الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:10 AM
الظهر 11:52 AM
العصر 2:49 PM
المغرب 5:16 PM
العشاء 6:34 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

معاملة إسرائيل للفلسطينيين لا تعطيها الحق في الوجود.. لكن ساسة أمريكا يصرون على التسامح معها

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الامريكية مقال رأي لأستاذ الصحافة بجامعة سيتي في نيويورك والمعلق في صفحة الرأي بالصحيفة، بيتر بينارت، ناقش فيه فكرة وجود الشعوب والدول.

وفي مقال تحت عنوان “الدول ليس لها حق بالوجود أما الشعوب فلها”، تساءل في بدايته عن الطريقة التي تعامل فيها واشنطن سواء من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي إسرائيل عبر مقولة “إسرائيل لها حق في الوجود” وهي مقولة يتوافق فيها رئيس مجلس النواب مايك جونسون وزعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفرزي، وكذا إدارة بايدن ووزير الخارجية السابق أنطوني بلينكن ووزير الخارجية الجديد ماركو روبيو، ووزير دفاع ترامب الجديد بيت هيغسيث وكذا زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك تشومر. وفي عام 2023، أكد مجلس الشيوخ على حق إسرائيل بالوجود في تصويت.

ويعلق قائلا إن هذا ليس هو الأسلوب الذي يتحدث به الساسة في واشنطن عادة عن الدول الأخرى. فهم عادة ما يبدأون بحقوق الأفراد، ثم يسألون عن مدى نجاح دولة معينة في تمثيل الناس الخاضعين لسيطرتها. وإذا كان زعماء أمريكا يضعون حياة كل من يعيش بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط ​​في المقام الأول، فسيكون واضحا أن السؤال عما إذا كانت إسرائيل تتمتع بحق الوجود هو السؤال الخطأ.

إذا كان زعماء أمريكا يضعون حياة كل من يعيش بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط ​​في المقام الأول، فسيكون واضحا أن السؤال عما إذا كانت إسرائيل تتمتع بحق الوجود هو السؤال الخطأ.

 والطريقة لطرح هذا السؤال: هل تحمي إسرائيل، كدولة يهودية، حقوق كل الأفراد الخاضعين لسيطرتها على النحو اللائق؟ والإجابة هي لا.

ودعا بينارت للتأمل بهذا السيناريو: إذا انفصلت اسكتلندا قانونيا أو ألغى البريطانيون النظام الملكي، فلن تعود المملكة المتحدة موحدة ولا مملكة. وستتوقف بريطانيا كما نعرفها عن الوجود، وستحل محلها دولة مختلفة.

وسوف يقبل روبيو وشومر وزملاؤهما هذا التحول باعتباره شرعيا لأنهم يعتقدون أن الدول يجب أن تستند إلى موافقة المحكومين.

ويقول بينارت إن قادة أمريكا يؤكدون على هذه النقطة بشكل قاطع عندما يناقشون أعداء أمريكا. فهم غالبا ما يدعون إلى استبدال الأنظمة القمعية بدول تلبي بشكل أفضل المعايير الديمقراطية الليبرالية. وفي عام 2017، زعم جون بولتون، الذي أصبح فيما بعد مستشارا للأمن القومي في إدارة ترامب الأولى قائلا إن: “السياسة المعلنة للولايات المتحدة يجب أن تكون الإطاحة بنظام الملالي في طهران”. وفي عام 2020، وصف وزير الخارجية في حينه مايك بومبيو جمهورية الصين الشعبية بأنها “نظام ماركسي لينيني” مع “أيديولوجية شمولية مفلسة”.

لم يكن هؤلاء المسؤولون الأمريكيون يحثون هذه البلدان على استبدال زعيم معين فحسب، بل على تغيير نظامها السياسي، وبالتالي، في جوهره، إعادة تشكيل الدولة. وفي حالة جمهورية الصين الشعبية، التي تدل على هيمنة الحزب الشيوعي أو جمهورية إيران الإسلامية، التي تدل على حكم رجال الدين، فإن هذا يستدعي على الأرجح تغيير الاسم الرسمي للبلاد.

وفي عام 2020 أعلن بومبيو في خطاب له أن الآباء المؤسسين لأمريكا اعتقدوا أن “الحكومة لا توجد لتقليص أو إلغاء حقوق الأفراد وفقا لنزوات أصحاب السلطة، بل لضمانها”.

ومن هنا فالسؤال: هل للدول التي تحرم الأفراد من حقوقهم الحق في الوجود بشكلها الحالي؟ وحسب كلام بومبيو، فلا يحق لها.

لكن، ماذا لو تحدثنا بهذه الطريقة عن إسرائيل؟ فنصف السكان الخاضعين لإسرائيل هم فلسطينيون، معظمهم من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، ومعظمهم لا يستطيعون الحصول على المواطنة في دولة إسرائيل التي تمارس سلطة الحياة والموت عليهم. ومارست إسرائيل هذه السلطة، حتى قبل هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبخاصة أنها كانت تسيطر على المجال الجوي والمجال البحري وتسجيل السكان والمعابر البرية، مما حول غزة حسب وصف منظمة “هيومان رايتس ووتش” إلى “سجن مفتوح”. وحتى الأقلية من الفلسطينيين الخاضعين للسيطرة الإسرائيلية والذين يحملون الجنسية الإسرائيلية والذين يطلق عليهم أحيانا “العرب الإسرائيليون”، تفتقر إلى المساواة القانونية.

وفي الشهر الماضي، وعد بلينكن بأن الولايات المتحدة سوف تساعد السوريين في بناء دولة “شاملة وغير طائفية”، ومن الواضح أن إسرائيل الحالية ستفشل في اجتياز هذا الاختبار. ومع ذلك ففكرة دولة غير طائفية وشاملة على هذه الأرض تظل أمرا لا يمكن أن يتصوره قادة اليهود الأمريكيين. والواقع أن اليهود يشعرون بالغضب الشديد عندما يدعو الزعماء الإيرانيون إلى محو إسرائيل من على الخريطة. ولكن هناك فرقا جوهريا بين دولة تتوقف عن الوجود بسبب غزو جيرانها لها ودولة تتوقف عن الوجود لأنها تتبنى شكلا أكثر تمثيلاً للحكم.

ولا يصر قادة اليهود الأمريكيين على حق إسرائيل في الوجود، بل ويصرون على حقها بالوجود كدولة يهودية. وهم يتمسكون بفكرة أنها دولة يهودية وديمقراطية في نفس الوقت، رغم التناقض بين التفوق القانوني لجماعة إثنية دينية واحدة والمبادئ الديمقراطية التي تدعو لمساواة الجميع بناء على القانون.

يتمسك اليهود الأمريكيون بفكرة أن إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية في نفس الوقت، رغم التناقض بين التفوق القانوني لجماعة إثنية دينية واحدة والمبادئ الديمقراطية التي تدعو لمساواة الجميع بناء على القانون

ويرى بينارت أن الاعتقاد بفكرة الدولة اليهودية وأنها تحمل قيمة غير مشروطة، بصرف النظر عن تأثيرها على الناس الذين يعيشون داخلها، لا يتعارض فقط مع الطريقة التي يتحدث بها زعماء أمريكا عن البلدان الأخرى. بل ويتعارض أيضا مع التقاليد اليهودية. فهذه لا تنظر إلى الدول باعتبارها تمتلك حقوقا، بل تنظر إليها بريبة عميقة.

وفي عام 1975 كتب الناقد الاجتماعي الإسرائيلي الأرثوذكسي يشعياهو ليبوفيتز: “إنني أنكر بشدة أن تكون للدولة أي قيمة جوهرية على الإطلاق”. ولم يكن ليبوفيتز فوضويا، ولكن برغم أنه اعتبر نفسه صهيونيا، فقد أصر على أن الدول، بما في ذلك الدولة اليهودية، يجب أن تحكم على أساس معاملتها للبشر الخاضعين لسيطرتها.

فالدول ليس لها الحق في الوجود. أما البشر فهم من لهم الحق في الوجود. ويشير الكاتب إلى أن أهم رموز الكتاب المقدس مثل موسى ومردخاي، خاطروا بحياتهم عندما رفضوا معاملة الحكام المستبدين كشخصيات مقدسة. وبرفضهم عبادة سلطة الدولة، رفضوا عبادة الأصنام، وهو الحظر الذي يشكل جوهر اليهودية إلى الحد الذي جعل الحاخام يوحنان يصفه في التلمود بأنه التعريف الحقيقي لليهودية.

واليوم، يبدو هذا الشكل من عبادة الدولة، حاضرا في الحياة اليهودية الأمريكية السائدة. ومن الخطورة بمكان أن نبجل أي كيان سياسي، بل الخطورة بشكل خاص هي أن نبجل كيانا يصنف الناس باعتبارهم متفوقين أو أدنى مرتبة على أساس قبيلتهم.

وعندما تصر الجماعات اليهودية الأكثر نفوذا في أمريكا، مثل الزعماء الأمريكيين، مرارا وتكرارا على أن إسرائيل لها الحق في الوجود، فإنهم يقولون في واقع الأمر إن إسرائيل لا تستطيع أن تفعل شيئا، مهما بلغ الضرر الذي قد تلحقه بالناس الذين يعيشون تحت هيمنتها، بدون الحاجة لإعادة النظر في شخصية الدولة.

وفعلوا هذا رغم انتهاكات إسرائيل الصارخة لحقوق الإنسان. ومنذ ما يقرب من 16 عاما، أي منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة في عام 2009، حكم إسرائيل قادة يتفاخرون بمنع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من إنشاء دولتهم الخاصة بهم، وبالتالي إجبارهم على العيش كمواطنين طارئين، بدون حقوق أساسية تحت الحكم الإسرائيلي.

وفي عام 2021، اتهمت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بيتسيلم”، إسرائيل بممارسة الفصل العنصري. وسجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية زيادة في الهجمات التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية في عام 2024 مقارنة بأي عام منذ أن بدأت تسجل الحوادث قبل ما يقرب من 20 عاما.

يشكل تدمير غزة مثالاً مروعا على فشل إسرائيل في حماية أرواح وكرامة كل الناس الذين يقعون تحت سلطتها. إن الفشل في حماية أرواح الفلسطينيين في غزة يعرض اليهود للخطر في نهاية المطاف

ومع ذلك يصر قادة اليهود الأمريكيين والساسة الأمريكيون على التعامل مع فكرة مساءلة مشروعية الدولة اليهودية بأنها أمر غير مشروع، بل ومعاد للسامية “لقد جعلنا إسرائيل مذبحنا” يقول بينارت، وقد تحققت مخاوف ليبوفيتز: “عندما يتم تقديم الأمة والبلد والدولة باعتبارها قيما مطلقة، فإن كل شيء جائز”.

وكثيرا ما يقول زعماء اليهود الأمريكيين إن الدولة اليهودية ضرورية لحماية الأرواح اليهودية. ولا يمكن لليهود أن يكونوا آمنين ما لم يحكمهم اليهود. و”أنا أفهم لماذا يستثني العديد من اليهود الأمريكيين، الذين يعتقدون كقاعدة عامة أن الدول لا ينبغي لها أن تميز على أساس الدين أو العرق أو العرق، إسرائيل. وهذا رد على تاريخنا المؤلم كشعب. ولكن على الرغم من معاداة السامية العالمية، فإن يهود الشتات، الذين يراهنون على سلامتنا على مبدأ المساواة القانونية، أكثر أماناً بكثير من اليهود في إسرائيل”.

ولكن لماذا يجد اليهود الإسرائيليون المواطنين الفلسطينيين أقل تهديدا من الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة؟ يجيب بينارت: يرجع هذا إلى حد كبير لقدرة المواطنين الفلسطينيين على التصويت في الانتخابات الإسرائيلية. فبرغم تعرضهم للتمييز الشديد فإنهم على الأقل يملكون بعض الأساليب السلمية والقانونية لإسماع أصواتهم.

قارن هذا بالفلسطينيين في غزة أو الضفة الغربية الذين لا يملكون أي وسيلة قانونية للتأثير على الدولة التي تقصفهم وتسجنهم. وعندما تحرم الناس من حقوقهم الأساسية فإنك تعرضهم لعنف هائل. وعاجلا أم آجلا فإن هذا العنف يعرض الجميع للخطر. ففي عام 1956، رأى طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات يدعى زياد النخالة جنودا إسرائيليين يقتلون والده في مدينة خان يونس في غزة. وبعد ما يقرب من سبعين عاما، أصبح هو زعيم حركة الجهاد الإسلامي المنافسة الأصغر حجما لحماس ولكنها لا تقل عنها تشددا.

ويشكل تدمير غزة مثالاً مروعا على فشل إسرائيل في حماية أرواح وكرامة كل الناس الذين يقعون تحت سلطتها. إن الفشل في حماية أرواح الفلسطينيين في غزة يعرض اليهود للخطر في نهاية المطاف. ففي هذه الحرب، قتلت إسرائيل بالفعل أكثر من مائة ضعف عدد الفلسطينيين في غزة مقارنة بما فعلته في المذبحة التي أودت بحياة والد النخالة. فكم من الأطفال في سن الثالثة سيظلون يسعون إلى الانتقام بعد سبعة عقود من الآن؟

ولكن باسم سلامة اليهود، يبدو أن المنظمات اليهودية الأمريكية تتسامح مع أي شيء تفعله إسرائيل بالفلسطينيين تقريبا، حتى الحرب التي تعتبرها منظمة العفو الدولية والباحث البارز في الهولوكوست المولود في إسرائيل عومير بارتوف الآن إبادة جماعية. ولكن ما لا يستطيع الزعماء اليهود والساسة الأمريكيون أن يتسامحوا معه هو المساواة بين الفلسطينيين واليهود، لأن هذا من شأنه أن ينتهك حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية.

Loading...