خاص: تصعيد إسرائيلي بالتجويع والضغط العسكري: هل يدفع حماس للتنازل؟
تشهد الساحة الإسرائيلية تطورات متسارعة، حيث يعتمد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سياسة التجويع والتصعيد العسكري التدريجي كأدوات ضغط على حركة حماس. في ظل هذه المعادلة، يزداد الضغط على المدنيين الفلسطينيين، ما يطرح تساؤلات حول مدى نجاح هذه الاستراتيجية في تحقيق أهداف إسرائيل.
وقال عصمت منصور، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، في حديث خاص لـ"رايــة" فإن التجويع والضغط العسكري يشكلان وسيلة ضغط فعلية، لكنه لا يعتقد أنها ستؤدي إلى استسلام حماس أو تقديم تنازلات.
وأوضح أن هذه السياسات الوحشية تستهدف المدنيين بالدرجة الأولى، وتخالف كافة القوانين الدولية، مما يعكس طريقة تعامل حكومة نتنياهو ورئيس أركانه الجديد مع الأزمة، حيث يركزون على استخدام القوة بدلًا من البحث عن حلول سياسية.
بن غفير يبتز نتنياهو بمطالب متطرفة
وفي سياق الصراعات الداخلية داخل الحكومة الإسرائيلية، طرح وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير ثلاثة شروط للعودة إلى الائتلاف الحكومي: استئناف الحرب بقوة في قطاع غزة، وقف المساعدات الإنسانية بالكامل، وتبني خطة تهجير سكان القطاع.
وأكد منصور أن نتنياهو في أمسّ الحاجة لدعم بن غفير لضمان تمرير الموازنة قبل 31 الشهر الجاري، وإلا ستسقط الحكومة، مما يجعله مستعدًا لتقديم تنازلات كبيرة للتيار اليميني المتطرف.
وأشار إلى أن بن غفير يحاول تقديم نفسه أمام جمهوره على أنه هو من دفع الحكومة لاتخاذ هذه السياسات المتشددة، في وقت تعاني فيه إسرائيل من مزايدات سياسية بين الوزراء على حساب أي تسوية محتملة.
إقالة رئيس الشاباك وتداعياتها على الحكومة
وفي خطوة غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل، أقال نتنياهو رئيس جهاز الشاباك رونين بار، ما أثار تساؤلات حول أسباب هذه الإقالة.
وأوضح منصور أن هذه الخطوة لم تكن بسبب فشله في أحداث 7 أكتوبر، بل نتيجة انعدام الثقة بينه وبين نتنياهو، الذي يسعى إلى إلقاء اللوم في فشل الحرب على الأجهزة الأمنية، بدلًا من الاعتراف بأخطائه السياسية.
وأضاف أن هذه الإقالة تعكس تحول إسرائيل نحو الديكتاتورية، حيث يسيطر اليمين المتطرف على القرار السياسي ويضعف دور المؤسسات الأمنية والقانونية.
المفاوضات في مأزق ونتنياهو يرفض الانتقال للمرحلة الثانية
وحول مستقبل المفاوضات، أشار منصور إلى أن إسرائيل تسعى لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، بينما ترفض حماس ذلك.
وأوضح أن إسرائيل تستغل دعم الولايات المتحدة وقوتها العسكرية للضغط على حماس، في حين أن الأخيرة تمتلك ورقة الأسرى، لكنها تجد نفسها أمام خيارين صعبين: إما العودة للحرب، وهو ما لا تريده، أو محاولة تحقيق مكاسب من خلال صفقة جديدة.
وأضاف أن إسرائيل تسعى لخلق مخرج يسمح باستمرار الحرب بدلًا من تنفيذ الاتفاق، مشيرًا إلى أن التصعيد التدريجي قد يبدأ بعمليات اغتيال أو ضربات محدودة، خاصة في شمال غزة، في محاولة لفرض حل يخدم أجندتها العسكرية والسياسية.
روسيا وحماس: هل تلعب موسكو دورًا في التهدئة؟
وحول اللقاء الذي جمع قيادات من حركة حماس بوزير الخارجية الروسي في الدوحة، قال منصور إن روسيا حافظت على موقف متوازن تجاه القضية الفلسطينية منذ 7 أكتوبر، حيث استقبلت وفودًا من حماس وطرحت مبادرات للحوار الفلسطيني الداخلي.
لكن رغم موقفها الداعم، أشار منصور إلى أن قدرة روسيا على التأثير في مجريات الأحداث تبقى محدودة، حيث يقتصر دورها على تقديم المشورة والدعم الدبلوماسي، بينما تبقى الحلول الحقيقية في يد الفلسطينيين أنفسهم، خاصة فيما يتعلق بإدارة الأزمة داخليًا بين غزة والضفة والقدس.
هل تقبل حماس بالمقترح الإسرائيلي الجديد؟
وفيما يتعلق بالمقترح الإسرائيلي للإفراج عن 11 أسيرًا إسرائيليًا أحياء ونصف عدد الأسرى المتوفين، أشار منصور إلى أن حماس رفضت العرض مبدئيًا، لكنه قد يشكل مدخلًا لاتفاق جزئي.
وأوضح أن إسرائيل مستعدة لإطلاق عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، لكنها تتعنت في الإفراج عن المحكومين بالمؤبد، إذ تسعى للاحتفاظ بأوراق ضغط لمراحل التفاوض القادمة.
وأضاف أن حماس قد توافق على صفقة محدودة تشمل عددًا قليلًا من الأسرى الأحياء، للحفاظ على ورقة الأسرى وإطالة أمد المفاوضات، مع تحقيق أكبر مكاسب ممكنة من حيث عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم وضمانات بعدم استئناف الحرب.
إلى أين تتجه الأمور؟
اختتم منصور حديثه بالتأكيد على أن كل المؤشرات تدل على أن الحرب لن تعود بالشكل السابق، لكنها قد تستمر بشكل محدود عبر عمليات عسكرية متفرقة، مشيرًا إلى أن نتنياهو لم يحقق أهداف الحرب بعد، مما يجعل خيار التصعيد لا يزال مطروحًا، رغم الضغوط الدولية الداعية للتهدئة.