
الأسمدة
الأعلاف
اللقاحات البيطرية
أدوات النحل
بيئات الزراعة (كالبيتموس والبيرلايت)
أسباب غياب هذه الصناعات يمكن أن تعزى للأسباب التالية:
اعتبار الاستثمار في هذه المجالات محفوفًا بالمخاطر.
غياب ثقافة الإنتاج مقابل ثقافة التجارة السريعة.
عدم وجود بيئة حاضنة للمشاريع الإنتاجية الزراعية.
الاعتماد على الاستيراد من إسرائيل.
عدم وجود خطة وطنية شاملة للإنتاج المحلي الزراعي.
أمثلة من دول الجوار:
في الأردن، توجد 36 شركة لإنتاج البذور، تُصدّر إلى أكثر من 60 دولة.
في المقابل، لا توجد أي شركة لإنتاج البذور أو الأسمدة في فلسطين.
الأعلاف كمثال حيوي:
تُعد الأعلاف من أعلى خمس واردات فلسطينية من الخارج.
مصانع الأعلاف تعتمد كليًا على مدخلات مستوردة لعدم وجود محاصيل علفية محلية مدعومة.
يمكن التغلب على ذلك من خلال زراعة محاصيل علفية مدعومة حكوميًا، ما يدعم صناعة الأعلاف ويقلل الاعتماد على الخارج.
التحديات الأخرى:
1. التأمين الزراعي:
الزراعة قطاع عالي المخاطر.
شركات التأمين لا تغطي أضرار اعتداءات الاحتلال والمستوطنين.
تم تطبيق تأمين جزئي على بعض المحاصيل (التمور، العنب، الدواجن، العجول)، بالشراكة مع الحكومة ومؤسسات دولية مثل أوكسفام. حيث يوجد حالياً شركتي تأمين / قطاع خاص تعملان في التأمين الزراعي وهذه خطوة مهمة جداً.
2. التمويل الزراعي:
ضعف الميزانية الحكومية:
لم تتجاوز حصة الزراعة 1% من الموازنة منذ عام 1993 حتى اليوم، رغم أهمية القطاع في مواجهة الاستيطان وتعزيز الأمن الغذائي.
وبالرغم من ذلك فقد أنجزت الحكومة العديد من الملفات على سبيل الأمثلة:
تم تطوير مؤسسة الإقراض الزراعي وإعادة هيكلتها، وتقليص الكادر الوظيفي من 58 إلى 26.
تم توقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي / IFAD لتمويل مشاريع زراعية بقيمة 27 مليون دولار، منها 12 مليون قروض لمشاريع صغيرة ومتوسطة.
تم تنفيذ مشروع بقيمة 14 مليون شيكل لتعويض 373 مشروعًا زراعيًا.
مشروع آخر بقيمة 33 مليون دولار لتقديم 350 منحة استثمارية مباشرة في الزراعة.
التسويق الزراعي:
تم تطوير الشركة الأردنية الفلسطينية للتسويق الزراعي، وتحويلها من شركة خاسرة إلى مستقرة ماليًا.
خصصت الحكومة الأردنية 33 دونمًا في منطقة دير علا، أنشئت فيها محطة للتخزين والتعبئة والتغليف.
تم تخصيص 25 دونمًا في أريحا لتأسيس محطة فلسطينية للتخزين والتبريد بهدف تجاوز مشكلة التصدير عند إغلاق الجسور.
سيتم لاحقًا خصخصة الشركة وفتحها أمام القطاع الخاص تدريجيًا.
الاستثمار في مناطق (ج):
الاستثمار في المناطق المصنفة (ج) يُعد عالي المخاطر نظرًا لتهديدات الاحتلال.
لكنه أيضًا يوفر عوائد عالية، إلى جانب دوره الوطني في تثبيت الوجود الفلسطيني.
الوزير أكد أن هناك واردات زراعية بقيمة 3.5 مليار شيكل تتعلق بالزراعة، منها 300-400 مليون شيكل أعلاف، و600 مليون شيكل فواكه مستوردة، ما يفتح المجال للاستثمار المحلي البديل.
نموذج ناجح: قطاع النخيل
الإنتاج المتوقع: 25,300 طن من التمور.
قدرة التخزين المتوفرة حاليًا: 10,000 طن فقط.
السوق المحلي لا يستوعب أكثر من 5,000 طن.
النتيجة: خطر فقدان المحصول عند إغلاق المعابر والجسور لعدم توفر مرافق تخزين كافية. وبالتالي يوجد فرص للإستثمار في قطاع التخزين والمبردات.
مبادرات قادمة:
سيتم عقد مؤتمر قادم مع القطاع الخاص لمناقشة فرص الاستثمار والفجوات الإنتاجية.
الوزارة أعدّت خارطة طريق تتضمن:
نقص في الخضروات: البطاطا، البصل، الثوم.
نقص في الفواكه: الفواكه الحجرية والتفاحيات (الدراق، المشمش، البرقوق، النكتارين).
المحاصيل الحقلية والعلفية
مشاكل في قطاع النحل
أفكار استثمارية مقترحة:
إنشاء مصانع أسمدة ومبيدات محلية.
إقامة صوامع تخزين أفقية في المدن لتخزين القمح والشعير وغيرها من المحاصيل الحقلية والعلفية.
إعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة.
الإستثمار في التخزين والمبردات
استثمار 1000 دونم في زراعة محاصيل علفية تخدم مصانع الأعلاف.
الاستيراد وتأثيره على المزارعين:
استيراد اللحوم لتخفيض الأسعار قد يؤدي إلى عزوف مربي الأغنام عن الإنتاج، مما يترك الأراضي عرضة للاستيطان.
الوزير شدد على أن الرعاة يحافظون على الجبال والمناطق الرعوية، وتخليهم عن المهنة يشكل خطرًا استراتيجيًا على الأرض.
إنتاج زيت الزيتون:
من المتوقع أن يكون إنتاج هذا العام هو الأضعف منذ عام 2009، إذ يُقدر بين 7,000 – 8,000 طن فقط.
الوزارة أطلقت حملة قطف الزيتون بالتعاون مع الجهات المختصة.
لم يُتخذ قرار بشأن استيراد زيت الزيتون بعد.