أمير قطر بالأردن.. زيارة استراتيجية في ظل تحديات إقليمية متصاعدة

تحمل زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، إلى العاصمة الأردنية عمان، اليوم الأربعاء، دلالات سياسية واستراتيجية بالغة الأهمية، خاصة أنها تأتي في توقيت حساس تمر فيه المنطقة العربية بظروف أمنية وسياسية معقدة.
وتكتسب هذه الزيارة طابعا يتجاوز الأعراف الدبلوماسية التقليدية، إذ يُنتظر أن تحظى باستقبال شعبي ورسمي واسع، ما يعكس عمق العلاقات بين البلدين، ويؤكد على أهمية التنسيق الأردني القطري في مواجهة التحديات الإقليمية، وعلى رأسها التصعيد الإسرائيلي الأخير.
وتأتي زيارة الأمير تميم بعد أيام قليلة من انعقاد القمة العربية والإسلامية الطارئة في الدوحة، وبعد الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مبانٍ سكنية في العاصمة القطرية، ضمت قياديين من حركة حماس. هذا التزامن يمنح الزيارة بعدا إضافيا، ويجعلها نقطة تحول في مسار العلاقات الثنائية، كما يرى مراقبون.
ويشير المحلل السياسي سلطان حطاب إلى أن الربط الذي أجراه الملك عبد الله الثاني في خطابه بالقمة بين العدوان على غزة والهجوم على قطر، يعكس وحدة الموقف بين عمّان والدوحة، ويمنح الأردن دعامة قوية لتعزيز دوره الإقليمي والدولي.
ويرى حطاب أن التنسيق السياسي المستمر بين البلدين قد يشكل نواة لتشكيل موقف عربي جماعي قادر على التصدي للتحديات الأمنية، والحد من التهديدات التي تطال مصالح الأردن والمنطقة. كما أن التحرك القطري يعزز قدرة الأردن على مواجهة المخططات الإسرائيلية، ويضع إمكانيات قطر في خدمة الموقف العربي المشترك.
من جهته، أكد رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق، جواد العناني، أن الزيارة كانت مقررة قبل الهجوم الإسرائيلي على قطر، إلا أن أهميتها تضاعفت بعده، مشيرا إلى أن خطاب الملك في القمة عزز من موقف قطر، وفتح المجال أمام تعاون أوسع بين البلدين في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
الزيارة، بحسب العناني، تحمل رسائل سياسية واضحة، أبرزها التأكيد على أن أمن الدول العربية مترابط، وأن التضامن بين الأردن وقطر يمثل نموذجا للعمل العربي المشترك في ظل تصاعد المخاطر في فلسطين وسوريا ولبنان.
كما يرى أن الأردن، إلى جانب مصر، مؤهل للعب دور محوري في ترسيخ الاستقرار الإقليمي، خاصة مع الدعم القطري الذي يمنح عمّان مصداقية أكبر في المحافل الدولية.
السفير القطري في عمّان، الشيخ سعود بن ناصر بن جاسم آل ثاني، شدد على أن زيارة الأمير تميم تحمل رسائل واضحة في تعزيز التشاور السياسي، ودفع التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والتعليم والاستثمار. كما أكد أن القضية الفلسطينية تتصدر أولويات التنسيق بين البلدين، وأنهما يعملان بشكل مشترك لتخفيف معاناة سكان غزة عبر إيصال المساعدات الإنسانية والطبية.
تعود جذور العلاقات الأردنية القطرية إلى ما قبل استقلال قطر عام 1971، حين استقبلت الدوحة كوادر أردنية في قطاعات متعددة. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1972، شهدت الروابط بين البلدين تطورا مستمرا، وصولا إلى تنسيق إستراتيجي في القضايا الإقليمية الكبرى.