كيف استخدم الاحتلال الإسرائيلي إصابات المعتقلين الجرحى أداة للتعذيب؟
كشف تقرير مشترك صدر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، عن التصعيد الإسرائيلي المتواصل في استهداف الجرحى الفلسطينيين خلال حملات الاعتقال منذ بداية "حرب الإبادة" المستمرة.
وقد أظهر التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي باعتقال الجرحى، بل حوّل إصاباتهم إلى وسيلة للتنكيل والتعذيب المنهجي، بالإضافة إلى تصاعد غير مسبوق في الإعدامات الميدانية التي تتم خلال عمليات الاعتقال.
اعتقال الجرحى: إستراتيجية للتعذيب
أوضح التقرير أن سلطات الاحتلال تستهدف الجرحى بشكل مباشر، سواء أثناء عمليات الاعتقال أو الذين أصيبوا قبل اعتقالهم بفترات متفاوتة. يتعرض الجرحى داخل السجون لظروف احتجاز قاسية للغاية، حيث يتم استخدام إصاباتهم كأداة للتعذيب الجسدي والنفسي. يتم التنكيل بهم عبر إهمال تقديم الرعاية الطبية اللازمة، وضربهم بشكل متعمد في أماكن إصاباتهم لتفاقم آلامهم ومعاناتهم.
وأكدت الهيئة والنادي أن شهادات المعتقلين الجرحى وإفاداتهم تعكس مستوى الجرائم المركبة التي تُرتكب بحقهم منذ لحظة اعتقالهم، مرورًا بمرحلة التحقيق، وحتى بعد نقلهم إلى السجون.
شهادات مؤلمة من المعتقلين الجرحى
المعتقل (م.ز) - سجن مجدو
أفاد المعتقل (م.ز) بأن قوات الاحتلال اقتحمت منزله في مارس الماضي، واعتدت عليه بوحشية خلال اعتقاله. تم كسر يده اليمنى التي كانت قد خضعت لعدة عمليات جراحية قبل الاعتقال، بالإضافة إلى تكسير أسنانه. تم نقله إلى سجن "عوفر" دون تلقي أي علاج، حيث تفاقمت حالته الصحية بسبب التهابات شديدة في مواقع الإصابات التي تحولت إلى وسيلة للتنكيل المستمر به. وحتى اليوم يعتمد على زملائه المعتقلين لتلبية احتياجاته الأساسية، نظراً لحرمانه من العلاج.
المعتقل (و.ه) - سجن مجدو
تعرض المعتقل (و.ه) لإصابة برصاص متفجر في البطن قبل اعتقاله، ما تسبب في أضرار كبيرة في أمعائه. وأفاد بأنه تم تركه دون علاج مناسب أثناء اعتقاله ونقله من مكان إلى آخر، حيث تم وضعه في سجن "الرملة" لمدة شهر قبل نقله إلى "مجدو"، وهو يعاني أوجاعا شديدة وغير محتملة حتى اليوم.
الإعدام الميداني والتنكيل بالجرحى
يعد إطلاق النار المباشر على المعتقلين خلال عمليات الاعتقال أحد أكثر الجرائم وحشية التي تمارسها قوات الاحتلال، إذ أفاد المعتقل (م.ح) بأن جنود الاحتلال اقتحموا منزله وأطلقوا النار عليه أمام أسرته، ما تسبب في إصابات خطيرة في قدميه. ورغم خضوعه لعدة عمليات جراحية، تم تحويله إلى الاعتقال الإداري بذريعة وجود "ملف سري"، في إشارة إلى سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها السلطات الإسرائيلية.
أما المعتقل (ي.م)، فقد أصيب بأكثر من ثلاث رصاصات في بطنه وقدميه، وخضع لعمليات جراحية متعددة قبل أن يتم نقله إلى سجن "الرملة"، حيث يعاني صعوبة الحركة ويعتمد على كرسي متحرك داخل زنزانته. وتعرض خلال نقله إلى السجن لضرب مبرح، ما فاقم حالته الصحية المتدهورة.
التعذيب الممنهج والجرائم الطبية
أوضح التقرير أن ما يحدث للمعتقلين الجرحى داخل السجون الإسرائيلية هو جزء من جرائم التعذيب الممنهجة التي يمارسها الاحتلال. يتم استخدام الإصابات كوسيلة لزيادة المعاناة الجسدية والنفسية، مع حرمانهم من الرعاية الطبية المناسبة، وهي جريمة تدخل في إطار الجرائم الطبية التي تمارسها إدارة السجون بشكل منهجي.
أفاد المعتقل (ل.ف) بأنه تعرض لإطلاق نار مباشر في البطن والقدمين، ورغم حاجته إلى العلاج، إلا أنه تعرض للضرب والتنكيل خلال نقله إلى السجن، ما أدى إلى تفاقم إصاباته الصحية.
مطالبات دولية عاجلة
أكدت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير أن هذه الشهادات تمثل جزءًا من الصورة الأوسع للجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق المعتقلين الجرحى، مشيرين إلى ضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة التي ترقى إلى مستوى جرائم حرب. وطالبا المنظومة الحقوقية الدولية باستعادة دورها الفاعل لوقف العدوان المتواصل على المعتقلين والمعتقلات في سجون الاحتلال.
كما شددا على أهمية توثيق هذه الجرائم وتقديمها إلى المحافل الدولية كجزء من الجهود المستمرة لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المتصاعدة بحق الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل حرب الإبادة المستمرة.