آثار بيئية كارثية.. هل تتحول غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة؟
تسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في كارثة بيئية غير مسبوقة، حيث ألقى الاحتلال أكثر من 100 ألف طن من المتفجرات، ما أدى إلى دمار شامل في التربة والمياه والهواء، وأحدث تغييرًا بيئيًا خطيرًا قد يمتد أثره لعقود أو حتى قرون قادمة.
وقال المستشار القانوني في سلطة جودة البيئة، مراد المدني، في حديث خاص لـ"رايــة": "عندما نتحدث عن العلاقة بين الحرب والتغير المناخي، فإن ذلك يثبت مدى جسامة الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق البيئة في غزة. هذا ليس مجرد دمار، بل هو جريمة إبادة بيئية حقيقية".
وأشار إلى أن تقرير سلطة جودة البيئة لعام 2024 وثّق حجم الكارثة، مؤكدًا أن القوانين البيئية الفلسطينية الجديدة باتت تجرّم الأفعال التي تؤدي إلى تدمير البيئة بالكامل، مما يفتح الباب للمساءلة الدولية عن هذه الجرائم.
أرقام صادمة: تربة مسممة ومياه غير صالحة للشرب
كشف المدني عن حجم الدمار البيئي الذي طال كل عناصر الحياة في غزة، مشيرًا إلى أن:
🔹 85 – 100 ألف طن من المتفجرات دمرت النظم البيئية في القطاع.
🔹 684 بئرًا للمياه دُمّرت، منها 365 بئرًا مخصصة لمياه الشرب، مما أدى إلى كارثة صحية غير مسبوقة.
🔹 تسرب مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية ومياه الشرب، مما يجعل تلوث المياه في غزة أمرًا يصعب إصلاحه.
🔹 تسمم التربة الزراعية بالكامل، ما يجعل القطاع الزراعي مهددًا بالانهيار لعقود قادمة.
🔹 إتلاف أكثر من 156 ألف دونم زراعي، مما أدى إلى القضاء على مصادر الغذاء المحلية.
🔹 تراكم أكثر من 45 مليون طن من الركام والنفايات السامة، والتي تحتوي على مواد خطرة وقابلة للانفجار.
وأكد المدني أن "التربة في قطاع غزة اليوم باتت غير صالحة للزراعة بسبب السموم المنتشرة فيها، كما أن إصلاحها يتطلب أبحاثًا متخصصة وجهودًا لسنوات طويلة"، مشيرًا إلى أن "تدمير منظومة المياه والصرف الصحي أدى إلى اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، مما يشكل خطرًا صحيًا قد يؤدي إلى انتشار الأمراض بشكل غير مسبوق".
غزة منكوبة بيئيًا.. هل هناك أمل في التعافي؟
بعد إعلان غزة "منطقة منكوبة بيئيًا"، أكدت سلطة جودة البيئة أنها تعمل ضمن غرفة العمليات الحكومية لوضع خطط للتعامل مع التداعيات البيئية، ولكن الجهود المحلية غير كافية، ما يستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا.
وأوضح المدني أن "الركام المتراكم في القطاع يشكل خطرًا كبيرًا بسبب احتوائه على مواد سامة وجثث متحللة، مما يزيد من صعوبة عمليات الإعمار البيئي".
وأشار إلى أن البنك الدولي أعد خطة تعافٍ بيئي بقيمة 26 مليار دولار، تهدف إلى التعامل مع الآثار المباشرة فقط، وليس الآثار طويلة الأمد، مما يؤكد ضخامة الكارثة البيئية التي يعاني منها القطاع.
مشاريع بيئية جارية.. لكن المأساة أكبر من الإمكانيات
في ظل الكارثة البيئية، تعمل سلطة جودة البيئة بالتعاون مع وزارات الحكم المحلي والصحة على تنفيذ خطط عاجلة لمحاولة احتواء الأضرار، حيث تشمل الجهود:
- إعادة تأهيل نظام إدارة النفايات الصلبة بعد تدمير بنيته التحتية بالكامل.
- إصلاح بعض آبار المياه غير الملوثة، في محاولة لتوفير الحد الأدنى من المياه الصالحة للشرب.
- إعادة تشغيل محطات معالجة مياه الصرف الصحي التي دمرها الاحتلال.
وأكد المدني أن هذه الجهود محدودة جدًا مقارنة بحجم الكارثة، مشددًا على الحاجة إلى حشد دعم دولي واسع النطاق للمساهمة في إعادة تأهيل النظام البيئي في غزة.