القضية الفلسطينية تتصدر الجلسة
مجلس الأمن الدولي يناقش الوضع في الشرق الأوسط

عقد مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، جلسة لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
وقالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط بالإنابة، سيغريد كاغ إن الشرق الأوسط يشهد اليوم تحولا سريعا، لا يزال نطاقه وتأثيره غير مؤكدين، "ولكنه يقدم أيضا فرصة تاريخية".
وفي إحاطتها أمام المجلس، أضافت كاغ التي تشغل أيضا منصب كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، "يمكن لشعوب المنطقة أن تخرج من هذه الفترة بالسلام والأمن والكرامة. ومع ذلك، قد تكون هذه فرصتنا الأخيرة لتحقيق حل الدولتين".
وأشارت إلى أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار على قطاع غزة "وفرت الإغاثة التي كان هناك حاجة ماسة إليها، إلا أنه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به لمعالجة أكثر من خمسة عشر شهرا من الحرمان من الضروريات الإنسانية الأساسية، وفوق كل شيء فقدان الكرامة الإنسانية".
وأوضحت أنه منذ دخول المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، سارعت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والدول الأعضاء إلى زيادة المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى غزة، وسمح تحسن الوصول والظروف الأمنية بتسليم المساعدات والخدمات.
وشددت على أنه بينما يتم التعامل مع الاحتياجات الفورية في غزة، "يتعين علينا أيضا أن نبني مستقبلا يوفر الحماية والتعافي وإعادة الإعمار"، مشيرة إلى أن التقديرات الأولية توضح أن 53 مليار دولار ستكون مطلوبة لصالح جهود التعافي وإعادة إعمار غزة.
وقالت كاغ: "لا بد أن يتمكن الفلسطينيون من استئناف حياتهم وإعادة الإعمار وبناء مستقبلهم في غزة. ولا يمكن أن يكون هناك أي مجال للنزوح القسري".
وشددت المسؤولة الأممية على أنه بينما تتم المشاركة في التخطيط لمستقبل غزة، يجب ضمان عدد من الأمور بما فيها أن تظل "غزة جزءا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية. وأن تكون غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية موحدة سياسيا واقتصاديا وإداريا".
وأكدت كاغ كذلك أنه "يجب ضمان ألا يكون هناك وجود طويل الأمد للجيش الإسرائيلي في غزة".
وقدمت أمام المجلس أربعة طلبات رئيسية: أولها، أن الدعم المستمر لتحقيق اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل، أمر بالغ الأهمية. أما ثاني تلك الطلبات فهو أنه "من الأهمية بمكان ألا نغفل الديناميكيات الخطيرة في الضفة الغربية، وأن التهدئة العاجلة ضرورية".
وأضافت كاغ: "ثالثا، يتعين على المجتمع الدولي أن يواصل دعم السلطة الفلسطينية في جهودها الإصلاحية واستئناف مسؤولياتها في قطاع غزة. وينبغي أيضا تمكين قوات الأمن الفلسطينية من القيام بمسؤولياتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها".
ودعت المسؤولة الأممية كذلك في رابع الطلبات التي قدمتها إلى مجلس الأمن، إلى تقديم الدعم السياسي والمالي لجهود التعافي وإعادة الإعمار في غزة.
وأعربت المسؤولة الأممية عن القلق "إزاء العمليات العسكرية الإسرائيلية وتصاعد العنف في الضفة الغربية"، مضيفة أن التقارير لا تزال تشير إلى وقوع ضحايا وتدمير وتشريد، خاصة في محافظات جنين وطوباس وطولكرم، حيث تتأثر مخيمات اللاجئين والبنية الأساسية بشكل كبير.
وقالت كاغ: "أشعر بالفزع إزاء مقتل امرأة حامل وأطفال صغار خلال هذه العمليات. لا بد من التحقيق في مثل هذه الحوادث بشكل شامل ومحاسبة المسؤولين عنها".
وحذرت المسؤولة الأممية كذلك من أن استمرار النشاط الاستيطاني إلى جانب الدعوات (الإسرائيلية) المستمرة للضم، "تشكلان تهديدا وجوديا لاحتمالات قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة وبالتالي حل الدولتين".
وتطرقت إلى التشريع الإسرائيلي الذي من شأنه وقف عمل الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة، مشددة على أن "عمل الأونروا لا يزال ضروريا، ويجب السماح له بالاستمرار دون عوائق".
منصور: لا يوجد حل عسكري للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بل سياسي فقط
وفي كلمته، قال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور، إن "خطة إسرائيل واضحة في قطاع غزة والقدس الشرقية وبقية الضفة الغربية – القضاء على الوجود الديموغرافي الفلسطيني لإنهاء الجغرافيا الفلسطينية".
وأضاف: "لدى إسرائيل هذا الحلم المتكرر بأنها ستنهي هذا الصراع عبر اختفاء الشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن "الوصفات الفاشلة" في الماضي لن تحقق مستقبلًا مختلفًا، مؤكدًا أن تاريخ الشعب الفلسطيني "مليء بالحروب التي شنتها إسرائيل وتوعدت بأنها ستكون حاسمة لكنها لم تكن كذلك".
وقال منصور: "الفكرة بأن المزيد من الظلم، والوحشية، والقمع سيؤدي إلى السلام هي ضرب من الجنون. الفكرة بأن المزيد من القتل والتشويه والتهجير سيجلب الأمن هي وهم".
وشدد على أنه لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع، بل حل سياسي فقط.
وأكد أن "هناك طريقًا واحدًا فقط للمضي قدمًا – الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة وضمان تنفيذه الكامل وفقًا لقرار مجلس الأمن 2735، وإنهاء التصعيد والعدوان في الضفة الغربية".
وشارك منصور تسجيلًا صوتيًا للحظة استشهاد الطفلة ليان حمادة (15 عامًا) بوابل من رصاص الاحتلال في غزة في كانون الثاني/يناير 2024، بعد أن اتصلت بالهلال الأحمر الفلسطيني إثر استشهاد والديها وأشقائها بالرصاص. وقالت ليان في التسجيل: "إنهم يطلقون النار علينا... نحن داخل السيارة والدبابة بجوارنا". وبعد ذلك، ساد الصمت. بعد لحظات، التقطت ابنة عمها، الطفلة هند رجب (6 سنوات)، الهاتف قائلة: "لقد ماتوا. أنا داخل السيارة... الليل يقترب. أنا خائفة. أرجوكم تعالوا وخذوني".
وأكد منصور وهو يرفع صورة الطفلة الشهيدة رجب أن "أطفالنا يستحقون التعاطف والتضامن"، مشددًا على أن تحقيق "السلام ممكن".
دانيل ليفي: نحتاج 300 ساعة صمت حدادا على 18 ألف طفل قتلتهم إسرائيل بغزة
وقال رئيس "مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية"، المفاوض الإسرائيلي الأسبق دانيل ليفي إن الوقوف دقيقة صمت حدادا على 18 ألف طفل فلسطيني قتلهم القصف الإسرائيلي بقطاع غزة سيمتد لأكثر من 300 ساعة.
وشدد ليفى في كلمته أمام مجلس الأمن على ضرورة تحقيق العدالة لجميع البشر وفق القوانين الإنسانية ذاتها.
ووجه ليفي رسالة قوية إلى الممثلين الدوليين، داعيا إلى إنصاف الشعب الفلسطيني وتطبيق القوانين الدولية لحمايته، مؤكدا أن المعاناة الإنسانية يجب ألا تكون انتقائية.
وأكد أنه "لا ينبغي لأي إنسان أن يتعرض لتجارب مروعة أبدا"، بمن في ذلك الشعبان الإسرائيلي والفلسطيني، اللذان "يستحقان العيش بأمان".
وشدد على أن آلاف الفلسطينيين قتلوا، وجُرحوا، وتضوّروا جوعًا، في ظل تدمير المدارس والمستشفيات ومراكز الإيواء، والأحياء السكنية بأكملها، خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.
وأشاد بصمود الفلسطينيين رغم الكارثة الإنسانية التي ألمّت بهم جراء الإبادة الإسرائيلية.
وذكّر بالدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، الذي "لا يزال معتقلا ويتعرّض لسوء معاملة بالسجون الإسرائيلية".
وأكد ليفى أنه لا ينبغي نسيان أسماء الأطفال الضحايا، سواء الإسرائيليين أو الفلسطينيين.
وقال في هذا الصدد: "لا ينبغي أن ننسى أسمي طفلي عائلة بيباس، أرييل وكفير، وظروف وفاتهما".
وأضاف ليفى: "كما لا ينبغي نسيان اسم ليلى الخطيب، الطفلة الفلسطينية ذات العامين، التي قُتلت قبل أيام بمنزلها في الضفة الغربية المحتلة، أثناء تناولها العشاء مع أسرتها، أو هند رجب ذات الخمسة أعوام، التي قُصفت وحرمت من الرعاية الطبية، وماتت مع أسرتها" بنيران إسرائيلية خلال حرب الإبادة بغزة.
ولإظهار عدم النسبة والتناسب بين معاناة الإسرائيليين والفلسطينيين، قال ليفي إن "الوقوف دقيقة صمت على روحي أرييل وكفير بيباس لأمر مناسب". واستدرك: "لكن إذا وقفنا دقيقة صمت على أرواح 18 ألف طفل فلسطيني قُتلوا في القصف الإسرائيلي، فسيستمر الصمت أكثر من 300 ساعة".
وشدد على ضرورة "وقف هذا الصراع والمعاناة الإنسانية"، مشيرا إلى أنه "ناجم عن الصراع السياسي، والمآسي التي يمكن منعها، والعديد من المآسي الأخرى التي تنتظر الخطوات التي لم يتم اتخاذها".
وقال: "نحن جميعًا بشر، وجميعنا ولدنا متساوون".
وأضاف ليفي: "يمكننا، بل ويجب علينا استخدام لغة قوية ومؤثرة، في النهاية لدينا قواعد وقوانين ومواثيق واتفاقيات وحقوق من المفترض تطبيقها وليس تجاهلها".
وأعرب مندوب سلوفينيا عن قلقه إزاء اقتراح تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، مشيرًا إلى أن المجلس رفض بوضوح أي محاولات لإحداث تغيير ديموغرافي أو جغرافي في غزة، وذلك في القرار 2735 (2024) الذي قدمته الولايات المتحدة.
وقال: "غزة ملك لسكانها، وهي جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية".
بدوره، قال مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، إن "الاحتلال الإسرائيلي قتل نحو 18 ألف طفل في قطاع غزة، وهذا يتطلب تحقيقا مستقلا"، مشددا على وجوب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار تنفيذا كاملا.
وأضاف: "ينبغي الإبقاء على وقف إطلاق النار تماشيا مع قرار مجلس الأمن 2735"، لافتا إلى أن إعادة الإعمار في غزة يحتاج خطة شاملة لضمان بقاء الشعب الفلسطيني على أرض أجداده.
وأكد أن الاحتلال مارسَ في غزة سياسة الأرض المحروقة، وهو الآن ينقل عدوانه إلى الضفة الغربية.
وأدان بن جامع، قرار الاحتلال الإسرائيلي الأخير بالاستيلاء على 90 مليون دولار من عوائد الضرائب الفلسطينية "المقاصة"، مؤكدا أن "إضعاف السلطة الفلسطينية يشكّل مسارا خطيرا يهدّد المشروع الوطني الفلسطيني بحدّ ذاته".