قضايا في المواطنة..
خاص| ما مدى تأثير الاستقطاب السياسي والاجتماعي على بنى المجتمع الفلسطيني؟
خاص - راية
سلّط برنامج "قضايا في المواطنة" الذي يبث عبر "رايــة" الضوء على مدى تأثير الاستقطاب السياسي والاجتماعي على بنى المجتمع الفلسطيني.
الباحث السياسي طلال أبو ركبة تحدث عن مفهوم الاستقطاب السياسي وواقعه في فلسطين، وقال إن توقيت طرح هذا الموضوع مهم جدا حاليا.
وأوضح أن الاستقطاب السياسي هو "حالة من التجاذب والتنافس السياسي المستمر القائم بين مجموعة من المكونات السياسية التي تحاول التأثير على آراء وتوجهات وأفكار المجتمع وتشكيل رأي عام يخدم مصالحها وتوجهاتها وأفكارها".
وذكر أن ظاهرة التنافس السياسي طبيعية تدل على التعددية السياسية وهي شكل من أشكال الديمقراطية الصحيحة في المجتمعات الصحية، لكن في السياق الفلسطيني حينما نتحدث عن الاستقطاب السياسي وأشكاله، نرى بكل أسف شكل من أشكال التناحر السياسي والفرقة وغياب وحدة الموقف والحال.
وأضاف أبو ربكة أن هذا ينعكس تماما على صلابة البنى المجتمعية والسياسية القائمة في السياق الفلسطيني.
واستطرد قائلا: "لطالما كنا كفلسطينيين على مدار تاريخنا، نعيش حالة الاستقطاب السياسي، بدأت مع القوى السياسية التي تشكلت قبل نكبة 1948 وكانت بطبيعتها بنى مناطقية وجهوية وعائلية، واستمرت هذه الحالة حتى ولادة الحركة الوطنية الفلسطينية".
وتابع إن الحركة الوطنية الفلسطينية نجحت أن تأخذنا من ثقافة الجهوية والعائلة والعشائرية إلى ثقافة الوطنية الفلسطينية وأصبحنا نعرف عن أنفسنا من خلال الحركة الوطنية الفلسطينية في إطار هوياتي جامع وطني للكل الفلسطيني.
وأردف قائلا: "بعد ولادة السلطة الوطنية والتي كان يناط بها أن تكون نواة دولة مدنية فلسطينية ديمقراطية تعيد الاعتبار إلى منظومة حقوق الإنسان والعقد الاجتماعي التأسيسي للمواطنين بغض النظر عن الطبقة أو العائلة والوضع الاقتصادي والمنطقة إلا أنه بكل أسف في ضوء حالة التناحر السياسي وانعدام الرؤية السياسية الواحدة وعدم توحيد المواقف السياسية، ولد ذلك حالة من الانقسام والشتات الفلسطيني الداخلي، ما انعكس على صلابة ومناعة مجتمعنا".
وأكمل أبو ركبة قائلا: "بدلا من أن تكون حالة الاستقطاب السياسي مؤشر صحي على التعددية السياسية باتت مؤشر سلبي على دلالات السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني".
وتطرق أبو ركبة إلى مآلات الاستقطاب الحاد في المجتمع الفلسطيني على المستوى القريب والبعيد، موضحا أن أخطر ما يمكن أن يهدده هذا الاستقطاب هو تهديد الهوية الوطنية الجمعية للشعب الفلسطيني.
وزاد قائلا: "عندما تكون حدة الاستقطاب والاستفراد بالقرار والعبثية بالمشهد السياسي بهذا الشكل، يؤدي للنزعة الانفصالية وعدم التمثيل"، مشيرا إلى أن استطلاعات الرأي في مراكز صنع القرار في الحالة الفلسطينية، تبين غياب الاجماع على رؤية وموقف جمعي للشعب الفلسطيني سواء فيما يتعلق بتعريف العقد السياسي الجامع للشعب الفلسطيني أو تعريف مفهوم الهوية الوطنية الجمعية.
ونبه إلى أن هناك إرث طويل جدا من غياب "الدمقرطة" في المؤسسة الفلسطينية، والنظام السياسي الذي تم تأسيسه ما بعد أوسلو، كان دولة ديمقراطية مدنية تشاركية تجمع في طياتها الكل الوطني الفلسطيني، لكن هذه السلطة القائمة والانقسامات حولها أدت إلى حالة من الاستقطاب السياسي، التي أخذت مضامين وأبعاد تتعلق بتهديد السلم الأهلي عبر التكفير والتخوين بين الأطراف الفلسطينية المتنازعة.
وقال إن هذا أدى إلى غياب الموقف الجمعي، بالتالي بات الفلسطينيون يعرفون أنفسهم بالشكل الذي يريدونه"، منوها بأن هذا انكشف كثيرا خلال الحرب على غزة وأيضا على الضفة، مع قصور الحركة الوطنية الفلسطينية عن الإيفاء بالتزاماتها ودورها.
وأضاف: "بالتالي هناك فجوة بين ثقة المواطن كمواطن وبين الأحزاب السياسية الفلسطينية التي طالما عملت على تمثيله والنطق باسمه، دون إعطاءه فرصة للتعبير عن ذاته".
وحذر من أن هذا يؤدي للعودة إلى العشائر والعائلة وبروز هويات فرعية مضادة للهوية الوطنية الفلسطينية الجامعة، ما يؤدي لتهديد السلم الأهلي وعدم احترام المؤسسة والقانون الموحد.
وأضاف أن "هذا بات من السمات السلبية تماما في موضوع الاستقطاب السياسي، إذ أن الاختلاف السياسي ظاهرة صحية لكن المشكلة أنه لا يوجد رؤية سياسية متفق عليها".
بدوره، تطرق رزق عطاونة منسق برنامج الحكم والسياسة العامة في مؤسسة "REFORM " عن العوامل التي ساهمت في تعميق الاستقطاب في المجتمع الفلسطيني، وقال إن الانقسام السياسي الفلسطيني ومآلاته التي أدت للانقسام الجغرافي بين الضفة وغزة أدت لحالة استقطاب سياسي عالي بين مكونات المجتمع الفلسطيني وتراجع الهوية الوطنية الفلسطينية إلى هويات ضعيقة.
وأضاف عطاونة أن "هذا حجب الرؤية بين الفلسطينيين وكل مجموع العوامل المشترك بين أفراد المجتمع، ما أدى إلى نفور المكونات السياسية من بعضها البعض، والذهاب إلى مساحات ضيقة تصعب العمل المشترك الفلسطيني".
وتابع: "يضاف إلى ذلك إجراءات الاحتلال الإسرائيلي على الأرض ومحاولة فصل المكونات المجتمعية عن بعضها البعض تؤدي لزيادة مستوى الاستقطاب السياسي".
وذكر أن تأخر القوى السياسية الفلسطينية والعاملين في النظام السياسي في الإجماع على برنامج سياسي فلسطيني واحد يؤدي لزيادة الاستقطاب ورفع مستوى الاجتهادات في شكل الحياة الفلسطينية بعيدا عن الواقعية السياسية الفلسطينية.
وأردف عطاونة قائلا: "اليوم الانقسام والاحتلال أدى لزيادة الفجوات بين المكونات السياسية الفلسطينية واغتراب المجموعات الاجتماعية عن النظام السياسي أو صناعة القرار في مختلف المستويات سواء من خلال الأحزاب الفلسطينية كافة وتراجعها عن القيام في أدوارها تجاه منتسبيها وغياب الحيوية عن النظام السياسي الفلسطيني".
وبين أن هذه العوامل تؤدي لاجتهادات فردية غير متوافق عليها بالتالي شعور عند المجموعات الأخرى بعدم تلبية مصالحها من داخل النظام والأحزاب السياسية، ما يؤدي إلى حالة استقطاب سياسي واجتماعي تحت ضغط برنامج هذا الحزب أو منتسبيه غير مرئي أو توجهاتهم ونصائحهم غير مطبقة في مستوى الجهات الأكثر تأثيرا داخل الجهات في النظام السياسي أو الأنظمة الاجتماعية الفلسطينية.
وأكمل عطاونة قائلا: "هذا يؤدي لزيادة النفور أو حتى للاختلافات والخلافات الضارة بالمجتمع الفلسطيني أو المكان الذي يظهر فيه الاستقطاب السياسي والاجتماعي".
يشار إلى أن برنامج "قضايا في المواطنة" هو برنامج اجتماعي تُنتجه مؤسسة "REFORM" ويبث عبر شبكة راية الإعلامية؛ للإسهام في الوصول إلى نظام حكم إدماجي تعددي مستجيب لاحتياجات المواطنين ومستند إلى قيمة المواطنة.
وفيما يلي الحلقة كاملة: اضغط هنا