باحث سياسي لراية: إسرائيل تستثمر الضوء الأخضر الأمريكي لتدمير مقومات الحياة في غزة والضفة
تشير التطورات الميدانية في قطاع غزة إلى أن إسرائيل تسير بخطى متلاحقة نحو تنفيذ خطة واضحة المعالم، تقوم على تقطيع أوصال القطاع، والضغط على سكانه في المناطق الغربية ووسط القطاع، بعد محاولات سابقة لتفريغ شمال غزة.
وتأتي هذه الخطوات في سياق مخططات مستمرة للتهجير، تعمل عليها إسرائيل بشكل ممنهج، حيث أنشأت دائرة خاصة تعنى بهذا الملف. كما تسعى حكومة الاحتلال لاستثمار الضوء الأخضر الأمريكي لجعل الحياة في غزة "مستحيلة"، تحت ذرائع مختلفة، أبرزها تدمير البنية التحتية لحركة حماس، دون الالتفات للكلفة الإنسانية.
وقال إبراهيم ربايعة أكاديمي وباحث سياسي، في حديث خاص لـ"رايــة": "إسرائيل تحاول اليوم التحرر من ورقة الأسرى التي كانت تضغط على الرأي العام لديها، وتتبع مقاربة أطلقت عليها 'التفاوض تحت النار'. بعد انهيار الهدنة، عاد العدوان الإسرائيلي بصورة أكثر وحشية من ذي قبل، رغم مزاعم الاحتلال بأنه أنهى الجزء الأكبر من قدرات حماس".
وأوضح ربايعة أن الهدف المعلن منذ بداية الحرب، والذي أصبح اليوم واضحًا للجميع، هو تفريغ القطاع من مليون فلسطيني على الأقل، وخلق بيئة طاردة غير قابلة للحياة. وأضاف: "غياب أي مانع دولي شجّع إسرائيل على استغلال هذه الفرصة، في ظل تفاهمات مع واشنطن، تقوم على تصعيد الضغط بهدف إجبار حماس على تقديم تنازلات في ملف الأسرى دون مقابل".
وعن المشهد الإقليمي والدولي، أشار ربايعة إلى فشل واضح في تخفيف معاناة سكان غزة، معتبرًا أن قرار إغلاق المعابر بيد أمريكي، حيث كانت واشنطن سابقًا تضغط عندما كانت إسرائيل تستخدم الغذاء كسلاح. أما اليوم، فلم تعد إسرائيل حتى تبرر ممارساتها، مستفيدة من دعم أمريكي مطلق، ما يجعل الضغط الدولي عديم التأثير.
وفي ما يخص اللقاء المرتقب بين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أشار ربايعة إلى أن نتنياهو قد "استُدعي" إلى الولايات المتحدة لمناقشة ملفات عاجلة، منها الوضع في غزة، إضافة إلى الملف الإيراني وسوريا، مرجحًا وجود محاولات خلف الكواليس لإعادة تحريك ملف تبادل الأسرى.
وحول تصريح ترامب الذي تراجع فيه عن تهجير الفلسطينيين، رأى ربايعة أن ما يحدث على الأرض يثبت العكس، مشيرًا إلى أن هذه "لعبة سياسية" تنفذ مخططًا لتهجير الفلسطينيين قسرًا. وأكد أن عشرات الآلاف غادروا القطاع تحت القصف، خاصة من الجرحى وعائلاتهم، وأنه لا يمكن لهؤلاء العودة في ظل الظروف الحالية.
وأضاف أن إسرائيل تعمل على "رسم مناطق آمنة" ثم تستهدفها لاحقًا، وهو ما يخلق حالة من عدم اليقين تدفع نحو الهجرة. واعتبر أن "إسرائيل نجحت إلى حد كبير في تدمير مقومات الحياة في غزة، بتواطؤ أمريكي كامل، وتسعى لتحويل تصريحات ترامب إلى سياسات ميدانية".
أما بالنسبة لإمكانية التهجير عبر الحدود البرية مع مصر، فرأى د. ربايعة أن ذلك صعب جدًا، مشيرًا إلى أن الأسبوع الماضي شهد توترًا عسكريًا كبيرًا ورسائل حادة من القاهرة إلى تل أبيب، ما يجعل السيناريو معقدًا، رغم محاولات إسرائيل البحث عن بدائل.
وانتقل د. ربايعة للحديث عن الوضع في الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن الهجمة على المخيمات، خصوصًا في شمال الضفة، بدأت فور إعلان الهدنة في غزة، ما يجعلها ورقة تفاوضية على الطاولة. وأضاف: "هذه الخطة ليست ارتجالية، بل معدة مسبقًا، وكان وزير الجيش الحالي قد تحدث عنها منذ أن كان وزيرًا للخارجية في تموز 2024".