مخطط "القدس الكبرى"
خاص| بوتيرة غير مسبوقة.. الاحتلال يصعد من حربه الاستيطانية على الضفة والقدس
تسير إسرائيل بخطى متسارعة نحو تنفيذ مخطط "القدس الكبرى"، من خلال تكثيف الاستيطان في المدينة المقدسة ومحيطها، في محاولة لتعزيز التواجد اليهودي وفرض واقع جديد على الأرض. ويترافق ذلك مع تحركات تشريعية في الكنيست تهدف إلى تثبيت السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال أمير داود، مدير عام النشر والتوثيق في هيئة الجدار والاستيطان، في حديث خاص لـ"رايـــة": "مدينة القدس ومحيطها من أكثر المناطق التي تتعرض لموجة استيطانية شرسة، إذ تنفذ إسرائيل مخططين متوازيين ضد المدينة المقدسة؛ الأول يستهدف الأحياء داخل القدس، حيث تسعى سلطات الاحتلال إلى فصل الأحياء الفلسطينية عن بعضها البعض، وإحداث تواصل جغرافي بين المستوطنات، مما يعزز الكتلة الديموغرافية اليهودية على حساب الفلسطينيين".
وأضاف: "أما المخطط الثاني فيستهدف محيط المدينة، حيث تعمل إسرائيل على إحكام الطوق الاستيطاني حول القدس، من خلال بناء مستوطنات جديدة وتوسيع القائم منها، مما يؤدي إلى عزل المدينة عن امتدادها الفلسطيني، وفرض واقع جديد يقلّص الوجود الفلسطيني في القدس إلى أدنى حد ممكن".
مخطط القدس الكبرى.. من التهجير إلى القوانين الاستيطانية
وأشار داود إلى أن الاحتلال لا يكتفي بالتوسع الاستيطاني على الأرض، بل يرافق ذلك بإجراءات تشريعية خطيرة، موضحًا: "تسعى إسرائيل إلى تهيئة بيئة قانونية تُشرعن الاستيطان وتمنح الاحتلال غطاءً رسميًا لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، حيث يتم تداول العديد من القوانين في الكنيست، التي تستهدف ضم الأراضي الفلسطينية، وتثبيت السيطرة الإسرائيلية على القدس والجغرافيا الفلسطينية ككل".
وأضاف: "من أخطر هذه القوانين هو قانون القدس الكبرى، الذي طُرح سابقًا عدة مرات، وتم تأجيل مناقشته لثلاثة أشهر أخرى، لكنه يظل مطروحًا بقوة، خاصة في ظل هيمنة اليمين المتطرف على الكنيست".
الاستيطان يمتد إلى الأغوار.. مستقبل الضفة الغربية في خطر
لا يقتصر المخطط الإسرائيلي على القدس، بل يمتد إلى مناطق واسعة من الضفة الغربية، بما في ذلك الأغوار الشمالية، حيث يتم تنفيذ مخططات تهدف إلى تقويض الوجود الفلسطيني في هذه المناطق الحيوية.
وقال داود: "واقع الأراضي الفلسطينية يزداد تعقيدًا وصعوبة نتيجة للتوسع الاستيطاني المحموم، خاصة بعد 7 أكتوبر، حيث استغلت إسرائيل العدوان على غزة لتسريع فرض وقائع جديدة على الأرض".
وأشار إلى أن الأرقام تعكس حجم الكارثة، حيث:
- 42% من مساحة الضفة الغربية باتت تحت السيطرة الإسرائيلية بمسميات مختلفة.
- أكثر من 70% من المناطق المصنفة "ج" باتت تحت سيطرة الاحتلال.
- 90% من أراضي الأغوار أخضعت للأوامر العسكرية، إما كمناطق تدريب عسكري، أو تحت مسمى "أراضي دولة"، أو كمحميات طبيعية.
وأكد داود أن الاحتلال يسابق الزمن في فرض هذه الوقائع، لكنه في النهاية يرتكب مخالفات جسيمة للقانون الدولي، مضيفًا: "كل ما تقوم به إسرائيل ينتهك القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ونحن نخوض ليس فقط صراعًا على الأرض، بل معركة قانونية وأخلاقية لكشف جرائم الاحتلال".
السباق مع الزمن.. لكن القضية الفلسطينية ثابتة
رغم كل ما تحاول إسرائيل فرضه على الأرض، شدد داود على أن القضية الفلسطينية ليست مجرد معركة جغرافية، بل معركة حقوقية وأخلاقية، وقال: "إسرائيل تسعى لخلق واقع جديد وتثبيته كحالة دائمة، لكنها لا تستطيع تغيير الحقائق التاريخية والقانونية، فالمخالفات الجسيمة التي ترتكبها لا تسقط بالتقادم، ولن تتحول يومًا إلى أمر واقع في وجدان الشعب الفلسطيني".
وأكد أن الفلسطينيين يواصلون النضال على كل الجبهات، بما فيها الجبهة القانونية، من خلال اللجوء إلى محكمة العدل الدولية وغيرها من المؤسسات القانونية الدولية، قائلًا: "مهما حاول الاحتلال فرض سيطرته عبر القوة والاستيطان، فإن الحق الفلسطيني ثابت، والعدالة ستظل إلى جانبنا".