خاص| رسائل سياسية وعسكرية قوية من المقاومة خلال تسليم الدفعة الخامسة من الأسرى
حملت مشاهد تبادل الأسرى الأخيرة العديد من الرسائل السياسية والعسكرية المباشرة التي لم تكن موجهة فقط للاحتلال الإسرائيلي، بل للإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي أيضًا. وتجلّت هذه الرسائل في طريقة تنظيم الحدث، والشعارات المرفوعة، وحتى الموقع الذي جرت فيه عملية التسليم.
وكانت عبارة "اليوم التالي" حاضرة، لكنها أتت بصيغة المقاومة، حيث كان العلم الفلسطيني مرفوعًا على المنصة، في تأكيد أن اليوم التالي ليس كما يروج له الاحتلال، بل هو يوم فلسطيني بامتياز.
رسالة إلى الإدارة الأمريكية: غزة باقية وأهلها لن يرحلوا
قال الباحث في الشؤون الإسرائيلية محمد القيق لـرايــة "إن اختيار موقع التسليم في دير البلح، المنطقة الهادئة التي لم تتعرض للدمار الواسع، كان رسالة مباشرة إلى الإدارة الأمريكية، التي حاولت إظهار غزة على أنها أرض غير صالحة للحياة ويجب تهجير سكانها. هذه الرسالة أكدت أن الفلسطينيين لن يخرجوا من تحت الأنقاض في جباليا، ولن يغادروا حتى من المناطق الآمنة مثل دير البلح، لأنهم ثابتون في أرضهم.
وأضاف القيق إن المقاومة الفلسطينية أرادت إرسال رسالة قوة وثبات إلى الفلسطينيين أنفسهم، خاصة في ظل حملة إعلامية ضخمة تهدف إلى إرباكهم وإبقائهم في حالة ضعف دائمة.
وتابع القيق: "جاءت المقاومة بهذا النفس القوي، بهذا الترتيب، بهذا التنظيم، وبهذا الصوت، حتى حالة التفاعل بين الجمهور والمقاومة على المنصة ومن حولها، كل ذلك يؤكد أن هناك قرارًا داخل قيادة المقاومة برفع معنويات الشعب الفلسطيني، لأن الشعوب إذا بقيت معنوياتها متدنية أو لم تعش حالة من النهوض وطوفان الوعي، فإنها ستبقى تحت الاحتلال، وستقبل الحواجز والاستيطان وكل أشكال القمع".
وأشار إلى أن حديث أبو عبيدة الأخير حول "طوفان الوعي" جاء ضمن هذه الرؤية، وهو ما ستعمل عليه المقاومة خلال المرحلة المقبلة.
رسالة الأسرى: لا هزال ولا تعذيب
علّق القيق على مشاهد الأسرى الإسرائيليين، قائلًا: "لم أرَ أي هزال على الأسرى، قد يكون بعضهم في منطقة فيها طعام متاح للجميع، فتأثر بذلك المشهد، لكن المقاومة لا تتخذ قرارًا بإهانة الأسرى أو إذلالهم، وهذا مرتبط بالعقيدة الإسلامية، وبثقافة الشعب الفلسطيني، وبالالتزام الأخلاقي للمقاومة".
وأضاف: "الاحتلال يريد تصوير المقاومة على أنها عصابات، بينما الحقيقة أن من عاد بالأمس إلى أصله العصاباتي هو الجيش الإسرائيلي، الذي استقبل الأسرى الفلسطينيين المحررين وهم مكبلون، مضروبون، وبعضهم مصاب".
إسرائيل تتعامل بمنطق العصابات
وقال القيق: "جيش الاحتلال يريد أن يظهر المقاومة وكأنها مجموعات خارجة عن القانون، بينما هو الذي تصرف بعقلية العصابات، وأعاد إلى الأذهان صورة "الهاغاناه" و"البلماخ" حين رأينا الباصات بالأمس وهي تحمل أسرى فلسطينيين مكبلين ومصابين".
وأكد أن المقاومة لم تمس الأسرى الإسرائيليين بسوء، رغم الدمار، ورغم أن بعض عناصر "وحدة الظل" فقدوا عائلاتهم بالكامل، لكنهم لم ينتقموا، وهذا يدل على ثقة بالنفس، وأن المقاومة تعرف أنها صاحبة حق ومنتصرة".
رسالة الأنفاق: المقاومة جاهزة تحت الأرض كما فوقها
وحول المشاهد التي عرضتها كتائب القسام، قال القيق: "الرسالة الأهم لم تكن في العروض، ولا في إظهار التنظيم العسكري للمقاومة، بل كانت في مشاهد الأنفاق التي بثتها كتائب القسام، هذه هي الرسالة الأهم".
وأضاف: "المقاومة تقول بوضوح: أريناكم فوق الأرض، وسنريكم بعضًا مما لدينا تحت الأرض، وإذا عدتم لمحاربة الأنفاق، فجنودكم وضباطكم هناك، وإذا عدتم لضرب الشقق والعمارات، فإن لدينا جنودًا وضباطًا فوق الأرض أيضًا".
وأكد القيق أن المقاومة لم تُظهر حتى الآن ما لديها من صواريخ ومعدات عسكرية، وما عرضته حتى الآن لا يتعدى بعض القذائف والذخائر، وهو جزء من تكتيكاتها في إدارة المعركة".