رئيس بلدية جنين لراية: المدينة تواجه كارثة إنسانية والبلدية على حافة الإفلاس
يواجه مخيم جنين ومدينة جنين كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يتواصل العدوان الإسرائيلي الذي أدى إلى تهجير السكان وتدمير واسع للبنية التحتية، مما جعل المخيم غير صالح للحياة.
وفي ظل هذه الأوضاع، تعاني بلدية جنين من أزمة مالية خانقة، تهدد قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية، وسط نداءات استغاثة محلية ودولية لإنقاذ المدينة من الانهيار.
قال رئيس بلدية جنين، محمد جرار، في حديث خاص لـ"رايــة"، إن الأوضاع الإنسانية في المدينة صعبة جدًا، خاصة في ظل البرد القارس، مشيرًا إلى أن هناك جيشًا جديدًا من الفقراء بدأ يظهر في جنين نتيجة تعطل مصالح الناس وأرزاقهم طوال هذه الفترة. وأضاف: "الوضع أشبه ما يكون بكارثة حلت بالمدينة والمخيم."
وأوضح جرار أن ما يجري في جنين هو عملية سياسية أكثر منها أمنية، وأن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بدأت بتطبيق برنامجها الهادف للقضاء على ملف اللاجئين وفرض التهجير، قائلًا: "نحن الآن أمام تهجير داخلي قد يتحول لاحقًا إلى تهجير خارجي."
وأضاف أن الاحتلال نجح حتى الآن في إخلاء مخيم جنين بالكامل من سكانه لمدة 32 يومًا، وهي سابقة لم تحدث منذ إنشاء المخيم.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال بدأت بوضع سياج في بعض المناطق المحيطة بالمخيم وإنشاء معسكر جنوبه، مؤكدًا أنه لا يوجد أي أفق لنهاية هذه العملية، بل يبدو أنها ستستمر لفترة طويلة.
وأضاف: "إسرائيل تمارس سياسة تغيير جغرافيا المخيمات في محاولة لطمس قضية اللاجئين تمامًا."
وأكد جرار أن الاحتلال يتبع سياسة تدمير ممنهجة في مخيم جنين، حيث يعمل على شق طرق جديدة على أنقاض منازل المواطنين، إضافة إلى التدمير العشوائي الواسع النطاق، ما يهدف إلى جعل المخيم غير صالح للسكن، ومنع النازحين من العودة إليه أو إعادة إعماره.
وقال: "وجود الاحتلال كل هذا الوقت يهدف إلى دفع الناس نحو التكيف مع واقع جديد خارج المخيم."
أزمة مالية خانقة تهدد بلدية جنين
وفيما يتعلق بوضع البلدية، أوضح جرار أن الأزمة المالية بدأت منذ حوالي ثلاث سنوات ونصف، مع تصاعد الاجتياحات الإسرائيلية للمدينة والمخيم. وأضاف: "منذ أواخر 2021 وحتى الآن، شهدت جنين أكثر من 104 عمليات اقتحام، ما فرض أعباء هائلة على البلدية."
وأكد أن البلدية تعمل حاليًا بنظام الطوارئ فقط، حيث أصبحت الإيرادات شبه معدومة، بينما ارتفعت المصاريف بشكل كبير.
وأضاف: "إيرادات البلدية أصبحت بالسالب، ومديونيتنا وصلت لعشرات الملايين، ولم يتلقَّ الموظفون رواتبهم منذ فترة طويلة."
وحذر جرار من كارثة حقيقية إذا انهارت البلدية تمامًا، مشددًا على أن الدعم الحكومي لم يتوقف، لكنه غير كافٍ مقارنة بحجم الدمار الحاصل، قائلًا: "الحكومة تعمل جاهدة معنا، لكن حجم الأضرار يفوق بكثير الإمكانيات المتاحة، ونحن بحاجة إلى دعم دولي عاجل."
وكشف أنه سيتوجه إلى الأردن للقاء السفير الماليزي في محاولة لجلب الدعم لبلدية جنين، مضيفًا: "أطلقنا نداءات استغاثة لكل الجهات، بما فيها المنظمات الدولية والدول الشقيقة، لأننا أمام كارثة حقيقية."
دمار هائل يفوق إمكانيات البلدية
وفيما يتعلق بإعادة الإعمار، أكد جرار أن حوالي 60% من مخيم جنين في حالة دمار شبه كامل، مع أكثر من 2000 منزل مدمر كليًا أو جزئيًا، مشيرًا إلى أن الخسائر تتجاوز مئات الملايين من الشواكل.
وأضاف: "البلدية لا تستطيع مواجهة هذه الكارثة بمفردها، والدمار الحاصل أكبر مما يمكن تخيله."
وأوضح أن هناك مناطق في جنين تعرضت للهدم وإعادة الإعمار 12 مرة، والاحتلال يواصل تدمير ما يتم بناؤه، مما جعل البلدية غير قادرة على تقديم أي خدمات تطويرية.
وقال: "نحن مضطرون للمفاضلة بين الخدمات، ونركز فقط على الأساسيات مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، بينما تعبيد الطرق بات أمرًا منسيًا."
