خاص| قرار مجلس الوزراء حول حوكمة الهيئات المحلية.. تفاصيله وأثره المتوقع؟

خاص - راية

في إطار سعيه لمعالجة التحديات الهيكلية التي تواجه الهيئات المحلية، صادق مجلس الوزراء الفلسطيني خلال جلسته المنعقدة في 8 نيسان/أبريل 2025 على قرار يقضي بتنفيذ تسوية مالية تشمل 46 هيئة محلية، بهدف تثبيت مديونيتها المتراكمة والمتعلقة بديون الكهرباء والمياه.

ويأتي القرار ضمن مبادرة حكومية شاملة تهدف إلى إصلاح منظومة الحكم المحلي وتعزيز الحوكمة المالية والإدارية.

وتُقدّر قيمة الديون المستحقة على الهيئات المحلية من قطاعي الكهرباء والمياه بحوالي 400 مليون شيكل حتى تاريخ 30 يناير 2024، ما يشير إلى حجم الأزمة المتفاقمة منذ سنوات، والتي تتطلب حلولًا مالية وقانونية عاجلة.

قراءة حكومية في خلفيات القرار

وفي حلقة خاصة من برنامج "قضايا في المواطنة"، الذي يُنتج بالشراكة مع مؤسسة REFORM ويُبث عبر شبكة "راية" الإعلامية، استعرض د. محمد أبو الرب، مدير مكتب الاتصال الحكومي، خلفيات القرار الحكومي، مشيرًا إلى أن الأزمة ناتجة عن تراكمات طويلة الأمد تشمل مشكلات في الربط الكهربائي مع الشركة القطرية الإسرائيلية، وتأخر الحسم بشأن إنشاء شركة فلسطينية وطنية لنقل الكهرباء.

وأكد أبو الرب أن جزءًا كبيرًا من الأزمة يعود إلى عدم التزام بعض الهيئات المحلية بتحويل أموال الجباية التي تحصل عليها من المواطنين عبر عدادات الدفع المسبق. وأوضح أن العديد من الشركات والبلديات لم تقم بتسديد ما تجبيه، ما فاقم من الديون وفاقم أزمة صافي الإقراض.

التهرب الضريبي وصافي الإقراض

وفقاً لأبو الرب، فإن صافي الإقراض والتهرب الضريبي يُكبد خزينة الدولة سنوياً ما بين 2.5 إلى 3 مليار شيكل، وهو ما يعادل ميزانيات تحويلات طبية ورواتب حكومية لعدة أشهر. وتقوم وزارة المالية، من خلال وحدة صافي الإقراض، بالتفاوض مع الهيئات المحلية لتسوية هذه الديون عبر آليات تشمل تحديد المديونية، وجدولتها، والالتزام بالسداد الشهري.

كما كشف أن إحدى الهيئات وصلت ديونها إلى أكثر من 850 مليون شيكل، وقد تم بالفعل توقيع تسوية أولية شُطبت بموجبها تكلفة خدمات المخيمات التي تتكفل بها الحكومة تاريخياً.

فوائد التسوية وأثرها

وأوضح د. أبو الرب أن البلديات التي تلتزم بالتسويات تصبح مؤهلة للحصول على حق جباية ضريبة الأملاك، حيث تحصل على 86% من العائدات، وتذهب النسبة المتبقية للحكومة، ما يعزز الإيرادات الذاتية للبلديات. كما دعا إلى تعزيز الشفافية المالية كمدخل للحصول على مزيد من مشاريع التطوير والتمويل من صندوق تطوير وإقراض البلديات.

تداعيات الاحتلال وتراجع الإيرادات

أشار أبو الرب إلى أن أكثر من 65% من إيرادات الحكومة تأتي من أموال المقاصة التي يحتجز الاحتلال الإسرائيلي جزءاً كبيراً منها. إضافة إلى تراجع الإيرادات المحلية وزيادة معدلات البطالة، ما وضع الحكومة أمام تحدٍ مالي شهري لتأمين ما يفوق 1.3 مليار شيكل لسداد الرواتب والمخصصات.

دعوات لدعم مجتمعي شامل

من جانبه، شدد الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي أيهم أبو غوش على أن الحكومة الحالية ورثت إرثاً مالياً ثقيلاً، وجاءت كـ"حكومة إنقاذ" تهدف إلى وقف نزيف المال العام. وأكد أن صافي الإقراض تَسبب خلال العقدين الماضيين بخسائر بلغت 20 مليار شيكل، بمعدل مليار شيكل سنوياً.

ودعا أبو غوش إلى دعم جماهيري وإعلامي ومؤسساتي للتوجه الحكومي، مؤكدًا أن الاحتلال يُعد عائقًا رئيسيًا لكنه لا يُبرر التهرب من الجباية الداخلية، مشيرًا إلى إمكانية التوصل لحلول مجتمعية وقانونية لضبط التسرب المالي.

نحو عقد اجتماعي جديد

في ختام الحلقة، تم التأكيد على أن تسوية ديون الهيئات المحلية تمثل اختبارًا حقيقيًا للقدرة على إعادة هيكلة المالية العامة، ووقف النزيف المالي الحاصل. كما تم التأكيد على ضرورة شراكة المواطنين في تحمل المسؤولية من خلال تعزيز ثقافة المواطنة التي تبدأ من الالتزام وتقديم الواجبات قبل المطالبة بالحقوق.

برنامج "قضايا في المواطنة" هو برنامج اجتماعي تنتجه مؤسسة REFORM ويُبث عبر شبكة راية الإعلامية، بهدف المساهمة في بناء نظام حكم تعددي إدماجي، يُلبي احتياجات المواطنين ويرتكز إلى قيم المواطنة والعدالة والمساواة.

لمشاهدة الحلقة كاملة، عبر الرابط التالي: اضغط هنا