نيويورك تايمز:جنين أصبحت غزة الصغيرة و اسرائيل تستخدم سكان الضفة الغربية كدروع بشرية
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الامريكية في تحقيق مصور عن استخدام جيش الاحتلال المواطنين في الضفة الغربية كدروع بشرية، تماما كما استخدمتهم في الحرب على قطاع غزة.
ويتذكر ناصر دمج أن جنود الإحتلال أمسكوا بذراعيه من الجانبين، وقادوه عبر الشوارع إلى هيكل مسجد مدمر. وقاد أحد الممرات إلى كهف قديم تحت الأرض. قال دمج إنه أدرك السبب عندما أمروه بالنزول: لقد كانوا يستخدمونه كدرع بشري. وأضاف: “أرادوا مني أن أستكشف ما هو موجود في الطابق السفلي لحماية أنفسهم”. وعندما احتج، أجبره الجنود الثلاثة وقائدهم المسلحون على الدخول واستكشاف ما أطلق عليه الإسرائيليون لاحقا “منشأة قتالية تحت الأرض”.
وتذكر دماج كيف أعطاه جنود الاحتلال مسيرة تصوير لمسح الكهف، وحذره الجندي “كن حذرا، لا تكسرها. إنها باهظة الثمن”. وتعلق الصحيفة أن ما تعرض له دماج لم يكن في غزة التي أجبرت فيها قوات الاحتلال المواطنين بشكل غير قانوني على القيام بمهام خطيرة لتجنب المخاطرة بحياة الجنود في الحرب ، بل في الضفة الغربية حيث يقول السكان إن الاحتلال يتبنى تكتيكات مماثلة لتلك التي تستخدمها في غزة، بما في ذلك الغارات الجوية واستخدام المواطنين كدروع بشرية.
وكان الحادث الذي تعرض له دمج في مدينة جنين، التي تعرضت لتوغل بدأ في أواخر آب/ أغسطس واستمر لعشرة أيام وشمل على غارات جوية، نادرا نسبيا، كما قال الخبراء، مع وجود عدد قليل من الحالات المؤكدة. ولكن خلال الغارات في مدينة جنين والمناطق الأخرى التي بدأت في أغسطس، أفاد جيش الاحتلال بتنفيذ حوالي 50 غارة جوية على الضفة الغربية استشهد نتيجتها أكثر من 180 مواطنا في العام الماضي، بما في ذلك العشرات من الأطفال، وفقا للأمم المتحدة ومنظمة حقوق الإنسان “الحق”.
وتقول الصحيفة الامريكية إن التوغلات والغارات تركت أضرارا جسيمة على الطرق وشبكات الكهرباء وخطوط المياه والصرف الصحي.
ويقول العاملون المحليون والدوليون في الإغاثة الإنسانية والأمم المتحدة إن إسرائيل عطلت جهود الإغاثة الخاصة بهم، في حين تظهر مقاطع فيديو تم التحقق منها من قبل صحيفة “نيويورك تايمز” جرافات إسرائيلية تمنع مركبات الطوارئ من المرور.
بدلا من وصفها بالغارات، شبه السكان وعمال الإغاثة وبعض الخبراء ما يحدث في الضفة الغربية بالحرب. وقال سليم السعدي، عضو مجلس محلي: “نحن نطلق على جنين اسم غزة الصغيرة”.
وبينما كان يسير في حي معروف باسم مخيم جنين، ، أشار إلى الصوت المستمر لمسيرات الاحتلال التي تقوم بالمراقبة والضربات الجوية.
وقال ناداف فايمان، مدير منظمة “كسر الصمت”، التي تتألف من جنود سابقين في جيش الاحتلال يقولون إنهم يجمعون شهادات من جنود شاركوا في الغارات على جنين وطولكرم: “إنها غزة للجزء الشمالي من الضفة الغربية”. لكن الضربات في الأشهر القليلة الماضية كانت من بين الأكثر شمولا وفتكا في الضفة منذ عقدين من الزمن.
وتعلق الصحيفة أن عمليات جيش الاحتلال في الضفة الغربية كانت محاطة بالسرية لفترة طويلة، لكن الخبراء قالوا إن إسرائيل امتنعت إلى حد كبير عن شن غارات جوية على المنطقة منذ نهاية الانتفاضة الثانية، قبل ما يقرب من 20 عاما. في بعض الأحيان، استخدمت إسرائيل طائرات هليكوبتر هجومية في عمليات مختارة، لكن الخبراء قالوا إن ذلك حدث في حالات قليلة فقط عرفوها على مدى العقدين.
و في زيارات إلى جنين وطوباس وطولكرم، استمعت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى روايات متعددة عن إجبار المواطنين على أداء مهام تحمل مخاطر محتملة لجنود الاحتلال. كفان الدمار الناجم عن الانفجارات واسع النطاق، مما ترك العائلات تكافح مع خسارة أبنائها الواحد تلو الآخر.
في 26 أغسطس/آب، شنت قوات الاحتلال غارة جوية ععلى مخيم نور شمس في طولكرم، مما أسفر عن ااستشهاد خمسة أشخاص، من بينهم عدنان جابر البالغ من العمر 15 عاما، . وقال أيسر جابر، والد عدنان إن ابنه كان يتلقى دروسا ليصبح حلاقا. “ولم يتبق له سوى حوالي أسبوعين، وقد قتل” قبل أن ينهي دورة الحلاقة.
في 28 آب/ أغسطس، ضربت طائرة إسرائيلية مجموعة من المواطنين في زقاق في مخيم الفارعة . وروى السكان كيف تم قصف منزل أيضا، مما أسفر عن استشهاد الشقيقين، محمد مسعود محمد نجا، 17 عاما، ومراد مسعود محمد نجا، 13 عاما، وإصابة شقيق ثالث ووالد الصبية بجروح خطيرة.
وتحذر جماعات حقوق الإنسان وعمال الإغاثة من ما يسمونه أوجه التشابه الخطيرة.
وقالت أليغرا باتشيكو، التي تقود اتحادا من جماعات الإغاثة المدعومة من الغرب في الضفة الغربية: “إننا جميعا نشعر بأن نمط غزة، وطريقة العمل، يتم تطبيقها في الضفة الغربية، وهذا أمر مقلق للغاية”.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر إن مسؤولين من الأمم المتحدة، حذروا من “التكتيكات الحربية القاتلة” في الضفة ، وحاولوا الدخول إلى جنين لإجراء تقييم، لكن سلطات الاحتلال رفضت السماح لهم بالدخول.
وردا على أسئلة حول حالتين تتعلقان باستخدام الدروع البشرية في جنين، زعم جيش الاحتلال ان الحوادث المذكورة في التحقيق الذي اجرته صحيفة نيويورك تايمز تبدو متناقضة مع أوامره وأضاف أنه لا يملك معلومات كافية لتأكيد أو نفي ما إذا كانت هذه الحوادث قد وقعت بالفعل على حد الزعم.