خاص| ماذا يعني إعلان الاحتلال استكمال تطويق رفح وانشاء محور "ميراج"؟
في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها العسكرية في قطاع غزة، يبرز تطور لافت يتمثل في الإعلان عن فرض حصار كامل على مدينة رفح، وافتتاح ما يُعرف بـ"ممر ميراج"، نسبة إلى مستوطنة إسرائيلية تم إخلاؤها في عام 2005.
ويأتي هذا الإجراء في إطار استراتيجية ممنهجة يسعى من خلالها الاحتلال إلى تقسيم غزة إلى مناطق معزولة يسهل التحكم بها، سواء لأغراض عسكرية أو مدنية.
وقال وليد حباس، الباحث الرئيسي في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، في حديث خاص لــ"رايــة" إن ما يجري هو تطبيق لخطة إسرائيلية تقوم على تقطيع غزة إلى خمس مناطق على الأقل، بحيث يُعزل كل جزء عن الآخر، وتتم السيطرة عليه وتمشيطه وفق أهداف محددة، سواء بهدف التهجير أو التفكيك الاجتماعي والسياسي".
وأضاف حباس: "محور مراج، الذي كان يُعرف سابقًا باسم ممر صوفا، هو جزء من هذه الاستراتيجية. تم تفعيله مجددًا بعد أن كان قد أُخلي في العام 2005. الهدف منه هو فصل رفح عن خان يونس، وبالتالي التعامل مع رفح كمنطقة منفصلة بالكامل، يمكن إخضاعها وتفريغها من السكان".
وأشار حباس إلى أن هذا المحور "يساعد في تنفيذ مخططات التهجير التي لم تعد سرًّا"، مشددًا على أن "هناك ما يُعرف اليوم داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بمديرية التهجير، والتي تتفاعل بشكل مباشر مع السكان عبر تسجيل من يريد الخروج من غزة، وهناك تقارير عن رحلات غادرت من مطار رامون في النقب نحو الخارج، لكن لا توجد معلومات دقيقة حول من كان على متنها".
وتابع: "هذا التحرك يتكامل مع إعلان وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت عن ضم المنطقة الواقعة بين محور مراج ومحور صلاح الدين – فيلادلفيا – إلى ما يسمى بالمناطق الأمنية. إسرائيل لا تكتفي بتأمين الحدود، بل تسعى لإنشاء شريط أمني داخل أراضي ‘العدو’، كما فعلت في لبنان وسوريا سابقًا، وهو ما يشير إلى تحول في العقيدة الأمنية الإسرائيلية التي لم تعد تؤمن بمبدأ الردع، بل بالسيطرة المباشرة والنزع الكامل لسلاح المقاومة".
وأوضح حباس أن محور صلاح الدين يمثل "الرئة التنفسية لحركة المقاومة في غزة، خاصة لوجود الأنفاق التي كانت تستخدم في تهريب الإمدادات، وهو ما تحاول إسرائيل قطعه تمامًا عبر التوسع الأمني إلى الشمال أيضًا".
وختم حديثه بالتأكيد أن "الاحتلال لا يسعى فقط إلى القضاء على المقاومة، بل الأهم من ذلك هو التخلص من سكان قطاع غزة أنفسهم"، وقال: "لو تمكنت إسرائيل من تهجير 700 أو 800 ألف فلسطيني من القطاع، فستعتبر ذلك إنجازًا عسكريًا واستراتيجيًا حقيقيًا، بصرف النظر عن نتائج المعركة مع حماس. إسرائيل تعتبر القطاع قنبلة ديموغرافية موقوتة، ويكفي أن اللاجئين ينظرون إلى قراهم الأصلية التي سُلبت منهم قبل 75 عامًا ويعرفون أن منازلهم لا تزال قائمة، فكيف يُتوقع منهم ألا ينفجروا؟".