حرب غزة.. بيت حانون تحت وطأة التدمير والتهجير
تعيش بلدة بيت حانون الواقعة أقصى محافظة شمال قطاع غزة تحت وطأة قصف طائرات الاحتلال الحربية ومدفعيته، يصفه الأهالي هناك بـ"الأعنف" منذ أكثر من شهرين.
هذه الغارات غير المسبوقة تركزت خلال اليومين الماضيين على مناطق حافظت بالحد الأدنى على ملامح ومقومات الحياة بعد الدمار الواسع الذي تعرضت له بيت حانون منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
كما شكلت بعض تلك المناطق محطات لجوء نزح إليها المواطنون من أنحاء مختلفة من محافظة الشمال هربا من الهجمات المكثفة التي شنها جيش الاحتلال هناك.
ويعتقد أهالي "بيت حانون" بوجود مساعي للاحتلال لتدمير آخر المناطق التي تصلح للحياة في البلدة بهدف إفراغها من سكانها وتسويتها بالأرض.
مناطق مأهولة
وأفاد شهود عيان لـ"لأناضول" بتنفيذ جيش الاحتلال خلال اليومين الماضيين لسلسة من الغارات الجوية العنيفة والمكثفة والمعروفة باسم "الأحزمة النارية" على شوارع ومنازل تؤوي مواطنين بالتزامن مع استهدافها بالقذائف المدفعية.
هذه الهجمات أجبرت الكثير من العائلات على النزوح القسري إلى مدينة غزة، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي عانوا معها إثر تشديد الجيش حصاره على المحافظة ومنع دخول المساعدات الإنسانية والطبية.
وحسب الشهود فإن غارات الاحتلال دمرت بالكامل منطقة "كراج بيت حانون"، وشارعي "شبات" و"غزة" في البلدة.
كما كثف الجيش غاراته في محيط آخر مركز إيواء يضم نحو 300 عائلة على الأقل نزحت في أوقات سابقة من مناطق مختلفة من البلدة، وفق الشهود.
والأحد، أعلن جيش الاحتلال بدء عملية برية غرب بلدة بيت حانون.
هذه العملية تأتي في إطار هجوم ينفذه جيش الاحتلال على محافظة الشمال منذ 5 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حينما شرع جيش الاحتلال بقصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة في محافظة الشمال ألحقه بعد ساعات بعملية برية في المنطقة.
ويقول الموطنون إن إسرائيل ترغب في احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه، وسط دعوات يطلقها يمينيون إسرائيليون لإعادة احتلال القطاع والاستيطان فيه ودفع الفلسطينيين للهجرة.
القصف "الأعنف"
محمود المصري الذي ما زال متواجدا في بيت حانون، قال إن القصف المكثف الذي طال البلدة اليومين الماضيين هو "الأعنف" منذ بدء عملية الاحتلال الحالية.
وتابع للأناضول: "نتوقع هجوما بريا مكثفا من عدة محاور يستهدف أماكن تركز المواطنين والنازحين بأي وقت".
وأوضح أن "المئات من الفلسطينيين ما زالوا صامدين في بلدة بيت حانون ويرفضون الخروج منها لأي مكان آخر، لكن الجيش يعتبر ذلك بمثابة التحدي له ويبدو أنه مصر على إخراجهم بشتى الطرق".
وأشار إلى أنهم "يعيشون منذ بدء العملية العسكرية أوضاعاً صعبة جدا لا يمكن تخيلها في ظل نقص حاد في الطعام والشراب وعدم وجود أي خدمات طبية أو مستشفيات تخدمهم".
ووصف المصري ما تتعرض له بلدة بيت حانون بـ"الإبادة الجماعية الواضحة"، مطالبا "كل من يستطيع التحرك بالتحرك لإنقاذهم وإنقاذ ما تبقى من شمال قطاع غزة الذي يتعرض لتطهير عرقي منذ ما يقرب الثلاثة أشهر".
تهجير قسري
مع اشتداد عملية الاحتلال العسكرية، أجبرت بعض العائلات في بلدة بيت حانون على مغادرتها والنزوح إلى مدينة غزة مساء الجمعة، في ظل ظروف قاسية وبرد شديد.
وأفاد مراسل الأناضول بوجود مصابين من بين النازحين الذين فروا من بيت حانون متوجهين لمدينة غزة سيرا على الأقدام.
وأوضح أن النازحين أكملوا طريقهم سيرا حتى وصلوا لأقرب نقطة إلى مدينة غزة، حيث تقدمت مركبات الإسعاف لنقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج فيما واصل النازحون طريقهم نحو مخيمات النزوح.
إفراغها من السكان
بصعوبة شديدة، وصلت عائلة "طولان" النازحة من بيت حانون إلى مدينة غزة بعد رحلة قاسية في ظل معاناة الوالدين من إصابات مختلفة.
وقالت إسراء طولان للأناضول، إن "جيش الاحتلال يحاول بكل الوسائل إفراغ بلدة بيت حانون ويوصل رسائل أن من لم يخرج سيكون مصيره الموت حتما".
وأضافت "الحياة في بلدة بيت حانون مستحيلة وسط الظروف الحالية وصمودنا كل هذا الوقت يعتبر معجزة بكل المقاييس".
ووصفت طريق نزوحهم بـ"القاسية والممتلئة بالمتاعب حيث رافقتهم المسيرات الإسرائيلية وأطلقت النار صوبهم ما أدى لإصابة سيدة من العائلة".
ولأكثر من مرة، قال نازحون إنهم يتعرضون للاستهداف والقتل والاعتقال في محاور الإخلاء والطرق التي يحددها جيش الاحتلال، كما أنه ينصب فيها حواجزا عسكرية وأمنية للتفتيش.