البنية التحتية للمياه في فلسطين: دمار واسع وتحديات ضخمة لإعادة الإعمار
يواصل الاحتلال الإسرائيلي تدمير البنية التحتية للمياه في فلسطين، مما أدى إلى أزمة غير مسبوقة في قطاع المياه والصرف الصحي، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية. ووسط الدمار الهائل، تواجه المؤسسات المختصة تحديات كبيرة في إعادة تأهيل الشبكات وضمان الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للسكان.
وقال زياد فقها، مدير عام التدريب والتطوير في سلطة المياه الفلسطينية، في حديث خاص لـ"رايــة"، إن الاحتلال دمر خلال الأشهر الخمسة الماضية ما تم بناؤه في 25 عامًا، مشيرًا إلى أن قطاع غزة شهد تدميرًا بنسبة 85% من منشآت المياه والصرف الصحي، بما في ذلك شبكات المياه، محطات التحلية، ومحطات معالجة الصرف الصحي.
وأكد فقها أن طواقم سلطة المياه، بالتعاون مع المنظمات الدولية، تعمل على مدار الساعة لإدخال الوقود اللازم لتشغيل ما تبقى من الآبار ومحطات التحلية، موضحًا أنه تم تشغيل 40 ألف متر مكعب يوميًا من المياه المشتراة، و20 ألف متر مكعب يوميًا من محطات التحلية، في محاولة لتخفيف أزمة المياه في القطاع.
وأضاف أن الاحتلال لم يكتفِ بتدمير المنشآت، بل قطع أيضًا التيار الكهربائي عنها، مما أدى إلى انقطاع شبه كامل لخدمات المياه والصرف الصحي، مشيرًا إلى أن الطواقم عملت على ضخ المياه العادمة من البرك المتجمعة إلى البحر لتفادي كارثة صحية إضافية.
وفيما يتعلق بالتدخلات العاجلة، أوضح فقها أن الحكومة الفلسطينية قامت بحصر الأضرار بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، حيث بلغت الخسائر المباشرة في قطاع المياه وحده 1.5 مليار دولار، إضافة إلى 100 مليون دولار من الأضرار غير المباشرة، بينما تُقدّر تكلفة إعادة الإعمار بـ 2.7 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم يحتاج إلى جهود دولية مكثفة لتأمينه.
وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية على تواصل مستمر مع الدول المانحة التي كانت قد موّلت مشاريع المياه سابقًا، مضيفًا أن الاحتلال لم يبدِ أي اهتمام بحجم هذه الاستثمارات، حيث تعمد تدميرها بالكامل. وأكد أن الجهود مستمرة لتأمين التمويل اللازم، لكن حجم الدمار يجعل إعادة الإعمار مسألة طويلة الأمد.
وحول الوضع في الضفة الغربية، قال فقها إن مخيمات شمال الضفة، مثل جنين وطولكرم، تعرضت لتدمير متكرر للبنية التحتية للمياه، حيث اضطرت الطواقم إلى إعادة تأهيل الشبكات خمس مرات خلال الأشهر الماضية بسبب الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة. وأوضح أن الاحتلال يتعمد هدم ما يتم إصلاحه فور اكتماله، مما يشكل تحديًا هائلًا للبلديات التي استُنزفت ماديًا وعمليًا.
وأكد أن سلطة المياه تعمل بالتنسيق مع شركائها الدوليين مثل اليونيسيف ومنظمة "معن ووور" لتأمين المستلزمات وقطع الغيار اللازمة لإصلاح الشبكات، مشددًا على أن الأولوية الآن هي لإعادة توفير المياه للمواطنين في أقرب وقت ممكن.
وختم فقها حديثه بالتأكيد على أن إعادة تأهيل شبكات المياه مرهونة بوقف العدوان الإسرائيلي وتأمين التمويل اللازم، مضيفًا أن حجم الدمار يستدعي خططًا طويلة الأمد لضمان عودة الخدمات إلى ما كانت عليه قبل الحرب.