عقب اغتيال السنوار
اجماع إسرائيلي على ضرورة إنهاء الحرب والتوصل لصفقة تبادل
أجمع المحللون في الصحف الإسرائيلية اليوم، الجمعة، على أنه يتعين على الحكومة الإسرائيلية السعي بشكل سريع إلى التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق نار في قطاع غزة ولبنان، في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، أمس.
وحسب المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، فإن اغتيال السنوار وأمين عام حزب الله، حسن نصر الله، "يستحقان تسجيلهما على أنهما ذروة الحرب. كما تمت تصفية معظم طبقة القيادة الثانية في كلتا المنظمتين. ولن يكون هناك مرشحين آخرين للتصفية. وتم تفكيك قدرات حماس العسكرية، وفقد حزب الله جزءا كبيرا من قدراته القيادية والسيطرة. وثمة شك إذا ستكون هناك إنجازات أكبر من هذه في المستقبل".
وأضاف أن "الاستنتاج هو أن هذه هي النقطة الصحيحة لبدء عملية دبلوماسية. ولدى إسرائيل ما يمكن أن تقدم: إنهاء الحرب في كلتا الجبهتين. ولديها ما ستحصل عليه: إعادة المخطوفين، نزع سلاح غزة، غياب حماس كقوة عسكرية وسلطوية، نزع السلاح في جنوب لبنان من قوات حزب الله، استئناف القرار 1701 واستبدال يونيفيل بقوى أقوى وتأييد دولي لحق إسرائيل في توغل عسكري في غزة وجنوب لبنان إذا خُرقت الاتفاقيات".
ودعا برنياع القيادة السياسية والعسكرية إلى دراسة إمكانية عدم مهاجمة إيران ردا على هجومها الصاروخي على إسرائيل، مطلع الشهر الجاري، "فقد باتوا يعلمون أننا لسنا غشماء".
وبحسبه، فإنه "يوجد في قيادة الجيش الإسرائيلي تأييد واسع للسعي إلى إنهاء الحرب. وهي تأخذ بالحسبان أيضا الثمن الباهظ الذي يجبيه القتال المتواصل بسقوط قتلى وجرحى إسرائيليين يوميا، وبضائقة الجيش في الموارد وتعلقه بإمدادات الذخيرة الأميركية".
وأشار برنياع إلى أن "القرار موجود بأيدي شخص واحد: بنيامين نتنياهو. والسؤال هو إلى أين يريد التوجه الآن، هل يريد تحويل الإنجاز إلى اتفاقيات أم أنه يسعى إلى مواصلة الحرب في إحدى الجبهتين أو كلتيهما. وقد تحدث عن إعادة المخطوفين وكذلك عن استمرار الحرب رغم أنهما متناقضان".
وأضاف أن "الجهات المهنية في إسرائيل تعتبر أنه في المدى الفوري ستواجه حماس صعوبة في استئناف المفاوضات. ولاحقا، بدون السنوار، ربما سيكون أسهل على قيادة حماس أن تقدم تنازلات. وهذا مشروط بأنه بحوزة مما تبقى من قيادة حماس مخطوفين تسيطر على مصيرهم".
أين الأسرى الإسرائيليين؟
أفاد محلل الشؤون الاستخباراتية في الصحيفة نفسها، رونين بيرغمان، إلى أن الاعتقاد لدى مسؤولين أمنيين إسرائيليين بشأن احتمالات اتفاق تبادل أسرى بعد اغتيال السنوار، هو أن "زعيما جديدا لحماس، في الداخل أو الخارج، لن يتمكن من الموافقة، وبالتأكيد في المرحلة الأولى، على أقل مما وافق عليه السنوار".
وأضاف أن "مسألة أخرى تقلق جدا رؤساء جهاز الأمن وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية هو أن موت القائد المحبوب من شأنه أن يؤدي في نهاية الأمر إلى تفكك سيطرة معينة في المنظمة، أو إلى أن تقرر الخلايا التي تحرس المخطوفين العمل وفق مشيئتها، وربما الانتقام من المخطوفين".
وأشار بيرغمان إلى أنه ليس جميع الأسرى الإسرائيليين موجودين لدى حماس، وأن قسما منهم بأيدي حركة الجهاد الإسلامي أو جهات مختلفة. "وعدم التوقيع فورا على اتفاق وعدم دخول جهة بمقدورها السيطرة بشكل كبير إلى غزة، حتى لو كان هذا الأمر بالاشتراك مع حماس، من شأنه أن يؤدي إلى وجود عشرات ’رون أراد’، وهو مساعد الطيار الذي اختفى خلال صراعات على السيطرة بين منظمات في لبنان".
ونقل بيرغمان عن مسؤول أمني إسرائيلي "رفيع جدا"، قوله إن "هذه فرصة يحظر إهدارها بأي شكل. والبديل هو أننا سنفقد السيطرة على الوضع مقابل خلايا معدودة أو مقابل شخص متطرف يفرض سيطرته. ويتعين على جميع الأدمغة في دولة إسرائيل أن تفكر كيف سيتم الآن إجراء اتصالات من أجل تحريك صفقة، وكي تتلقى حماس أيضا اتصالا من أجل التفاوض".
وأضاف المسؤول الأمني أنه "لأسفي، أخشى أن تفعل الحكومة الإسرائيلية العكس تماما، وأن تصريحات نتنياهو تجعلهم يشعرون بأن إسرائيل لا تعتزم التوصل إلى أي صفقة، وأن هذا وقت تشديد المواقف، وأن نتنياهو يرصد الأجواء ويعقد مداولات بادعاء تناول الموضوع لكنه سيقول، مثلما فعل في الماضي عندما أراد المماطلة، ’لا تعودوا إلى خطط سابقة، لماذا ينبغي الآن تعزيز قوتهم، بل ينبغي إضعاف موقفهم لأننا على موجة الانتصار’. لكن الرغبة في هزم حماس، وركوب الموجة، وإقامة نظام جديد كما هو اسم العملية العسكرية ("حرب الانبعاث")، هو ما يشلّنا. وهذا لن يقود إلى صفقة".
"لا عنوان في غزة"
اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، أنه "بغياب السنوار لا يوجد عنوان في غزة ولا في قطر. ويتعين على إسرائيل أن تبحث عن عنوان بديل في غزة أو قطر أو في أي مكان في العالم، وأن تكون أفكارها مبتكرة وسخية أيضا بهدف التوصل إلى حل سريع للمشكلة الأكبر والأكثر إيلاما".
وأضاف أنه "حتى الأمس، كان بإمكان إسرائيل الادعاء أنها تواصل الحرب من أجل مطاردة السنوار، لكن الوضع تغير الآن. ورغم أن مقاتلي حماس سيبقون في غزة، لكن بالإمكان دفع حل أوسع يضع بديلا سلطويا واضحا بغياب لسنوار".
وتابع أنه "لا يتعين على إسرائيل انتظار مقترحات أجنبية لحل كهذا. فالعالم يتنكر لها الآن، وقد يحاول أن يفرض عليها حلولا مريحة أقل بالنسبة لها. وبالطبع لا ينبغي أن تستجيب إسرائيل للجناح المتطرف في الحكومة، الذي يعتقد أنه بإمكان اليهود الاستيطان في غزة. وهذه وصفة لكارثة من كافة النواحي. وبدلا من ذلك، على الحكومة أن تدفع بمبادرتها حلا يقود إلى إعادة المخطوفين، وإنهاء الحرب وقيام حكم بديل في غزة، من خلال الحفاظ على حرية عمل أمني كامل بأيدي إسرائيل. ومن شأن ذلك أن ينهي الحرب في الشمال".
واعتبر ليمور أنه إلى حين انتهاء التوتر الذي قد يتخلله تبادل هجمات بين إسرائيل وإيران، "ترزح إسرائيل تحت وضع أمني وسياسي معقد في جميع الجبهات، وتحت تهديد متواصل بإطلاق قذائف صاروخية وطائرات مسيرة على جميع مناطق البلاد. ويرجح أن يحاول كثيرون من أنصار حماس في الضفة الغربية الانتقام من اغتيال السنوار، والأيام القريبة ستكون متوترة ومليئة بالعمليات الأمنية".