الغارديان: معاناة غزة وصلت حدا كارثيا لا يمكن تجاهله
نشرت صحيفة “الغارديان”البريطانية افتتاحية يوم امس الاربعاء خصصتها لمعاناة غزة، قالت فيها إن الكارثة المتعمقة هناك يجب عدم التعامل معها بأنها محتومة.
فمع موت الأطفال الرضع بسبب البرد وحالة اليأس المتزايد، بات وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى.
وقالت إن العام الجديد في غزة بدأ قاتما كما انتهى العام الماضي، ومع نهاية كانون الأول/ ديسمبر، أعلنت الأمم المتحدة أن النظام الصحي يقف على حافة الانهيار بسبب الهجمات الإسرائيلية.
وفي غضون أيام من بداية العام الجديد، حذر مسؤول في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” من أن النظام الاجتماعي سوف ينهار إذا أنهت إسرائيل كل تعاونها مع الوكالة في وقت لاحق من هذا الشهر. وفي هذه الأثناء، قُتل العشرات من الناس في غارات إسرائيلية مكثفة، بما في ذلك في منطقة تم تصنيفها كمنطقة آمنة. وقالت وزارة الصحة في غزة يوم الاثنين، إن ما لا يقل عن 45,854 استشهدوا في الأشهر الخمسة عشر الماضية
وتعلق الصحيفة أن الأزمة بات مألوفة ولا نهاية لها، لدرجة أن الاهتمام الدولي تراجع. ومع ذلك، فهي يائسة لدرجة أنه يجب تكرار الحقائق طوال الوقت.
فقد توفي ما لا يقل عن سبعة أطفال رضّع من البرد القارس في الأسابيع الأخيرة، ونزح ما يقرب من 1.9 مليون نسمة من سكان قطاع غزة، وفي معظم الحالات بشكل متكرر، وهم مرهقون ومصدومون. وتشير التقديرات إلى أن 91% من السكان يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفقا للأمم المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى تقارير عن تفكير إسرائيل بالحد من المساعدات الإنسانية بعد تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، لكن المساعدات انخفضت بدرجة كبيرة، وأقل مما يحتاج إليه الناس. وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، دخلت 2,205 شاحنات فقط إلى غزة في كانون الأول/ ديسمبر، فيما تزعم إسرائيل أن العدد هو أكثر من 5,000 شاحنة.
وقبل الحرب، عندما كانت الاحتياجات أقل بكثير، كان يدخل حوالي 15,000 شاحنة شهريا. وبحسب منظمة أوكسفام، فإن 12 شاحنة مساعدات فقط تمكنت من توزيع المساعدات على المدنيين الجائعين في شمال غزة في الفترة ما بين تشرين الأول/ أكتوبر إلى كانون الأول/ديسمبر. وتوصلت إدارة بايدن إلى أن إسرائيل لا تمنع المساعدات وتخطط لبيعها أسلحة أخرى بقيمة 8 مليارات دولار.
ووسط المعاناة هذه، والوعود الكاذبة بتحقق اتفاقية وقف إطلاق نار، لم يعد أحد يثق في الاقتراحات التي تشير إلى أن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن أصبح قريبا.
وفي أفضل الأحوال، سيكون ذلك اتفاقا جزئيا: فقد تركزت المناقشة على 34 أسيرا أو “قائمة إنسانية” من النساء والأطفال وكبار السن، على الرغم من ألا أحد يعرف عدد القتلى بالفعل. وكما تدرك عائلات الأسرى الآخرين جيدا، فإن إطلاق سراحهم من شأنه أن يخفف معظم الضغوط السياسية التي يشعر بها بنيامين نتنياهو نتيجة عودتهم. مع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، لا يبعد أكثر من أسبوعين عن أحضان إدارة ترامب الثانية.
وأكدت حماس أنها لن تطلق سراح أي شخص ما لم تلتزم إسرائيل بإنهاء الحرب بشكل كامل. وعلى أية حال، فلو أعلن عن وقف إطلاق النار، ففرص استمراره ستكون ضعيفة، ذلك أن رؤية نتنياهو عن الحرب الدائمة تقوم على استئناف إسرائيل المعركة مع حزب الله في جنوب لبنان وضرب الحوثيين في اليمن والبحث عن أهداف أخرى، ربما إيران أو تركيا. ولم يضع خطة لليوم التالي في غزة.
ورغم رفضه “خطة الجنرالات” رسميا التي تعامل كل من يرفض مغادرة شمال غزة كمقاتل وإفراغه من سكانه، إلا أن الكثير من الفلسطينيين والمراقبين يرون أن الخطة تطبق بحذافيرها على الأرض.
وحتى السلام الفوري والدائم لن يوقف الوفيات بين المدنيين في غزة. فالاحتياجات هائلة للغاية والقدرة على تلبيتها غائبة. ولكن الإفراج الكامل عن الأسرى ووقف إطلاق النار الدائم، وزيادة المساعدات بشكل كبير، من خلال الآليات القائمة، تظل الحد الأدنى المطلوب وتوفر الأمل الوحيد لعام 2025 والأعوام القادمة.