الحاج يوسف.. مُسن غزي فاقمت الحرب أوجاعه وحلمه "كرسي متحرك"
خاص - راية
بحسرةٍ وألم، يراقب المُسن يوسف أبو عرمانة، أصابع قدميه تتساقط واحد تلو الآخر، إثر اشتداد أمراضه خلال الحرب، في ظل متابعة طبية شبه منعدمه مع انهيار المنظومة الصحية بقطاع غزة.
مراسل "رايــة" التقى صُدفة العم يوسف، وهو مستلقٍ على فرشة مهترئة وسريرٍ خشبي قديم داخل غرفة جانبية بمنزله المجاور لمستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع.
ولدى دخولنا إلى غرفته، أجهش الحاج السبعيني بالبكاء الشديد، فأخبرنا نجله "نبيل" أنه لم يعد لدى والده طريقة للتعبير عن نفسه سوى هذه، بعد أن فقد القدرة على الكلام بسبب المرض.
ثلاث جلطات
وتحدث "نبيل" عن أوجاع والده، قائلا إنه أصيب بثلاث جلطات أفقدته القدرة على الحركة والكلام، كما يعاني من انسداد في الشرايين، ومضاعفات صحية خطيرة أدت لبتر أصابعه.
واضطر الأطباء لبتر عدد من أصابع قدمي العم يوسف، الذي يخشى أن يفقد أطرافه كاملة حال لم يتم توفير العلاج المناسب لحالته، سواء في المستشفيات المحلية أو حتى خارج القطاع.
وبحسب "نبيل"، هناك أدوية وعلاجات غير متوفرة بالقطاع، بسبب ظروف الحرب. لكنه استدرك قائلا: "حتى لو توفرت، ليس لدينا المال الكافي لشرائها في هذه الأوضاع الصعبة".
كرسي متحرك
ومع مضي الأيام، تتفاقم حالة المُسن أبو عرمانة، لا سيما أنه لا يقوى على الذهاب إلى الحمام، ويضطر أبناءه الكبار لوضع "حفاضات" له، لم تعد متوفرة كما في الفترات الماضية.
وحال توفر، ارتفعت أسعار "حفاضات كبار السن" في غزة إلى أكثر من 10 أضعاف سعرها الأصلي؛ بسبب استخدامها للصغار الذين يعانون من ازمة مشابهة؛ بسبب العدوان.
ويتعرض قطاع غزة، منذ أكثر من 13 شهرًا، لـ"حرب إبادة وتجويع" إذ يمنع الاحتلال الإسرائيلي دخول الغذاء والدواء والماء والمنظفات وكل مستلزمات الحياة، بكميات كافية.
وأبلغنا "نبيل" أن لوالده أمنية، إلى جانب علاجه وتوفير الأدوية اللازمة، وهي أن يكون لديه "كرسي متحرك" آخر بدلا من كرسيه الذي تعرض للتلف إثر استخدامه منذ زمن.
وفي الختام، توجهنا بالسؤال للعم يوسف علّه يُعبر عما بداخله، لكنه لم يستطع وأجهش بالبكاء الهستيري مُجددا، فتجمع حوله أبناءه وبناته الكبار، ومن خلفهم أحفاده، يواسونه وينظرون إليه بألم وحزن وعجز؛ كونهم غير قادرين على فعل شيء يُخفف عنه، حتى توفير الطعام في ظل المجاعة والفقر.