الآلاف معرضون للموت
مسؤول صحي لراية: غزة على أعتاب كارثة كبرى شبيهة بـ"مجاعة أفريقيا"
خاص - راية
في ظل الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من شهرين، أطلق الدكتور أحمد الفرا، مدير مستشفى الأطفال والولادة في مجمع ناصر الطبي بخانيونس، صرخة إنسانية محذراً من كارثة متصاعدة تهدد حياة أكثر من 2.3 مليون مواطن، بينهم 600 ألف طفل دون سن العاشرة، معرضون لخطر الموت البطيء نتيجة الجوع والعطش وانعدام الرعاية الصحية.
وقال د. الفرا لـ"رايــة" إن الوضع في قطاع غزة بلغ مستويات كارثية غير مسبوقة، حيث لم تدخل أي مساعدات من الغذاء أو الدواء أو المياه أو المستلزمات الطبية منذ أسابيع، وسط استمرار القصف واستهداف المنشآت المدنية.
وأضاف: "غزة أصبحت سجناً كبيراً. بعد احتلال مدينة رفح، التي كانت تمثل شرياناً غذائياً مهماً، والمناطق الشرقية من خانيونس التي كانت مورداً أساسياً للخضار، باتت كافة مصادر الغذاء مدمرة. المعلبات نفدت، الطحين غير متوفر، المخابز أغلقت والمياه شبه معدومة".
وأكد الفرا أن المأساة الصحية تتعمق، قائلاً: "النساء الحوامل يلدن أطفالاً بأوزان منخفضة للغاية، لم تعد تتجاوز 1.5 كيلوغرام في كثير من الحالات، مقارنة بالوزن الطبيعي 3 كيلوغرامات وأكثر، ما يعرض هؤلاء الأطفال الخدج لمضاعفات خطيرة كنقص المناعة، وأمراض الجهاز التنفسي، وتجرثم الدم، في ظل ضعفٍ شديد في الإمكانيات الطبية".
وأشار إلى أن الطواقم الطبية باتت مرهقة، والمواد الطبية شحيحة بشكل خطير. وأضاف: "أول ثلاث سنوات من عمر الطفل هي مرحلة حاسمة في تكوّن الدماغ وتتطلب تغذية غنية بالحديد والعناصر الأساسية. النقص الحاد حالياً يهدد بتأثيرات عقلية وسلوكية دائمة، بل نحن أمام إعدام لجيل كامل من الأطفال الذين وُلدوا في هذه الفترة".
وأوضح د. الفرا أن معدلات سوء التغذية وصلت لمستويات قياسية. وقال: "في السابق، كانت المؤسسات الدولية توفر بعض الدعم، لكن اليوم أغلبها لم تستطع إدخال المكملات الغذائية أو المواد الأساسية. الحالات تصل إلينا متأخرة جداً وفي مراحل خطرة".
وأضاف أن النظام الصحي شبه مشلول، حيث أن 80% من المرافق الصحية أصبحت خارج الخدمة بسبب القصف أو انعدام الموارد، ما أدى لتكدّس في المستشفيات وازدحام يفوق الطاقة الاستيعابية.
وفي ختام تصريحه، أشار الدكتور الفرا إلى تصنيف منظمة الصحة العالمية، مؤكداً أن غزة دخلت المرحلة الخامسة من المجاعة – وهي المرحلة الأكثر خطورة. وحذر قائلاً: "إذا استمر منع دخول الغذاء والمستلزمات الطبية، فنحن على أعتاب كارثة إنسانية شبيهة بما شهده العالم سابقاً في مناطق الجفاف والمجاعة بأفريقيا".
يُذكر أن المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، أعرب خلال زيارته الأخيرة للقطاع قبل ثلاثة أسابيع عن صدمته من حجم الكارثة، قائلاً: "2.3 مليون إنسان في غزة يعيشون الألم الخفي، يكافحون للبقاء أحياء كل 24 ساعة على أمل أن يشرق عليهم فجر اليوم التالي".