نتنياهو يصل واشنطن وسط سعيه لإعادة احتلال غزة والتصعيد مع إيران

وصل رئيس وزراء الاحتلا بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، إلى الولايات المتحدة الأميركية في زيارته الثانية خلال شهرين، حيث يلتقي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب في البيت الأبيض يوم الاثنين، لمناقشة خططه لإعادة احتلال غزة، والتصعيد الأميركي الإسرائيلي ضد إيران، والتماس ترامب بإعطاء إسرائيل استثناءً خاصا بشأن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على إسرائيل الأسبوع الماضي، البالغة 17% بحسب مصادر مطلعة.
وبرر نتنياهو الأسبوع الماضي استئناف الحرب على قطاع غزة المحاصر وإعادة احتلاله بالقول أنه إنما ينفذ "خطة ترامب لغزة" التي أعلنها الرئيس الأميركي من البيت الأبيض يوم 4 شباط الماضي بحضور نتنياهو، بشأن الاستيلاء على غزة، تهجير مواطنيها، وجعلها "ريفيرا" الشرق الأوسط.
يشار إلى أنه في 2 نيسان الجاري، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن خطط للاستيلاء على مناطق واسعة من غزة "بهدف القضاء على ما تبقى من البنية التحتية لحماس وإنشاء مناطق أمنية جديدة ستقسم غزة إلى قسمين". يهدف هذا التصعيد، الذي بدأ في منتصف آذار الماضي بغارات جوية مكثفة، لإجبار نزوح جماعي للسكان المحليين، ما أدى خسائر فادحة بصفوف المدنيين الفلسطينيين المحاصرين.
وعلى الرغم من الاستنكار الدولي لسقوط أكثر من 50 ألف شهيد و110 آلاف جريح مدني ونزوح كبير للفلسطينيين، تُبرر سلطات الاحتلال أن هذه الخطوات باعتبارها ضرورية للأمن في مواجهة حماس التي لا تُهزم. ويعتقد الخبراء أنه في نهاية المطاف، تُهدد أفعال إسرائيل مفاوضات وقف إطلاق النار الهشة، ومصداقيتها الأوسع، وآمالها الأوسع في عملية سياسية لإنهاء الصراع، فيما يصر الخبراء أن في الواقع، ستكون المفاوضات هي السبيل الوحيد القابل للتطبيق نحو الاستقرار والأمن.
وقد أنهى نتنياهو يوم 18 آذار الماضي، وقف إطلاق النار الذي كان صامدا في غزة مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين منذ بدء تنفيذه يوم 19 كانون الثاني الماضي، بوساطة من الولايات المتحدة ومصر وقطر، وذلك لتدمير فرص الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق المتفق عليها (باتفاق وقف إطلاق النار) التي تقضي بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من غزة وإنهاء الحرب بشكل كامل. وبدلاً من ذلك، تستخدم سلطات الاحتلال تكتيكات عسكرية قاسية للضغط على حماس لإطلاق سراح 59 أسيرًا متبقين، يُعتقد أن 24 منهم على قيد الحياة.
ويعتقد الخبراء أن لنتنياهو أيضًا عدد من الدوافع الشخصية والسياسية التي تدفعه لاستئناف الحرب على غزة. فهو لا يزال يتعرض لضغوط من الفصائل اليمينية المتطرفة في حكومته التي تعارض الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وتسعى بدلاً من ذلك إلى توسيع نطاق أمن إسرائيل من خلال إنشاء مناطق عازلة والاستيلاء على الأراضي. وفي هذا السياق، وافقت حكومة الاحتلال مؤخرًا على توسيع المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية. ومع مواجهة نتنياهو لانتقادات محلية أوسع وضغوط قانونية، تُوفر الحرب خطابًا حاشدًا ومصدرًا للإلهاء عن الفضيحة والفساد داخل مكتبه.
يشار إلى إن عودة إسرائيل إلى غزة "لإنجاز المهمة" تُؤخر أي محاسبة سياسية لإخفاقاتها الأمنية. ويهدف إنشاء ممر دائم داخل الأطراف الشمالية والشرقية لغزة رسميًا إلى منع الهجمات الحدودية المستقبلية. وبينما تُصرّ إسرائيل على أنها لا تسعى إلى حكم دائم لغزة، فإن عملياتها تُشير إلى تحول كبير نحو سيطرة طويلة الأمد على الأمن في القطاع.
يدعي نتنياهو إن الاحتلال الفعلي لمناطق معينة هو السبيل الوحيد لضمان عدم قدرة حماس على إعادة تنظيم صفوفها. ولكن من الواضح أيضًا أن الحكومة الإسرائيلية تهدف إلى إحباط أي عملية مصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. ومن خلال التركيز على القضاء على حماس ورفض التعامل معها سياسيًا، فإن لدى إسرائيل طموحات واضحة لإعادة ترتيب القيادة الفلسطينية المنقسمة.
كما لوحظ منذ البداية أن (التحدي الأوسع والأكبر) هو أن إسرائيل ترفض صياغة أو المشاركة في خطة حكم واضحة لما بعد الحرب. وفي 4 آذار الماضي، قدمت الدول العربية خطة لإعادة إعمار غزة وإعادة تطويرها، حيث ستتنازل حماس عن السلطة لحكومة تكنوقراطية انتقالية بينما يتم إصلاح السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، رفضت إسرائيل وإدارة ترامب هذه الخطة على الفور باعتبارها غير واقعية.
ووسط هذا التصعيد العسكري والجمود السياسي، لا تزال المفاوضات المتوترة بقيادة مصر وقطر، اللتين تحاولان إحياء المناقشات بمقترح جديد يتضمن إطلاق سراح كامل للرهائن مقابل وقف دائم لإطلاق النار. وقد رفضت إسرائيل هذا الاقتراح، وقدمت عرضًا مضادًا تُفرج بموجبه حماس عن حوالي نصف الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة وبعض القتلى مقابل وقف إطلاق نار لمدة 40 يومًا. برفضها الالتزام بإنهاء رسمي للصراع، ناهيك عن مناقشة ما سيأتي لاحقًا، من الواضح أن إسرائيل تنوي استخدام الضغط العسكري لفرض غايتها المجهولة. يبدو أن غايتها حتى الآن هي إعادة احتلال قطاع غزة بشكل دائم. وفي غياب اهتمام وضغط إقليمي ودولي جاد ومستمر، لن تُفضي هذه النتيجة إلى وقف إطلاق نار، أو تمهد الطريق نحو عملية سياسية هادفة.
المصدر: جريدة القدس