بمناسبة الثامن من آذار
مركز "شمس" يصدر تقريراً حول معاناة المرأة الفلسطينية في ظل حرب الإبادة الجماعية

بمناسبة الثامن من آذار اليوم العالمي للمرأة أصدر مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" تقريراً حول معاناة المرأة الفلسطينية في ظل حرب الإبادة الجماعية ، وقال المركز أنه في الوقت الذي تحتفل فيه دول وشعوب العالم بالثامن من تقديراً وعرفاناً لجهود المرأة وتضحياتها في بناء المجتمع والأسرة، يأتي يوم المرأة العالمي في هذا العام في ظل المعاناة التي تعانيها المرأة الفلسطينية إذ يعتبر العام والنصف الماضي من أسوأ الفترات التي مرت على المرأة الفلسطينية منذ نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948م نظراً للاستهداف المنظم للمرأة الفلسطينية في ظل حرب الإبادة الجماعية التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني منذ 7/10/2023م ، والتي تمثلت بالتدمير الممنهج للأعيان المدنية والبنية التحتية والحصار والإغلاق وارتكاب مجازر الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان للمرأة الفلسطينية حيزاً كبيراً من تلك الاستهدافات والمعاناة وخاصة في ظل جرائم التهجير القسري والتطهير العرقي المنظمة والهادفة لإبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه التي نفذها الاحتلال في قطاع غزة وفي الضفة الغربية.
استهداف النساء
استخدم الاحتلال سياسة القتل والاستهداف المنظم للمرأة الفلسطينية في شمال الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال قصف وتدمير البيوت والوحدات السكنية على رؤوس ساكنيها واستهداف مراكز الإيواء والتهجير القسري والتطهير العرقي نظراً لما تمثله المرأة الفلسطينية في الأسرة، إذ تعتبر المرأة اللبنة الأساسية في الأسرة الفلسطينية لما تقوم به من دور محوري وأساسي في تكوين وبناء الأسرة الفلسطينية من خلال الرعاية والاهتمام والقيام بالواجبات الأساسية داخل الأسرة، ودورها الأساسي سواء في تربية الأطفال وتعليمهم وتنظيم الحاجات الأساسية في البيت او إعالة أطفالها في حالة وفاة والدهم أو تقديم الخدمات الطبية في البيوت ومراكز الإيواء، واستهدافها بهذا الشكل من قبل الاحتلال يعبر عن مدى الحقد والإجرام والتوحش لدى الاحتلال في استهداف المرأة الفلسطينية دون أي اعتبارات إنسانية أو أخلاقية أو قانونية تحترم خصوصية المرأة.
ووفقاً للبيانات الصادرة عن مركز الإعلام الحكومي في قطاع غزة، فقد ذهب ضحية حرب الإبادة الجماعية أكثر من (61709) شهيد منهم (47487) شهيداً وصلوا المستشفيات فيما بقي حوالي (14222) شهيد مفقود تحت الركام أو بالطرقات، وكان من أهم تجليات حرب الإبادة استهداف الأطفال والنساء إذ كان (70%) من الضَّحايا هم من الأطفال والنساء و(13,901) امرأة فقدت زوجها وأصبحت أرملة خلال الحرب، و (60,000) امرأة حامل تقريباً تعرضت للخطر لانعدام الرعاية الصحية، فكان من بين الشهداء حوالي (12316) امرأة، وأما الأطفال فقد بلغ عدد الشهداء الأطفال حوالي (17881) طفلاً، منهم (214) رضيع ولدوا وماتوا خلال العدوان، وتيتم أكثر من (38) ألف طفل منهم حوالي (17) ألف طفل فقدوا كلا الوالدين، وبلغ عدد الجرحى (111588) مصاب، وزاد عدد من اعتقلهم الاحتلال على (6000) معتقل من الذكور والإناث.
استهداف العاملات في المجال الصحفي
لقد تعمد الاحتلال الإسرائيلي باستهداف الجسم الصحفي الفلسطيني والعاملين فيه سواء من الصحفيات أو الصحفيين وفق سياسة منظمة وبقصد القتل والإفناء، وقد بلغ عدد الشهداء من العاملين في الجسم الصحفي منذ 7/10/2023م (205) شهداء من بينهم (22) صحفية، إضافة غلى (400) جريح ومُصاب من الصحفيين والإعلاميين بينهم عدد من الصحفيات، وهذا يعبر عن سياسة القتل والاستهداف المنظم للجسم الصحفي الفلسطيني من قبل الاحتلال، والتي تمثلت باعتبار الصحفيات والصحفيين أهداف عسكرية يجب تدميرها وإبادتها، واستهداف الصحفيات الفلسطينيات ليست بالجديدة على الاحتلال بل هي جزء من خطة إستراتيجية احتلالية عدوانية تنفذ منذ سنوات، وقد كان استهداف الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة في العام 2022 إحدى تجليات هذه السياسة الهمجية في قتل الصحفيات الفلسطينيات.
ونظراً للدور المحوري والأساسي للصحفيات والصحفيين في نقل الرسالة والصورة والخبر من عين المكان وفضح رواية الاحتلال وتعريتها أمام الرأي العام الدولي، عمل الاحتلال على استهدافهم بهدف قتل الحقيقة التي ينقلونها من عين المكان بهدف حجب الرواية الفلسطينية وعدم فضح الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، وهي مؤشر على مدى الحقد والعدوانية المتجذرة في الفكر الاحتلالي الصهيوني في نفي الآخر ونفي الحقيقة ووأدها وعدم إظهارها للعالم وبسياسة منظمة وبقرار سياسي من أعلى المستويات في حكومة الاحتلال.
حملات اعتقال بحق النساء الفلسطينيات
تضاعفت حملات الاعتقال منذ 7/10/2023 م في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم تقتصر تلك الحملات على الرجال الذكور بل شملت أيضاً النساء والأطفال، ويعتبر العام 2024 من أكثر الأعوام دموية بحقّ النساء الفلسطينيات وذلك نظراً لما تتعرض له المرأة الفلسطينية من عمليات قتل وإعدام ميداني واعتداءات واعتقالات في ظل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة والضفة الغربية. وفقاً لإحصاءات هيئة شؤون الأسرى والمحررين بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف النساء بعد السابع من أكتوبر، نحو(266)، امرأة من الضفة الغربية بما فيها القدس. ليرتفع إجمالي الاعتقالات منذ بدء حرب الإبادة الجماعية إلى أكثر من (450)حالة اعتقال. وحتى تاريخ 25 شباط 2025، مازال الاحتلال الإسرائيلي يعتقل (18) أسيرة، ووفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار في كانون الثاني 2025، تم الإفراج بتاريخ 20 كانون الثاني عن (69) أسيرة ضمن الدفعة الأولى من صفقة التبادل. علماً بأنه لا يوجد إحصائية واضحة ودقيقة لأعداد النّساء اللواتي اعتقلنّ من غزة، حيث من المؤكد أنه يوجد نساء في معتقلات ومراكز الاحتجاز ويعتبرن رهن الاختفاء القسري، علماً بأن الأسيرات في سجون الاحتلال منهن طالبات الجامعات والجريحات والمريضات.
وكان من أهم الاعتداءات التي ارتكبت بحق الأسيرات في مراكز التوقيف والاحتجاز وفقاً للتقارير الصادرة عن مؤسسات دولية، الاعتداء الجنسيّ والذي تمثل في التّحرش، والتّفتيش العاري، والتّهديد بالاغتصاب، وبعض التقارير تحدثت عن حالات موثوقة بتعرض معتقلات لاعتداءات جنسية وعمليات تفتيش عاري وتحرش لفظي وخاصة فيما يعرف بسجن (هشارون)، إضافة إلى ظروف التوقيف والاحتجاز المذلة والتي تنتهك كرامة وخصوصية الأسيرات، والاعتداء عليهن بالضرب المبرح والألفاظ النابية والبذيئة والضرب على الوجه، وزجهن في زنازين عديمة التهوية وعدم وجود دورات مياه، وإبقاء السلاسل في اليدين والرجلين، وتعصيب الأعين لفترات طويلة.
انتهاك الحق في الصحة للنساء الفلسطينيات
لقد شكل الاستهداف المنظم للأعيان المدنية وخاصة المنشآت الصحية، المستشفيات والمراكز الطبية ومراكز الرعاية الصحية الأولية بشكل ممنهج ومنظم ما بات يعرف بالإبادة الصحية في قطاع غزة، تمثلت بتدمير (34) مستشفى و(80) مركز صحي و(212) مؤسسة صحية، و(191) مركبة، وانعكس هذا سلباً على عدم توفير الخدمات الصحية للمرأة الفلسطينية، كما كانت المرأة الفلسطينية في قطاع غزة الأكثر معاناة وخاصة بعد أن فقدت حوالي ( 13,901) امرأة زوجها خلال الحرب، وهناك (12,500) مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج من
بينهم أطفال ونساء، و(3,000) مريض بأمراض مختلفة يحتاجون للعلاج في الخارج و(2,136,026) حالة أُصيبت بأمراض معدية نتيجة النزوح غالبيتها من النساء والأطفال، و(71,338) حالة أُصيبت بعدوى التهابات الكبد الوبائي بسبب النزوح، و(60,000) سيدة حامل تقريباً مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية، وتلد حوالي (180) امرأة يومياً في قطاع غزة في ظروف النزوح والافتقار إلى الرعاية الطبية اللازمة، إضافة إلى ذلك تعاني حوالي (15) ألف من النساء الحوامل من مضاعفات الحمل و(350,000) مريض مزمن من النساء والأطفال والرجال في خطر بسبب منع الاحتلال إدخال الأدوية.
انتهاك الحق في التعليم للمرأة الفلسطينية
كان لعمليات التدمير المنظمة من قبل الاحتلال للمؤسسات التعليمية وقطاع التعليم أثر بالغ على المرأة الفلسطينية سواء على النساء العاملات في قطاع التعليم أو على الأطفال في المدارس أو على الملتحقات بالجامعات والمعاهد الفلسطينية، ففي الضفة الغربية كان لحواجز الاحتلال أثر كبير على عدم إكمال بعض الفتيات في الجامعات الفلسطينية لتعليمهن، مما أجبرهن على تأجيل الفصول الدراسية، إضافة إلى الحالة الاقتصادية الصعبة أجبرت الكثير من طالبات الجامعات والكليات بالتوقف عن الدراسة لعدم مقرتهن على دفع الأقساط، إذ هناك الكثير من طالبات الجامعات أولياء أمورهن من العاملين داخل الأراضي المحتلة عام 1948م والذين اصبحوا عاطلين عن العمل منذ 7/10/2023م ، كما منعت الكثير من الحواجز المنتشرة على مداخل المدن والبلدات الفلسطينية الكثير من الطالبات من التوجه إلى مدارسهن والتحول إلى التعليم الإلكتروني في بعض المدارس والجامعات في الضفة الغربية.
وأما في قطاع غزة فإن الوضع التعليمي كان أكثر صعوبة في ظل حرب الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج للمؤسسات التعليمية والجامعات والمؤسسات الأكاديمية، مما أدى إلى تدمير القطاع التعليم بشكل كامل في القطاع، وتوقف المسيرة التعليمية برمتها في القطاع، مما أدى الى حرمان حوالي (785) ألف من طلبة المدارس من الحق في التعليم، وتم حرمان حوالي (80) ألف من طلبة الجامعات والكليات من الدراسة، وتم استشهاد (12800) طالب وطالبة، واستشهاد (760) موظفاً ومعلماً وتربوياً من الذكور والإناث، واستشهاد (150) عالماً وأكاديمي وأستاذ جامعي ذكوراً وإناثاً، وتم تدمير (137) مدرسة وجامعة بشكل كامل، وتم تدمير (357) مدرسة وجامعة ومؤسسة أكاديمية بشكل جزئي، وكان لهذا التدمير أثر بالغ على النساء والفتيات وعلى مسيرتهن التعليمية في قطاع غزة والتي تعطلت بالكامل.
معاناة النزوح والتهجير ومراكز الإيواء
معاناة بشتى أصنافها وأشكالها ممزوجة بالألم والحزن والفقدان والحسرة تعاني منها النساء في قطاع غزة، إذ بلغ عدد النازحين في مراكز الإيواء حوالي (2) مليون مواطن، وامتدت هذه المعاناة إلى مخيمات شمال الضفة الغربية، فتفتقد النساء النازحات لخصوصيتهن في ظل المعاناة القاسية التي تواجهها النساء في توفير مقومات الحياة الأساسية من الماء والطعام، والعناء في توفير النظافة والاستحمام والذهاب إلى الحمام، وعناء افتقاد الخصوصية في قطاع غزة، فلا توجد أية خصوصية لهن في مراكز النزوح والإيواء التي تعاني من الاكتظاظ الشديد الذي يفوق طاقتها الاستيعابية، ما يحول دون قدرة النساء على استخدام دورات المياه أو النوم وحدهن داخل غرف خاصة، وعدم توفر المياه اللازمة للنظافة والاستحمام، وحتى المياه الصالحة للشرب غير متوفرة، إضافة إلى ذلك تقوم النساء في ظل ظروف الحرب والنزوح بالكثير من الأعمال التي لا تتناسب مع طبيعتهن البيولوجية مثل جمع الحطب وتقطيعه لطهي الطعام والجلوس أمام النيران التي ينبعث منها دخان بسبب احتراق الخشب والأوراق لساعات طويلة في العراء، ما ينعكس سلباً على وضعهن الصحي والجسدي والبيولوجي.
وتفرض حالة النزوح الشديد والاكتظاظ في مراكز الإيواء الكثير من الضغوط على المرأة الفلسطينية وخاصة ارتفاع حالات العنف ضد المرأة القائم على النوع الاجتماعي، مثل العنف المنزلي بسبب الضغوط التي تواجهها الأسر في قطاع غزة نتيجة النزوح وعدم توفر الخدمات الأساسية وحالة العوز والفقر الشديد، والاكتظاظ الشديد في مراكز الإيواء وانتفاء الخصوصية للمرأة.
انتهاك للحق في العمل والحركة للنساء الفلسطينيات
لقد أسفرت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة إلى تدمير كافة المنشآت الاقتصادية وتدمير المشاريع الاقتصادية التي تديرها نساء مما ترك تلك النساء وعائلاتها في حالة من الفقر والعوز الشديد، إضافة إلى عمليات الطرد والتهجير، إذ أصبحت كل الأسر في قطاع غزة تعتمد على المساعدات في حال دخولها، في استمرار لمخططات الاحتلال العدوانية بارتكاب المزيد من جرائم الإبادة الجماعية تحقيقا للأهداف الصهيونية في التهجير القسري والتطهير العرقي.
وأما على صعيد الضفة الغربية فقد كان لسياسية الحصار والإغلاق وتقطيع أواصر المدن والبلدات الفلسطينية واجتياح مخيمات شمال الضفة الغربية خاصة مخيم جنين ومخيم طولكرم ومخيم نور شمس وغيرها من المخيمات الفلسطينية، والقيام بأعمال القصف والتدمير للمباني السكنية والبنية التحتية وتهجير المواطنين من مخيماتهم تحت ذراع ومبررات الضرورات الأمينة،
الأثر الأكبر على معاناة المرأة الفلسطينية وانتهاك حقوقها، ونشر الحواجز والتي بلغت حوالي (900) حاجز وبوابة، في سياسة هادفة ومنظمة إلى فرض التهجير الطوعي والقسري على المواطنين الفلسطينيين في كافة مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية، وأدى ذلك إلى انعكاسات كبيرة وخاصة على النساء العاملات في عدم قدرتهن على الوصول إلى أماكن عملهن ومعاناة كبيرة على الحواجز، مما أدى إلى فقدان عدد كبير منهن لأعمالهن ومصدر رزقهن، إضافة إلى عدم قدرة النساء في حالات الولادة والمرض من الوصول إلى المستشفيات، كما حصل في بلدة سعير في محافظة الخليل إذ توفيت السيدة (إيمان محمد عبد السلام عيد) على حاجز بيت عنون شمال شرق الخليل بعد إعاقة جيش الاحتلال نقلها إلى المستشفى، حيث كانت تعاني من أعراض جلطة قلبية. إضافة إلى توقف المشاريع الاقتصادية التي تديرها نساء في الضفة الغربية، وارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء الأسعار في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الناتجة عن حرمان الآلاف من العمال الفلسطينيين من عملهم داخل الخط الأخضر (أراضي ال 48)، وإذ أصبحت كافة أسر العمال في الضفة الغربية تعاني من البطالة وتعيش تحت خط الفقر مما يولد ضغوطاً اجتماعية على تلك الأسر وتكون المرأة هي الضحية في تلك الضغوط والمشاكل الاجتماعية.
معاناة المرأة بسبب سياسة التجويع
استخدم الاحتلال الإسرائيلي سلاح التجويع منذ بداية العدوان على قطاع غزة إذ صرح وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك يواف غالانت (لا ماء لا كهرباء لا وقود)، واستهداف قوافل المساعدات الغذائية وتدميرها وكانت النساء الفلسطينيات في قطاع غزه هن الفئة الأكثر تضرراً وضحايا سياسية التجويع نظراً لقلة المساعدات التي كانت تدخل إلى قطاع غزة وتدمير كافة المحاصيل الزراعية والأراضي الزراعية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وإيثارهن في الكثير من الحالات على إطعام أطفالهن لعدم توفر الطعام والماء، وفي كثير من الأحيان كانت تمر أيام كثيرة دون أن يجد المواطن وجبة طعام واحدة لتناولها، وأصبحت آثار المجاعة واضحة على وجوه النساء في قطاع غزة نظراً لطبيعتهن البيولوجية الغير قادرة على التحمل كثيراً.
وأما على صعيد الضفة الغربية فقد كان لسياسة الحصار والإغلاق التي فرضها الاحتلال على الضفة الغربية الأثر الأكبر على المرأة الفلسطينية، خاصة في ظل منع العمال الفلسطينيين من العودة إلى أماكن عملهم داخل الأراضي المحتلة غ العام 1948م مما جعل تلك العائلات بدون مصدر رزق وتحت خط الفقر، وفرض الكثير من الضغوط الاجتماعية على داخل الأسر الفلسطينية بسبب حالة الفقر الشديد التي تعاني منها، إضافة إلى ذلك فإن احتجاز الاحتلال لعائدات المقاصة الفلسطينية فرض الكثير من الضغوط على الأسر الفلسطينية وخاصة النساء العاملات في القطاع العام، وإذ عمل ذلك على عجز السلطة الوطنية الفلسطينية عن دفع كامل فاتورة الرواتب للعاملين في القطاع العام في ظل ارتفاع الأسعار ومتطلبات الحياة المكلفة، إضافة
إلى حالة النزوح من مخيمات شمال الضفة الغربية فرضت ذاتها على النساء الفئة الأكثر تضرراً من عمليات التهجير القسري.
استهداف المرأة الفلسطينية يشكل انتهاك للقانون الدولي
تعمد الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني باستهداف المرأة الفلسطينية بشكل منظم من خلال القتل والتهجير والحرمان من التعليم والعمل والصحة والسكن والاعتقال والاعتداء والتعذيب والحاطة بالكرامة والتحرش اللفظي والجسدي والاعتداء على الكرامة الشخصية، إذ شكلت تلك الاستهدافات انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
فقد شكلت جرائم الاحتلال بحق المرأة الفلسطينية جريمة موصوفة في القانون الدولي بأنها جريمة وانتهاكاً للقانون الدولي الإنساني لاسيما لاتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/8/1949م إذ نصت المادة رقم(14) من الاتفاقية على أن (لأطراف النزاع بعد نشوب الأعمال العدائية أن تنشئ في أراضيها، أو في الأراضي المحتلة إذا دعت الحاجة، مناطق ومواقع استشفاء وأمان منظمة بكيفية تسمح بحماية الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال دون الخامسة عشرة من العمر، والحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة)، وانتهاك للمادة رقم (15) من نفس الاتفاقية والتي تنص على حماية المدنيين(حماية الأشخاص المدنيين الذين لا يشتركون في الأعمال العدائية والذين لا يقومون بأي عمل له طابع عسكري) وانتهاك للمادة رقم (17) من نفس الاتفاقية والتي تنص على (يعمل أطراف النزاع على إقرار ترتيبات محلية لنقل الجرحى والمرضى والنساء والأطفال من المناطق المحاصرة أو المطوقة والسماح بمرور أفراد الخدمات الطبية الى هذه المناطق ). وانتهاك لاتفاقية لاهاي بشأن قوانين وأعراف الحرب البرية لسنة1907م وخاصة المادة رقم (27) والتي نصت على (أنه في حالات الحصار أو القصف يجب اتخاذ كل التدابير اللازمة لتفادي الهجوم، قدر المستطاع على المباني المخصصة للعبادة، والفنون والعلوم والأعمال الخيرية والآثار التاريخية). وانتهاك للبرتوكول الاختياري الأول الملحق باتفاقيات جنيف، إذ أكدت المادة رقم (54) من البروتوكول على (حظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري، إذا تحدد القصد من ذلك في منعها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم لأي باعث آخر)، وانتهاك للبرتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية وخاصة للمادة رقم (14) والتي
أكدت على (حظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال، ومن ثم يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري).
وانتهاك أيضاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان وخاصة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ أكدت المادة رقم (3) من الإعلان على (لكل فرد حق في الحياة والحرية وسلامة شخصه)، والمادة رقم (5) على من الإعلان أنه (لا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة). وانتهاك للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إذ أكدت المادة رقم (7) من العهد على (أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الإحاطة بالكرامة ولا يجوز إجراء أي تجربة طبية أو عملية دون رضاه الحر وفي المادة الثامنة لا يجوز إخضاع أحد للعبودية ولا يجوز إجبار أحد على السخرة أو العمل الإلزامي). وانتهاك لاتفاقية روما لسنة 1998م إذ نصت المادة رقم (8) من الاتفاقية على أن (تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى، يعتبر جريمة حرب). وانتهاك لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها المؤرخة في 9/12/1948م، إذ نصت المادة رقم (2) من الاتفاقية على أن جريمة الإبادة الجماعية (أياً من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو دينية وإخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد تدميرها المادي كلياً أو جزئياً). وانتهاك لإعلان حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة لعام 1974م إذ أكدت المادة رقم (4) من هذا الإعلان على (أنه يتعين على جميع الدول المشتركة في منازعات مسلحة، أو في عمليات عسكرية في أقاليم أجنبية أو في أقاليم لا تزال تحت السيطرة الاستعمارية، أن تبذل كل ما في وسعها لتجنيب النساء والأطفال ويلات الحرب، ويتعين اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان حظر اتخاذ تدابير كالاضطهاد والتعذيب والتأديب والمعاملة المهينة والعنف، وخاصة ما كان منها موجها ضد ذلك الجزء من السكان المدنيين المؤلف من النساء والأطفال). وانتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (1325) لسنة 2000حول المرأة والسلام والأمن والذي أكد على حماية المرأة وتعزيز دورها في النزاعات والحروب من خلال محاور أساسية أهمها وقاية المرأة من أي اعتداءات خلال النزاعات المسلحة وحمايتها والمشاركة في جهود وعمليات الإغاثة والإنعاش وجهود السلام وإعادة الإعمار. وانتهاك لقرار مجلس الأمن رقم 1820 (2008) بتصنيف العنف الجنسي في أوقات النزاعات المسلحة بأنه جريمة حرب وتهديد للأمن والسلم الدولي.
صمت دولي مريب على جرائم الاحتلال بحق المرأة الفلسطينية
وفي ظل استمرار تلك الجرائم بحق المرأة الفلسطينية يستمر الصمت الدولي بشكل فاضح عن تلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق المرأة الفلسطينية، فعلى صعيد المجتمع الدولي والدول التي تدعي بأنها تحمي حقوق المرأة وتدعو إلى حريتها واحترام كرامتها نجدها تصمت صمت القبور عن تلك الانتهاكات وخاصة دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا، ليس الصمت فحسب بل أنها تستمر في تزويد الاحتلال بالسلاح للاستمرار في إبادة الشعب الفلسطيني والنساء الفلسطينيات، وأما على الصعيد المؤسساتي فإن هناك نوع من الصمت في كثير من الأحيان، وفي أحيان أخرى مساواة ما بين الضحية والجلاد في التعبير عن مواقف تلك المؤسسات مما يحصل من انتهاكات بحق النساء في الأراضي الفلسطينية المحتلة مما يكشف عن عدم المصداقية والانحياز وينزع الثقة من تلك الدول والمؤسسات التي لطالما تحدثت عن حقوق المرأة وضرورة حمايتها وعدم التعرض لها.
التوصيات
1. إطلاق حملة دولية لفضح انتهاكات الاحتلال أمام الرأي العام الدولي.من قبل المؤسسات الرسمية الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني.
2. تقديم شكاوى قضائية من السلطة الوطنية الفلسطينية أمام القضاء الدولي ، ومحاكم الدول التي يسمح نظامها القانوني بتقديم شكاوى ضد قادة الاحتلال لمحاكمتهم على جرائمهم بحق المرأة الفلسطينية.
3. تعزيز التنسيق والتعاون المشترك بين المؤسسات الأهلية الفلسطينية والمؤسسات الدولية غير الحكومية للقيام بحملات ضغط في الدول الأوروبية للضغط على الحكومات الأوروبية الحليفة للاحتلال لوقف جرائمها بحق المرأة الفلسطينية.
4. توثيق كافة الانتهاكات الإسرائيلية بحق المرأة الفلسطينية .
5. دعوة السلطة الوطنية الفلسطينية بالتعاون مع المجموعة العربية الدعوة للجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد دورة خاصة لإدانة الاحتلال على جرائمه بحق المرأة الفلسطينية.
6. على الصعيد الفلسطيني الداخلي يجب العمل على مواءمة التشريعات الفلسطينية مع ما يتوافق مع القوانين والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها دولة فلسطين والتي تحمي حقوق المرأة وتضمن كرامتها.