نجا وشقيقته من مجزرة إسرائيلية
يوسف.. طفل غزي فقد والديه وشقيقيه وقدمه يحلُم بـ"طرف صناعي"
خاص – راية
على مقعدٍ اسمنتي داخل مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، يجلس الطفل يوسف محمد حسين (14 عامًا) وحيدًا بجانب عكازيه الحديديين، بعدما فقد معظم أفراد عائلته في مجزرة إسرائيلية.
في تمام الساعة الرابعة والنصف فجرًا، انفجار ضخم هزّ مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تبين أنه ناجم عن قصف منزل عائلة يوسف، ما أدى لارتقاء والديه وشقيقته وشقيقه الصغيرين.
يوسف وشقيقته (20 عامًا) فقط نجيا من هذه المقتلة، لكنها أصيبت بجراح في يدها، وهو فقد الجزء الأكبر من قدمه اليُسرى، ولا يزال مُهددا ببتر بقية الطرف إثر تهتك عظام "الفخذ" بشدة.
حياة جميلة..
قبل الحرب، كان يوسف يعيش حياة جميلة مع أسرته وأشقائه وأصدقائه، وحتى خلال أشهر العدوان الأولى، إلى أن جاء شهر يونيو/ حزيران 2024، الذي ودع فيه "أغلى الناس" كما وصفهم.
واستذكر يوسف خلال حديثه لمراسل "رايـــة" أفراد عائلته الشهداء، إذ قال عنهم: "كنت أطلع مع إخواني وأبوية. حياتنا حلوة ومبسوطين. أبوية كان يشتغل طبرجي (عامل بناء) ويوفر لنا كل شيء نطلبه".
وبعد ما حلّ به وعائلته، يرى يوسف أن "الحياة تغيرت كثيرا (..) النفسية تعبت بعد كل إلي صار معي. ما ضل إلا أنا وأختي المصابة".
لحظة المجزرة..
وصف يوسف اللحظات الأولى للمجزرة: "كنا نايمين في دارنا، فجأة صارت الهواية (القصف الشديد) كلنا طرنا. انا طرت من الطابق الرابع ووقعت على الشجرة وبعدين على السيارة في الشارع.. وتكسرت".
ويضيف ابن الـ14 ربيعا: "ما حسيت بشيء من لحظة الإصابة لحد ما نقلوني على المستشفى، أول ما صحيت لقيت رجلي (قدمي) مبتورة، خفِت وصرت أصوت".
لم يستفق يوسف من صدمة قدمه المبتورة، حتى تلقى الصدمة الأكبر والتي لا تزال مُسيطرة عليه، وذلك حينما علِم بارتقاء عائلته باستثناء أخته الكبرى.
طرف صناعي..
والآن، يقيم يوسف وحيدا في المستشفى لاستكمال علاجه، بينما شقيقته المصابة بجراح أقل خطورة، خرجت للتو إلى خيمة خالها النازح وسط القطاع، فلم يبق لهما سوى عائلتي والدتها ووالدها الذين يزورونه ويدعمونهم باستمرار.
ولم يتلق يوسف سوى بعض الدعم المحدود من المؤسسات المعنية، حتى الدعم النفسي يأتيه فقط من زواره من أقاربه وأصدقائه، وهو يتمنى أن يلقى اهتمامًا أكبر حاليا ومستقبلا.
ويتمنى يوسف أن يتلقى العلاج حال توفره في مستشفيات القطاع؛ كي يبقى إلى جانب شقيقته، لكن إذ تعذر ذلك، يأمل بأن يتمكن من السفر للعلاج خارج غزة، حتى يحصل على "طرف صناعي".
حلم ورسالة للعالم..
يوسف الذي لم تختفِ معالم الصدمة عن وجهه بعد، يطمح بأن يُعالج ويحصل على "الطرف الصناعي" كي يحقق طموح والده الشهيد، الذي لطالما صارحه به "ان شاء الله يابا بس تدرس وتكبر بدي إياك تصير زي أعمامك، طبيب أسنان".
ورد يوسف على كلمات والده: "راح استمر وأتعالج وأطلع زي ما بدك يابا".
وختم يوسف حديثه موجها رسالة إلى العالم: "خلص بكفي، وقفوا الحرب، احنا تعبنا بجد، وقفوا الحرب".