"كنعانية".. تعاونية نسوية تُعيد للأكل والتطريز الفلسطيني مجدهما
في زمن التحديات الاقتصادية والظروف القاسية، تبرز مبادرات نسوية فلسطينية تؤمن أن الاقتصاد التعاوني هو السبيل للتمكين والتكافل الاجتماعي.
تعاونية "كنعانية" في بلدة جفنا شمال رام الله، واحدة من هذه النماذج الملهمة، والتي تأسست قبل أكثر من عشر سنوات، لكنها بدأت تستعيد نشاطها بشكل أكبر بعد جائحة كورونا، استجابةً لحاجة النساء لفرص دعم وتمكين جديدة، وسط تضاعف العنف الاقتصادي والأسري خلال تلك المرحلة.
جوسي عبد الله، عضو التعاونية، أوضحت في حديثها لـ"رايــة" أن العمل الجماعي وروح المشاركة هما الأساس في كل ما تقوم به التعاونية، التي تتألف اليوم من نحو 18 سيدة، يعملن بروح واحدة رغم كل التحديات اللوجستية والاقتصادية والمجتمعية.
العودة للاقتصاد التعاوني... استلهام من الماضي لمواجهة الحاضر
جوسي شددت على أن نموذج التعاونيات يعيد إحياء ما كانت تقوم به النساء في الثمانينات: "عندما كانت التعاونيات النسوية قادرة على سد فراغات الإضرابات وتوفير الاكتفاء الذاتي، وحينها كانت النساء عماد الاقتصاد الشعبي."
اليوم، تحاول "كنعانية" إعادة هذا الزخم، من خلال مطبخ كنعانية الذي يُعنى بإحياء الأطباق الفلسطينية التقليدية، ومشغل التطريز الذي يمزج بين التراث الفلسطيني والحداثة، ومخيطتهم الخاصة لتقديم خدمات تصليح وتفصيل الملابس.
دكان "الدويرة".. ملابس معاد تدويرها لدعم النساء والبيئة
أحد أبرز المشاريع التي أطلقتها التعاونية هو دكان "الدويرة"، لبيع الملابس المعاد تدويرها.
تقول جوسي:"نريد أن نكسر ثقافة الخجل من شراء المستعمل، فهي ثقافة استهلاكية خاطئة. الدول المتقدمة سبقتنا في هذا المجال، بينما نحن ما زلنا نربط المظاهر بالقدرة."
"الدويرة" تقدم أيضاً أدوات منزلية وكتباً مستعملة وغيرها، ضمن رؤية بيئية - مجتمعية شاملة، تعزز إعادة التدوير، دعم الأسر المحتاجة، وخلق فرص عمل لنساء جفنا ومخيم الجلزون.
التحديات لا تقف عند التمويل
رغم كل هذه المبادرات، لا تزال التعاونية تواجه صعوبات، أبرزها غياب الاعتراف الرسمي والتسجيل القانوني بسبب الإجراءات والرسوم، بالإضافة إلى محدودية الوصول لكون المركز خارج المدينة، وتحدي توحيد الوعي التعاوني بين العضوات.
"نحن نبحث عن نساء يؤمنّ بالعمل المشترك لا فقط لتحقيق دخل شخصي، بل من أجل التأثير بالمجتمع ومساعدة الأخريات."