خاص| جنين تحت الحصار: المستشفيات تواجه كارثة إنسانية وصحية خطيرة

تعيش مدينة جنين ومستشفياتها أوضاعًا صعبة وغير مسبوقة، حيث يتواصل العدوان الإسرائيلي لليوم الـ38 على التوالي، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية والاقتصادية، وسط استهداف مباشر للمرافق الطبية والبنية التحتية. في ظل هذا الواقع، تعاني المستشفيات من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، بينما يجد المرضى والكوادر الطبية صعوبة كبيرة في الوصول إلى أماكن العلاج.
وقالت ميساء الأسير، رئيسة مجلس إدارة مستشفى الشفاء الجراحي التخصصي الخيري، في حديث خاص لـ"رايــة"، إن مدينة جنين تعيش أصعب مراحلها، ليس فقط على المستوى الأمني، بل أيضًا على المستويين الإنساني والصحي، مؤكدة أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة جعلت الأوضاع الاقتصادية والصحية أكثر سوءًا.
وأوضحت الأسير أن جنين تضم أربع مستشفيات رئيسية، وهي مستشفى الشفاء، ابن سينا، الأمل، والمستشفى الحكومي، وجميعها تقع في منطقة مستهدفة بالاجتياحات المتكررة، مما جعلها شبه معزولة عن محيطها. وأضافت أن الاحتلال حول المنطقة المحيطة بهذه المستشفيات إلى "منطقة عسكرية مغلقة"، حيث يمنع دخول سيارات الإسعاف دون تفتيش دقيق، كما يتم التضييق على المرضى ومنعهم من الوصول إلى المرافق الطبية.
وأكدت أن الاعتداءات لم تقتصر على استهداف المستشفيات، بل شملت البنية التحتية أيضًا، حيث تم تدمير شبكات المياه والكهرباء، مما أدى إلى أزمة حادة في تزويد المشافي بالمياه، خاصة مع منع شاحنات المياه من الدخول. وأضافت أن المستشفيات تعاني نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية، مشيرة إلى أن الاحتلال يضع عقبات أمام دخول شحنات الأدوية من رام الله، ما يضطرهم إلى البحث عن طرق بديلة لجلب الإمدادات الطبية.
وأشارت الأسير إلى أن سيارات الإسعاف تواجه صعوبات يومية عند محاولتها نقل المرضى، حيث يتم استجواب الطواقم الطبية عند الحواجز وإعاقة حركتهم، مما يزيد من تعقيد الوضع الصحي. وأضافت أن بعض المرضى أصبحوا يخشون التوجه إلى المستشفيات خشية الاعتداءات، مما دفع العديد من النساء الحوامل إلى الولادة في مستشفيات خارج جنين، مثل طوباس ونابلس، لتجنب المرور عبر المناطق العسكرية المغلقة.
وأضافت أن الوضع الاقتصادي للمستشفيات يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، حيث تعاني من خسائر كبيرة نتيجة توقف الخدمات الطبية وتراجع أعداد المراجعين، موضحة أن تدمير البنية التحتية، خاصة شبكات الكهرباء والمياه، فاقم الأزمة، وجعل تشغيل المولدات الكهربائية أكثر صعوبة بسبب قيود الاحتلال على دخول الوقود.
وفيما يتعلق بدور المنظمات الدولية، أكدت الأسير أن الصليب الأحمر يقوم ببعض التحركات، لكنه أيضًا يتعرض لمضايقات الاحتلال، حيث يتم استجواب طواقمه وتفتيش سياراته، مما يؤثر على قدرته في إيصال الأدوية والمساعدات الطبية إلى المستشفيات.
وأشارت إلى أن الأزمة لا تتعلق فقط بالمستلزمات الطبية، بل تمتد أيضًا إلى نقص الكوادر الطبية، حيث يضطر الأطباء والممرضون للعمل لساعات طويلة بسبب مغادرة العديد منهم للمدينة نتيجة الوضع الأمني المتردي. وأكدت أن هذا الوضع أدى إلى إرهاق العاملين في القطاع الصحي، مما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة للمرضى.
وختمت الأسير حديثها بالإعلان عن مبادرة تهدف إلى إجراء 50 عملية جراحية للأطفال في مستشفى الشفاء بتكلفة رمزية، مشيرة إلى أنهم يبحثون عن دعم من المؤسسات الخيرية والبنوك للمساهمة في تمويل هذه العمليات. ودعت جميع الجهات المعنية إلى التدخل العاجل لإنقاذ المستشفيات في جنين، مؤكدة أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى كارثة صحية وإنسانية غير مسبوقة.