الحصاد المائي في الزراعة البيئية.. كيف يحافظ المزارعون على مياه الأمطار؟
تحدث المهندس سعد داغر، الفلاح الشهير والمهندس الزراعي المختص بالزراعة البيئية في فلسطين، حول أهمية احتضان مياه الأمطار في الحقول، وكيف يمكن للمزارعين الاستفادة من كل قطرة ماء لضمان إنتاج زراعي مستدام، خاصة في ظل تراجع كميات الأمطار هذا العام.
وقال داغر في حديث خاص لـرايــة إن مفهوم الحصاد المائي أو احتضان مياه الأمطار يقوم على الاستفادة القصوى من مياه المطر وتخزينها داخل التربة، بحيث تبقى داخل الحقل بدلًا من أن تتسرب بعيدًا، ما يساعد في توفير المياه للنباتات لفترات أطول، مشيرًا إلى أن هناك عدة إجراءات يمكن للمزارعين اتباعها لتحقيق ذلك، خاصة مع انخفاض كميات الأمطار عن المعدل السنوي.
وأشار إلى أن الفلاح الفلسطيني لطالما امتلك معرفة وخبرة في مواجهة تحديات الزراعة، وكان يعتمد في الماضي على تقنيات بسيطة للحفاظ على مياه الأمطار، مثل قلب التربة بطريقة متعامدة مع اتجاه ميل الأرض لوقف تدفق المياه والاستفادة منها، لكنه أكد أن هناك طرقًا أكثر فاعلية يمكن تطبيقها اليوم لتعظيم الاستفادة من المياه.
أوضح المهندس داغر أن إحدى أهم الوسائل للاحتفاظ بالمياه داخل التربة هي زيادة نسبة المادة العضوية، التي تعمل مثل الإسفنجة في امتصاص المياه والحفاظ عليها لفترات أطول. وأكد أن هناك عدة طرق لزيادة المادة العضوية في التربة، مثل:
- إضافة الأسمدة الطبيعية كروث الحيوانات، الذي يتحلل في التربة ويزيد من قدرتها على الاحتفاظ بالمياه.
- ترك الأعشاب الجافة في الحقل بدلاً من إزالتها بالكامل، حيث يمكن قصها ونشرها على سطح التربة للحفاظ على الرطوبة ومنع التبخر.
- استخدام بقايا التقليم من الأشجار وتركها في الحقل لتتحلل تدريجيًا وتساهم في تحسين خصوبة التربة.
تقنيات أخرى للحفاظ على المياه
كما تحدث داغر عن القنوات المائية التي يمكن إنشاؤها داخل الحقل وفق مستويات الأرض، بحيث تعمل كخزانات طبيعية لتجميع المياه الزائدة عند سقوط الأمطار الغزيرة، ثم تتسرب المياه تدريجيًا إلى التربة، ما يضمن بقاء التربة رطبة لفترة أطول.
أما عن استخدام الحجارة في الحقول، فأوضح أنها تقلل من التبخر من خلال توفير ظل للتربة، لكنها لا تحتفظ بالمياه كما تفعل المادة العضوية، لذلك أوصى المزارعين بالتركيز على إضافة الأسمدة الطبيعية وزيادة المواد العضوية التي تعمل كخزان طبيعي للمياه.
التوقف عن الحراثة التقليدية
وأكد المهندس سعد داغر أنه توقف عن حراثة الأرض تمامًا منذ سنوات، مشيرًا إلى أن الحراثة التقليدية تساهم في فقدان التربة لمياهها، بينما تساعد الطبقات العضوية التي تضاف إلى سطح التربة في الحفاظ على الرطوبة ومنع التبخر، كما أنها تغذي التربة بالكائنات الحية الدقيقة التي تحسن من خصوبتها.
كما حذر من استخدام الأسمدة الكيماوية، مؤكدًا أنها تزيد من حاجة النبات إلى كميات أكبر من المياه، لأنها تحتوي على نسبة عالية من الأملاح التي تؤدي إلى جفاف التربة. وأوضح أن الاستغناء عن المواد الكيماوية واستبدالها بالأسمدة العضوية يساعد في تقليل استهلاك المياه وتحسين جودة التربة على المدى الطويل.