في موسم قطف الزيتون "فزعة"
جلسة استماع عقدها ائتلاف أمان لوزارة الزراعة وهيئة مقاومة الجدار حول الحملة الوطنية لإسناد المزارعين
أمان: ضرورة وجود مصفوفة تتكوّن من خطة وطنية بإشراف سكرتاريا مركزية وهيئات محلية تنفيذية تدعم صمود المزارع الفلسطيني أمام هجمات المستوطنين
عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، جلسة استماع لكل من وزارة الزراعة، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، لتوضيح تفاصيل الحملة الوطنية الشاملة لإسناد المزارعين في موسم قطف الزيتون "فزعة"، وذلك بحضور ومشاركة ممثلين عن الوزارات، والمؤسسات الرسمية والأهلية، ورؤساء البلديات، وعدد من منظمات المجتمع المدني والإعلام.
استهلت الجلسة بكلمة من المدير التنفيذي، عصام حج حسين، ثمّن فيها الحملة التي تأتي في الموسم الثاني على التوالي خلال حرب الإبادة التي ما زالت مستمرة في قطاع غزة، وهجمات المستوطنين المسلحين والمحميّين برفقة جيش الاحتلال، على المزارعين للحؤول دون قطفهم ثمار الزيتون، أو سرقته، أو حرقه، أو اقتلاع الشجر المبارك، تنفيذاً لمخططاتهم الاستيطانية التهجيرية والإحلالية في مناطق الضف المختلفة.
كما أثنى حج حسين بدوره على توجهات الحكومة نحو الانفتاح والتشاركية، والتي تجسدت بحضور معالي وزير الزراعة بروفيسور د. رزق سليمية، ومعالي وزير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مؤيد شعبان، اللّذَين، مع مؤسسات حكومية وأهلية أخرى، لبّوا نداء
ائتلاف أمان في المشاركة العامة والمفتوحة على المباشر، للاستيضاح حول تفاصيل الحملة، وبحث ضمان استدامتها حتّى بعد انتهاء موسم قطاف الزيتون.
"فزعة" بمثابة خطة متكاملة تشاركية مع الأجسام الحكومية والأهلية
أوضح معالي وزير الزراعة د. رزق سيليمة، استسقاء كلمة "فزعة" من موروثنا الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، معرباً أن الحملة تنضوي على خطة متكاملة مبنية من الدروس المستفادة والصعبة التي مررنا بها العام الماضي في بداية حرب الإبادة، منوّها لبنائها بالشراكة الوطنية الكاملة مع مؤسسات حكومية عامة وأخرى عاملة بشكل تخصصي في القطاع الزراعي، إضافة إلى المنظمات غير الحكومية، كالإغاثة الزراعية، واتحاد لجان العمل الزراعي، ومركز أبحاث الأراضي، ومعهد الأبحاث التطبيقية (أريج)، والمنظمات النسوية، واتحادات المزارعين والفلاحين، ناهيك عن مشاركة وزارة الداخلية، والأجهزة الأمنية بلباسهم المدني، والدفاع المدني، والهلال الأحمر الفلسطيني، والصليب الأحمر، مع الوزارات ذات العلاقة من وزارة الحكم المحلي والمحافظين، والدوائر الحكومية ومديريات الزراعة، والجامعات.
تقديرات وزارة الزراعة: 100-150 ألف دونم من شجر الزيتون لم يتمكن المزارع الفلسطيني من الوصول إليه واقتطافه
استعرض د. سليمية بعض الحقائق والكميات التقريبية، معرّجاً على بعض الأرقام الصادمة، والموثقة حسب الوزراة، إذ لم يتمكن المزارع الفلسطيني- بحسب توثيق وزارة الزراعة- من اقتطاف قرابة مئة ألف دونم، مشيراً أن التقديرات على أرض الواقع تفوق المسجل لديها، وقد تصل إلى 150 ألف دونم، 70-80 ألف دونم منها في قطاع غزة، حيث لم يتمكن المزارع الغزّي من الوصول إلى أرضه بسبب الإبادة المستمرة. وأكمل د. سليمية أنه وفق المعطيات الصعبة التي شهدناها العام الماضي، وقطع الاحتلال والمستوطنين قرابة 10 آلاف شجرة زيتون؛ والاعتداءات المباشرة على المزارعين، أدّت آخرها إلى ارتقاء السيدة حنان أبو سلامة، وهي أم لخمسة أطفال، أثناء قطفها الزيتون في أرضها في قرية فقوعة، شمال شرق جنين؛ استوجب على الوزارة وضع خطة لامركزية محكمة ومتكاملة، قائمة على مجموعة محاور، تدير فيها كل محافظة أمورها بناء على المعطيات الموجودة على الأرض، وقد تم تقسيم الضفة الغربية إلى أربع مناطق، كالتالي: 50-55 ألف دونم في مناطق خلف الجدار، وهي بحاجة إلى تصاريح وتنسيق لقطفها مع الارتباط المدني، 150 ألف دونم موجودة في مناطق قريبة من الجدار (نصف الأراضي فيها تقع ضمن أراضي جيم)، وأراضٍ موجودة داخل المستوطنات ومحاذية لها، وأخيرة موجودة بالقرب من الطرق الالتفافية، وتعد الأكثر سخونة.
من المتوقع إنتاج 17,700 طن من زيت الزيتون
بدأت الحملة بتجميع الإمكانيات والموارد البشرية والمادية واللوجستية والمؤسساتية والتسويقية، حيث تم شراء مفارش، وآليات قطف، تبعها شحذ الهمم واستقدام المتطوعين، وإجراء الفحوص المخبرية اللازمة لتحديد موعد القطاف بالشراكة مع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ما تقرّر عليه إعلان التاريخ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر لصنف معين، والأول من تشرين الثاني للصنف المروي والنبات المحسّن. وأشار د. سليمية إلى وجود 11 مليون شجرة زيتون، موزعة على مليون دونم، كما من المتوقع إنتاج 17,700 طن من زيت الزيتون، 10 آلاف طن منها للتصدير، ضمن اتفاقيات مبرمة مسبقاً للنهوض تنموياً واقتصادياً.
سجّلت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان 90 اعتداء من جيش الاحتلال وميليشيات المستوطنين المسلّحة
وبدوره، شدد معالي الوزير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مؤيد شعبان على روح التحدي والإصرار لقطف الزيتون هذه السنة، بالرغم من كافة الصعاب المحفوفة بالمخاطر، مؤكدا على لبّ الصراع الفلسطيني المتمحور برمّته حول حيّز الأرض، ما يتوجب الحفاظ عليها جمعياً. وأفاد شعبان أنه ومنذ السابع من أكتوبر 2023، ارتقى 20 شهيدا برصاص المستوطنين، ناهيك عن عشرات الجرحى والبيوت التي حرقت، وترحيل 28 تجمّعاً مقابل استشراس المستوطنين للاستحواذ عليها. وأكمل شعبان أنه ومنذ بدء الحملة، ولغاية تاريخ الجلسة، سجّلت الهيئة 90 اعتداء من جيش الاحتلال ومليشيات المستوطنين المسلحة.
المتضامنين ملاحَقِين أيضاً
وأشاد شعبان في توفير الحماية الدولية الشعبية عن طريق مشاركة متضامنين أجانب في الأماكن الساخنة، مشيداً في مناصرتهم الجذرية وإيمانهم في الحقّ الفلسطيني، منوّها أن بعض المتضامنين يلاقون بالرفض الاسرائيلي لدخول البلاد، وإن نجحوا بالدخول، يتم استهدافهم، حيث لا حماية لأحد مع المستوطنين برفقة الجيش، الذين أطلقوا نيرانهم وقتلوا المتضامنة الأمريكية من أصل تركي عائشة نور، إضافة لهجومهم على 16 متضامن الأسبوع الماضي، واعتقال اثنين منهم، بهدف ترحيلهم خارجاً.
ضرورة تكثيف المشاركة الرّسمية والشعبية والدولية
ووجّه شعبان بدوره نداءً عاماً إلى كافة المؤسسات المدنية، والفصائل والمجالس البلدية واللجان الشعبية إلى تكثيف المشاركة الرسمية والشعبية والدولية والتوجه لقطف الزيتون بشكل جمعيّ، وبالأخص في المناطق الساخنة كياسوف، وسهل رامين وعناب وطولكرم، ليس ضمن منطق "العونة" فحسب، وإنما كتكتيك دفاعي حامٍ من شراسة المستوطنين، يهدف للوصول إلى الأرض، ويُعنى في الغاية المرجوّة: قطف ثمار الزيتون، وإيماناً بما تعنيه رمزية شجرة الزيتون من تجذر وترسّخ في الأرض.
مبادرة الزراعة المستدامة بالشراكة بين وزارة الزراعة وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان
وأعلن د. سليمية أيضاً عن إطلاق وزارة الزراعة مبادرة الزراعة المستدامة، والتي كان أحد مكوّناتها صندوق الاستجابة الزراعي العاجل بالشراكة مع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، والذي ما زالت الوزارة تحشد له الجهود والتمويل والشركاء، حيث سيعتمد له لجنة عليا، تعمل على تقدير الخسائر جراء الانتهاكات الحاصلة، والتعويض عنها، لضمان استمرار عجلة الإنتاج.
محافظة القدس: تحذر من الاستيطان الرعوي وضرورة تعزيز صمود المزارع المقدسي بالموارد البشرية
وبدورها، أدلت تهاني اللوزي مستشار محافظ القدس، عمّا تتعرض له قرى حزام القدس (النبي صموئيل، حيّ الخلايله، بيت إكسا) من معاناة، حيث لم يتم إصدار أي موافقة لإصدار تصاريح من الجانب الاسرائيلي للمباشرة بالقطاف، منوّهة أن هناك 18 ألف مزارع مقدسي متروكين دون أي دعم، مشددة بذلك على أهمية إسنادهم بموارد بشرية تعزز من صمودهم على الأرض. كما حّذرت اللوزي أيضاً من الاستيطان الرعوي، وما توفره دولة الاحتلال للمستوطنين من دعم لنموّ بؤرهم الاستيطانية، وجلب ما يحتاجونه من أبقار، وأعلاف، وبركسات، وإمدادهم بخطوط المياه اللازمة للإحلال مكان السكان الأصليين.
الدفاع المدني يعمل وفق سعته القصوى
وبدوره، أفاد محمود أبو خديجة، مدير إدارة المتطوعين في الدفاع المدني، إلى مشاركة الجهاز بالحملة عن طريق تشكيل لجان شبابية متطوعة، واستجلاب دعم لهم بالمعدات الممكنة، والتي يمكن التصرّف بموجبها، في حال وقوع أي طارئ، علماً أن جهاز الدفاع المدني يعمل وفق سعته القصوى.
أهمية استدامة الحملة بقدر تحقيقها لغايتها الموسمية
وعرّجت نصرة عزريل، مساعد محافظ محافظة سلفيت، على أهمية استدامة الحملة، خاصة وسط ارتفاع عدد الانتهاكات والإمكانيات المحدودة، وضرورة إدخال وزارة العمل لبحث أي تقاطع ممكن، وإمكانية دعم العاطلين عن العمل، وممن كانوا يعملون داخل الخط الأخضر، إضافة لعمال غزة.
شبكة المنظمات الأهلية: نعمل مع المزارع على مستوى القرية الواحدة
وأشار عباس ملحم، المدير العام لاتحاد المزارعين، وعضو اللجنة التنسيقية لشبكة المنظمات الأهلية، أن الشبكة قد نظّمت حملتها لقطف ثمار الزيتون مع المزارع وعلى مستوى القرية الواحدة. كما دعا لتبني النموذج الناجح، على أن تبدأ البلديات أيضا بالتنسيق والعمل مع مجموعات المزارعين المنظمين عبر لجان، وبالتنسيق والمتابعة مع الأجهزة الأمنية، والدفاع المدني، والهلال الأحمر، والصليب الأحمر، والإعلام، والارتباط المدني والعسكري، وتشكيل لجان الأزمات في المحافظة، وذلك ضمن إطار حملة وطنية، تعمل الحكومة على توفير موارد مالية وسياسات لتوجيهها، وبيئة حاضنة وممكنة لتطبيقها، خاصة في ظل تضاعف عدد المناطق الساخنة عشرات المرات عن السابق.
مشاريع جديّة لم تَرَ النور بفعل المماطلة والتأخير
وانتقد ملحم بدوره التأخير والمماطلة في تنفيذ بعض الأفكار، للخروج من منطق ردات الفعل نحو المأسسة، مستشهداً ببعض الأمثلة التي لم تَرَ النور، كتخصيص الحكومة الثامنة عشر صندوق الطوارئ لتحويل الأغوار لمناطق جاذبة، بقيمة 50 مليون شيكل، وكذلك المجالس الزراعية التخصصية، التي تم تبنيها، وصودق عليها في الثلاث قراءات، لكنها ما تزال لدى المستشار القانوني قيد الموافقة الأخيرة، إضافة إلى عدم صدور قرار مجلس وزراء بخصوص العمل وفق آلية دعم مربيّ الثروة الحيوانية، والذي تم العمل عليها لأكثر من عام من قبل لجنة خماسية، مكوّنة من عدد من الوزارات والأمانة العامة لمجلس الوزراء، كانت – لو رأت النور- ستدعم مربي الثروة الحيوانية بتقليل 16% من الضرائب عليهم.
الهلال الأحمر: ندرب المتطوعين على خطة طوارئ لضمان التصرف في حال حدوث أي طارئ
وعقبت رحاب عابد، مديرة دائرة المتطوعين في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أن الهلال الأحمر عمل في 35 موقعاً، وسيقوم مستقبلاً بالعمل مع 60-70 موقع، داعية الجميع للعمل وفق خطة طوارئ لضمان الحماية والسلامة، مع متطوعي إسعاف أوّلي، مدربين على خطة الوصول والانسحاب الآمن، ومدعّمين أيضا بمستجيب أول مع حقائبه في حال حدوث أي طارئ.
أمان: مأسسة خطة وطنية بإشراف مركزي ستضمن استدامة الحملة على الدوام
ولخّص مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد، الدكتور عزمي الشعيبي، المشكلة، مشدداً على أهمية المأسسة، خاصة بوجود أطراف متعددة، ما يتطلب إشرافاً مركزياً ضمن صياغة خطة وطنية لدعم المزارع ومقاومة انتهاكات المستوطنين، مُقرّة من الحكومة، تكون لوزارة الزراعة دور ريادي فيها، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان السكرتاريا لها، تعمل الأخيرة على إدارة العمل، وتحديد الأولويات، وإعداد الموازنات المطلوبة، إضافة للهيئات المحلية كنقطة ارتكاز تنفيذية، تضمن استدامتها.