الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:14 AM
الظهر 11:46 AM
العصر 2:33 PM
المغرب 4:58 PM
العشاء 6:18 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

خاص

"دوري عالإيد".. طلب صادم ومعجزة طبيب وسط الدمار 

الطفلة المصابة مريم
الطفلة المصابة مريم

 

صابرين الحرازين- غزة - راية:

" دوري عالإيد " كان صوت الأب المصدوم عبر  مكالمة هاتفية لزوجته كأنه شيئاً جنونياً ، ما هذا الطلب هل هي الصدمة ، كيف أبحث .. لا أستطيع ، هكذا كانت كلمات والدة الطفلة مريم صباح التي أصيبت يوم الخميس السابق الساعة الثانية ليلاً جراء قصف أرض ملاصقة لمنزلهم بثلاثة صواريخ متتالية .

وقفت متصلبة قليلاً أحاول الاستيعاب ثم طلبت من الشباب البحث ، فكيف لأم أن تتحمل ذلك فقط كل ما استطعت قوله في تلك اللحظات وأشرت لهم هنا قصفت ، هنا فقدت ذراعها ، ودعواتي تعلو بأن تكون اليد سليمة . 

رحلة البحث عن اليد المفقودة 

استمرّ البحث بينما  أنا في دائرة الأفكار كيف سيكون ذلك ؟ لماذا ؟ غير قادرة على تصديق هذا الطلب الذي لم يحدث سابقاً ، ليعلّو الصوت أنها سليمة كاملة اطمئني زي مهيا ، ذرفت دموعاً  كثيرة حتى امتزجت دموعي بدماء طفلتي مدللتي وحيدتي بين أخويين ، وصوتي يردد "اللهم سخر لها جنود الأرض والسماء " . 

ثم صرخت بسرعة وصلوها وكأنها هدية أريد إهدائها لطفلتي كي لا تستيقظ  دون يد مصدومة ، فمريم النشيطة التي تحب اللعب واللهو وتصاحب الجميع هل تستحق أن تكمل حياتها دون يد ؟! وتبتر أحلامها بالرسم وصنع المشغولات اليدوية البسيطة ، وكيف ستكمل دراستها فهي التي كانت متحمسة لها بالعودة للتعليم الإلكتروني وبشكل رسمي فهي الآن بدلاً أن تكون في صفوف تعليمية ترقد هناك في مستشفى شهداء الأقصى في العناية المركزة تنتظر رحمة الله والدعوات . 

معاناة طفلة بريئة 

تئن كارهة الحياة تفكر أن ما حدث معها حلماً ، وتدعو ان يكون ذلك بالفعل حلماً ، ولكنه واقع تقول مريم في التاسعة من عمرها  "الدار إلي جنبنا شطبت "كعائلة شطبت من السجل المدني ، كنت نائمة على الفرشات أخر نومة صحيت عالقصف خايفة صرت أجري وأنادي ماما وبابا أمسكوني ، لم يستطع والدها إمساكها هي ثوان ٍ معدودة وكان الصاروخ الثاني والثالث قد أوقعا فوقها الدرج الذي يتوسط منزلهم ، واخترقت يدها شظية فصلتها  عن أسفل الكتف لتستيقظ منها داخل الأسعاف . 

"أنا الوحيدة إلي طار عليا القزاز والشظايا ، أخويا طار عليه حجر بلوك وما صار إله شيء ، أنا إلي إيدي طارت " هكذا أكملت مريم حديثها بكلمات تكبرها "أول مرة هيك يصير فيا عمليات عمليات قرفت حالي أنا ما كنتش أعرف إنه هيك الإصابة ". 

أنا ما عملت شيء لكل هالوجع طول نهاري ويومي لعب كنت بحب التصوير ، هلقيت ضليت مرمية ، "إيدي تقيلة " ضلت هيك ما بتحرك ،  رجليا بتحركوا إيدي بالمرة فش حركة  . 

الوالد المذهول : لحظات الخوف والبحث عن الأمل 

بينما يصف   الوالد محمد صباح المشهد بملامح الخوف والصرخات التي عمت البيت المدمر وبالأخص مكان نوم مريم ولعبها ، كيف أصبح صامتاً وفُقد الصوت المهتز الخائف بابا ، لتكن الصدمة بعدماً زال الدخان الذي عج به المكان ، مريم بيد مبتورة من أسفل الكتف ، بدون وعي حملت ابنتي للإسعاف الذي جاء مسرعاً ذهبنا للمستشفى الأمريكي لتتلقى مريم العلاج ، لكن الصدمة الآخرى كانت مدوية كصوت الصاروخ أن فصيلة دم مريم oسالب نادرة ، وليس لديها أي علاج والخيار المتاح أن يتم نقلها مرة أخرى إلى مستشفى شهداء الأقصى . 

بحالة مدمرة ونفسية متعبة ذهبت لمستشفى الأقصى بطفلتي ذات الحركة الكثيرة التي أحملها بين يدي منطفأة بلا يد ، لكن القدر حالفني حين ساقني إلى هناك ليخرج أمامي دكتور لا أعرفه ولا يعرفني ،  يسألني هل أنت والد الطفلة ؟"وين إيدها" ، هل هي ممزقة؟ ، أجبته لا أعرف ، مدركاً  قليلاً الإيد بالبيت مطالباً بإحضارها بالسرعة القسوى .

الطبيب العراقي منقذ من السماء 

شعرت أنه يريد تهدئتي لكنه قال لي حين حضر أخي باليد سنعمل من العدم ونحتاج دعواتكم ، رآها وأخذ يستنفر الطواقم الطبية بسرعة للعمليات ومريم لتدخل العملية ، التي استغرقت أكثر من خمس ساعات منذ إصابتها فجراً لساعات بعد الفجر ليخرج الطبيب العراقي القادم لغزة خلال الحرب مبشراً بالخير ويقول أدعو أن يبث الله الروح  في يد الطفلة .
يبكي والد الطفلة ويقول كأن الله أرسل الدكتور محمد طاهر لي من السماء ليعيد لنا الحياة كذراع مريم الذي أعيد ، فمريم لديها إصابات في قدمها الأيمن وبالجهاز التناسلي والبولي ولا تعرف ذلك فهي تحتاج لعلاج وعناية أكثر ، وللأسف الدكتور الذي أشعرنا بالأمان سيغادر قطاع غزة لبلاده هذه الأيام وهذه مصيبة بعد الإنجاز الذي فعله ، متمنياً أن تسافر ابنته لاستكمال علاجها خارجاً أو يبقى الطبيب لأجل ابنته . 
كان لنا لقاء  مع الدكتور محمد طاهر جراح الصدمات والأعصاب الطرفية في ثالث مهمة له في قطاع غزة كانت جنوباً فشمالاً فعودة جنوباً ستة أشهر في قطاع غزة قضاها خلال الحرب والأخيرة امتدّت لثلاثة اشهر .

يقول الدكتور محمد عالجت الآلاف من المرضى وأقمت ما يقارب ألف عملية ،كان من ضمنها ترجيع وتحفظ على الأطراف من البتر .

معجزة طبية في ظل الحرب 

ويضيف لقد أجريت عملية لطفل لديه من العمر خمس سنوات في شمال قطاع غزة حفاظاً على قدميه من البتر . 

بينما هنا في جنوب قطاع غزة كانت الحالة الأولى لإعادة يد بأكملها لمريم يقول "وجود الطفلة بدون يد كسر قلبي " وهذا ما دفعني لسؤال والدها عن الطرف مستغرباً سؤالي ، فكانت عملية معقدة وهذه أول مرة يتم بها ترجيع طرف مبتور كامل خلال الحرب هذه الممتدة لأكثر من سنة .

التحديات الطبية في غزة: نقص الإمكانيات وكثرة الإصابات

يتحدث الطبيب عن الأدوات والإمكانيات فهو يستخدم أدواته الخاصة فهي غير متوفرة ، ويتساءل لماذا لم يحاول أحد فعل ذلك ، ويتمنى أنه لو كان بإستطاعته الحفاظ على جميع الأطراف سابقاً مهما كان الجهد الذي  تحتاجه وتبذل لا يهمه الساعات الكثيرة ، يقول نفسي و مالي ووقتي لهذه المهمة التي أقدم بها شيء بسيط لهذا الشعب المظلوم . 

ويوضح لماذا يتم البتر والاستسهال به ولا يقلل من خبرة الأطباء في غزة ، فالحالات كثيرة والوقت قليل موضحاً أن مئات المرضى يومياً واستحالة إعطاء كل مريض هذه الفرصة ، فالضغوطات والإصابات شديدة والجهد الذي سيبذل كبير جداً ليس فقط في العملية بل بعدها ، ويؤكد أن ما ساعده أن هذه الطرف كانت كاملة غير مدمرة ، فلو كانت مدمرة لا يمكن أن تنجح فعلت ذلك سابقاً وفشلت ، لكن هذه المرة الأولى بتوفيق من الله . 

رسالة أمل ودعوة للمساعدة 

رسالتي للأطباء القادمين لغزة وكل من لديه القدرة أن لا يقصر بذلك ، فإذا كان لديكم قابلية للذهاب تعالوا وانصروا إخوانكم بغزة ساعدوهم لنفسك ومهنتك ولخدمة أبناء هذه الأرض الطاهرة فالحالات كثيرة ومعقدة تعالوا وساندوا اخوتكم .
 

Loading...