محلل سياسي لراية: شروط إسرائيل تعني استسلام غزة والمبادرات الجديدة صعبة القبول
تتواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وسط تصعيد عسكري متزايد، في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطًا داخلية ودولية. ومع عودة المتطرف إيتمار بن غفير إلى الحكومة، تتزايد المخاوف من تصعيد أكثر دموية يهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية داخل إسرائيل، بعيدًا عن أي حلول دبلوماسية حقيقية.
وقال المحلل السياسي خلدون البرغوثي، في حديث خاص لـ"رايـة"، إن شروط إسرائيل للمفاوضات تعني عمليًا استسلام قطاع غزة بالكامل، مؤكدًا أن أي مبادرة جديدة ستكون صعبة القبول، إلا إذا مارست الإدارة الأمريكية ضغوطًا حقيقية على إسرائيل لإجبارها على القبول بحل سياسي.
وأشار البرغوثي إلى أن عودة بن غفير إلى الحكومة ليست عبثية، إذ لن يقبل بالانضمام مجددًا إلا إذا حصل على ضمانات بشن حرب مدمرة على القطاع، وهو ما يفسر تصعيد الحكومة الإسرائيلية الأخير.
نتنياهو: التفاوض سيتم "تحت النار" والجبهات السبعة تحت التهديد
وأضاف البرغوثي أن خطاب نتنياهو لا يزال يعتمد على استراتيجية الحرب المفتوحة، حيث أكد سابقًا أن القتال سيستمر سواء تم تنفيذ صفقة تبادل الأسرى أم لا، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات تهدف إلى تمرير الميزانية والحفاظ على استقرار حكومته الائتلافية، التي قد تنهار في حال فشل في تأمين الدعم السياسي الكافي.
وفي هذا السياق، صرح نتنياهو بأن المفاوضات بشأن الأسرى ستجري تحت القصف، مشددًا على أن "الضغط العسكري هو المفتاح للإفراج عن المزيد من الأسرى الإسرائيليين"، كما هدد إيران والحوثيين، مؤكدًا أن إسرائيل تخوض ما أسماه "حرب الجبهات السبع"، في إشارة إلى المواجهات مع غزة، الضفة الغربية، لبنان، سوريا، العراق، إيران، والحوثيين في اليمن.
إلا أن البرغوثي أشار إلى أن هذا الخطاب مبالغ فيه ويهدف إلى تضخيم التهديدات ضد إسرائيل، موضحًا أن بعض هذه الجبهات لم تعد نشطة كما يزعم نتنياهو، حيث تراجع التصعيد في لبنان وسوريا والعراق، فيما تبقى التهديدات الرئيسية من غزة والضفة الغربية والحوثيين.
الحرب كأداة تفاوضية
ووفقًا للبرغوثي، فإن إسرائيل لم تكن ترغب في إتمام صفقة تبادل الأسرى دون استمرار الحرب، حيث كشفت التقارير أن الحكومة الإسرائيلية تبنت استراتيجية عدم وجود دقيقة واحدة من التفاوض دون ضغط عسكري على حماس.
لكن في المقابل، أشار إلى أن معظم المحللين الإسرائيليين غير الموالين لنتنياهو يرون أن هذه الاستراتيجية لم تحقق أهدافها، موضحًا أنه بعد أكثر من 16 شهرًا من الحرب، لم تتمكن إسرائيل سوى من تحرير عدد قليل من الأسرى عبر العمليات العسكرية، بينما أُطلق سراح نحو 200 أسير إسرائيلي من خلال عمليات تبادل.
التكلفة الباهظة للحرب تُفاقم التشاؤم داخل إسرائيل
وأوضح البرغوثي أن القتال في شمال غزة، خاصة في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، تسبب في خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي، ما زاد من حالة التشاؤم داخل إسرائيل، حيث أصبح الكثير من المحللين وحتى بعض المسؤولين يشككون في جدوى استمرار الحرب.
وأشار إلى أن الصحفي الإسرائيلي المختص بالشأن الفلسطيني أوهاد حمو تعرض لهجوم عنيف من قبل اليمين الإسرائيلي بعد تصريحه بأن إسرائيل انتهكت الاتفاق مع حماس، مؤكدًا أن هذا الرأي تكرر في عدة وسائل إعلام إسرائيلية، حيث ألقى بعض المحللين اللوم على نتنياهو وحكومته في انهيار الاتفاق، الذي تم التوصل إليه سابقًا بضغط أمريكي.
إسرائيل بلا خطة لليوم التالي في غزة
رغم استمرار الحرب والتصعيد العسكري، لا تزال إسرائيل عاجزة عن تقديم رؤية واضحة لليوم التالي في غزة، إذ أكد البرغوثي أنه لم يتم تحقيق أي تقدم فيما يتعلق بإنشاء قوة جديدة لإدارة القطاع، مشيرًا إلى أن الاحتلال فشل خلال الأشهر الماضية في إيجاد أي طرف محلي أو إقليمي يمكنه تولي هذا الدور.
وأضاف أن هناك اقتناعًا متزايدًا داخل الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية بأن نتنياهو يضحي بالأسرى الإسرائيليين في غزة فقط من أجل الحفاظ على منصبه، والتهرب من المساءلة السياسية والقانونية، خاصة أن أي تحقيق رسمي في فشل إدارة الحرب قد يعرض مستقبله السياسي للخطر.