خاص| التسرب المدرسي يتفاقم في فلسطين.. أسباب أمنية واقتصادية وتحديات تربوية
تفاقمت ظاهرة التسرب المدرسي في عدد من المدارس الفلسطينية خلال العامين الماضيين، حيث سجلت إحداها تسرب 30 طالبًا في العام الماضي، فيما تسرب ثلاثة طلاب من الصف الثامن فقط منذ بداية العام الدراسي الحالي.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، استعرض رئيس الحملة العالمية للتعليم ومدير مركز إبداع المعلم، الأستاذ رفعت الصباح، أبرز الأسباب التي تقف خلف هذه الظاهرة المتصاعدة، والحلول الممكنة للحد منها.
وقال الصباح إن الأسباب المؤدية إلى التسرب كثيرة، لكن السبب الأساسي في الفترة الأخيرة يتمثل في الأوضاع الأمنية، خاصة في شمال الضفة الغربية، ناهيك عن الأوضاع الكارثية في غزة.
وأضاف أن الفقر والحاجة إلى العمل نتيجة ارتفاع نسب البطالة، إلى جانب الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، تشكل دافعًا آخر للتسرب، فضلًا عن ظاهرة الزواج المبكر، والصدمات النفسية، وضعف البنية المدرسية، ما يساهم في غياب الدافعية لدى الطلبة.
وأشار في حديثه لراية إلى أن الدراسات والأبحاث أكدت أن الأوضاع السياسية والأمنية المتأزمة تولّد حالات من الإحباط والاكتئاب تؤثر بشكل مباشر على العملية التعليمية. كما أن تراجع الأوضاع المعيشية للمعلمين وتأخر الرواتب وتجزيئها انعكس على أدائهم وفقدانهم للشغف، وهو ما ألقى بظلاله على الطلبة.
وأوضح الصباح أن جائحة كورونا وما تبعها من حرب وإغلاقات متكررة لأكثر من 90 مدرسة في شمال الضفة ومناطق بدوية، ضاعفت من الخسارات التعليمية، خصوصًا مع التحول المفاجئ من التعليم الوجاهي إلى التعليم عن بعد دون وجود بنية تحتية أو رؤية ممنهجة لهذا النمط.
وبيّن أن الفاقد التعليمي كان واضحًا حتى قبل هذه الأزمات، إذ وصلت نسبة الطلاب الذين لا يجيدون القراءة والكتابة في الصف الرابع إلى نحو 40%، ومع تراكم الأحداث ازداد حجم الخسارات التعليمية، ما أدى إلى فقدان الرغبة في التعلم، وبالتالي ارتفاع معدلات التسرب، خاصة في الصفوف الإعدادية.
وفيما يتعلق بالمناهج، قال الصباح إن الطلبة يواجهون مللًا بسبب المناهج التقليدية، وإن غياب التحديث يجعلها غير ملائمة للعصر الحالي. وأوضح أن التعليم عن بعد يُستخدم فقط عند الأزمات الأمنية، دون تطوير منظومة التعليم الإلكتروني بشكل متكامل، ما يحول دون الاستفادة منه كأداة تعليمية دائمة.
وأضاف أن هذا النقص في الرؤية والفلسفة التربوية يؤدي إلى تراكم الفجوات التعليمية، خاصة في المرحلة الابتدائية بمجالي القراءة والكتابة، ما يساهم لاحقًا في التسرب المدرسي، إلى جانب تردي الأوضاع الاقتصادية للأهالي التي تفرض أعباء إضافية على العملية التعليمية.