مؤشرات هامة
تدهور ثقة الإسرائيليين في الحكومة والجيش بعد الحرب

أفاد الكاتب والمحلل السياسي عبد القادر بدوي بأن المجتمع الإسرائيلي يشهد تراجعا ملحوظا في الثقة بمؤسسات الدولة بعد أحداث أكتوبر 2023، لا سيما في صفوف الجيش والحكومة.
وأكد الكاتب أنه وفقًا لنتائج استطلاع الرأي الأخير الذي أجراه معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، أظهرت البيانات أن غالبية الإسرائيليين تؤيد تشكيل لجنة تحقيق رسمية للكشف عن وقائع السابع من أكتوبر، في ظل شكوك متزايدة حول قدرة الجيش والحكومة على استخلاص العبر من تلك الأحداث.
التقرير سلط الضوء على تباين الرأي العام الإسرائيلي بشأن أولويات الأمن القومي وأداء الحكومة والجيش، ويكشف عن عمق الانقسامات السياسية داخل المجتمع الإسرائيلي.
الثقة في المؤسسات العسكرية
قال الكاتب عبد القادر بدوي إن الجيش الإسرائيلي لا يزال يحظى بأعلى مستوى من الثقة في المجتمع الإسرائيلي، حيث عبّر %66% من المشاركين في الاستطلاع عن ثقتهم الكبيرة في المؤسسة العسكرية، رغم تراجع تلك النسبة بشكل طفيف مقارنة بالاستطلاعات السابقة، لا سيما في ظل انخفاض الثقة في رئيس هيئة الأركان المنتهية ولايته هرتسي هليفي، وكذلك في مستوى الثقة في رئيس هيئة الأركان الجديد، إيال زامير، وكذلك الانخفاض الملحوظ في الثقة في المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
ثقة متدنية
أوضح بدوي أن استطلاع معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب أظهر تراجعًا كبيرًا في الثقة في الحكومة الإسرائيلية وقيادتها، حيث عبّر %21% فقط من المستطلعين عن ثقتهم بالحكومة.
أما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقد حصل على نسبة ثقة متدنية للغاية بلغت 27%، فيما بلغت الثقة بوزير الدفاع يسرائيل كاتس 24% فقط، ما يعكس حالة من الاستياء العام تجاه الحكومة وأدائها في ظل العدوان المتواصل على قطاع غزة.
لجنة تحقيق رسمية أولا
"بدوي" أكد أن أغلبية الإسرائيليين (58) يؤيدون تشكيل لجنة تحقيق رسمية يعينها رئيس المحكمة العليا للتحقيق في أحداث 7 أكتوبر، وهي نتيجة تعكس تزايد الشكوك في قدرة الجيش على إجراء تحقيقات داخلية نزيهة وفعّالة.
كما أظهر الاستطلاع تأييد 25% فقط من المستطلعين تشكيل لجنة تحقيق يتم تعيينها من قبل أعضاء الكنيست.
وبالرغم من تباين الدعم بين اليهود والعرب، فقد أظهرت البيانات أن غالبية الإسرائيليين لا يثقون في قدرة الجيش على استخلاص الدروس والعبر من تلك الأحداث.
أولويات الأمن القومي
وأضاف "بدوي" أن الاستطلاع أظهر أن القضاء على حركة حماس لا يزال أولوية قصوى لدى 43 % فقط من الإسرائيليين، في حين أن %20 فقط يعتبرون استعادة ثقة الجمهور أولوية، وبينما تزايدت أهمية تعزيز الدفاع على الحدود الشمالية بنسبة 64 تراجعت أولويات مثل مواجهة إيران أو استكمال العمليات العسكرية الحالية في الضفة الغربية والتعامل مع قضايا القوى العاملة في
الجيش.
التقييم العام للحرب
أشار "بدوي" إلى أن نتائج الاستطلاع أظهرت تحسنًا طفيفًا في ثقة الإسرائيليين بقدرة الجيش على "تحقيق النصر" في غزة، حيث يعتقد %59% من المشاركين أن الجيش سينتصر، ومع ذلك، تظل هذه النسبة أقل من مستواها في الأشهر السابقة، مما يشير إلى حالة من الحذر العام.
كما أشار الاستطلاع إلى تراجع الرضا العام عن الإنجازات العسكرية في غزة، مع تراجع نسبة الرضا إلى 40% فقط.
قضية توحد الإسرائيليين
وأضاف بدوي أن قضية الأسرى والمحتجزين تظل واحدة من أكثر القضايا التي تحظى بدعم شعبي واسع، حيث بلغت نسبة التأييد لإعادتهم 74%
ورغم الانقسام في الآراء حول فرص نجاح الاتفاقات المتعلقة بهذا الملف، يظل الشعب الإسرائيلي في أغلبه متحدًا حول ضرورة إعادتهم.
موقف الجمهور من تسوية الصراع
وحول ملف حل الدولتين كشف الاستطلاع عن انخفاض طفيف في تأييد حل الدولتين كإطار لحل الصراع، حيث أيده 34% فقط من المشاركين، فيما ارتفع دعم العرب لهذا الحل إلى 69.
وأوضح "بدوي" أن هذا التباين يعكس الفجوة الكبيرة في التصورات السياسية بين اليهود والعرب داخل إسرائيل، حيث يزداد دعم الخيارات الأحادية لدى المجتمع اليهودي.
التهديدات الخارجية: إيران وحزب الله
أوضح "بدوي" أن استطلاع الرأي أظهر تفضيلا قويًا للعمل العسكري ضد إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي، حيث أيد 39 من المشاركين هذه الاستراتيجية بالتعاون مع الولايات المتحدة.
كما شهدت الجبهة الشمالية قلقًا متزايدًا من عدم قدرة الحكومة على ضمان الأمن، مما يعكس تصاعد المخاوف من تهديدات حزب الله.
خاتمة
وشدد الكاتب على أن نتائج الاستطلاع تؤكد أن المجتمع الإسرائيلي في مرحلة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، حيث تزايدت الشكوك في قدرة مؤسسات الدولة على التعامل مع التحديات الأمنية والسياسية الكبرى، كما أظهرت البيانات أن الأزمة التي خلفتها أحداث 7 أكتوبر 2023 ألقت بظلالها على الثقة في القيادة العسكرية والسياسية مع زيادة المطالبة بلجان
تحقيق مستقلة وكشف الحقائق.
وبينما تظل قضية الأمن القومي في صدارة اهتمامات الجمهور الإسرائيلي، فإن الانقسام الحاد بين اليهود والعرب في إسرائيل يشير إلى أن المستقبل السياسي للبلاد قد يكون أكثر تعقيدًا مما يعتقد البعض.
المصدر : متابعة - زوايا