ضياء العديني سيقان مبتورة وأحلام مزروعة
راية - غزة - صابرين الحرازين
دائماً ما نقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة ، فبالرغم من بتر كلتا يديه بسبب قصق إسرائيلي، إلا أن الطفل ضياء العديني صاحب الخمسة عشر عاماً يطمح أن يصبح مصوراً فوتوغرافياً عالمياً ، ضياء الذي فقد يديه يوم الثالث عشر من أغسطس جراء قصف استهدف إستراحة يلعب بها مع أصدقائه لعبة الببجي والمكان مليء بأصوات اللاعبين صمتت جميعهاً بصاروخ استهدف المكان، ليستيقظ ملقى على الأرض فاقداً ليديه خارجاً من المكان يستوعب ما حدث ،فيجد أمامه جميزة جلس أسفلها قبل وصول أي أحد للهدف وسرعان ما امتلىء المكان بالناس وإخوته الذي انهاروا بكاء عليه وتم نقله إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح .
يصف ضياء المشهد المأساوي بعد أشهر وكأنه للتو ويقول "واحد من صحابي استشهد جوا هو كان جوا وإحنا برا عالباب سبع شهداء وإصابات "ويكمل الوصف الأصعب على الإطلاق كيف تم بتر يده اليسرى أمام مرأى عينه دون أن يشعر بها في وقتها، لكنه بعدها بدأ يشعر بالدوار وتم نقله داخل أروقة المستشفى لاستكمال العلاج .
لم تقف إصابة الفتى الطامح عائقاً أمام أحلامه ،فما زال لديه الإصرار ذاته كذاك الذي جعله يعمل على كروسة ذات أربعة عجلات قاطعاً مسافة كيلو وأكثر لحمل المياه المحلاة ليبعها مقابل ٢شيقل، ليستطيع شراء كاميرا بداية الحلم الذي أعاقه الاحتلال ولم ينهيه فلا عجز مع الحياة .
يستذكر ضياء كيف كان يحب تصوير الغروب عبر هاتفه والقمر والبحر وشارع الرشيد وشارع صلاح الدين بلونه الأخضر وميناء غزة معالم غزة التي طمسها الاحتلال ، ويتحدث عن غيرته الإيجابية ممن تقتنص عدساتهم الصور الجميلة في وقتها ودقتها ،حالماً أن يكون مثلهم وأفضل منهم من خلال اهتمامه بدورات التصوير إلى جانب اهتمامه وسعيه أن يتفوق أيضا دراسياً، فهو يتدرب حالياً على الكتابة بأصابع قدمه ليلبى ولو شيء بسيط من احتياجاته بنفسه .
حالة ضياء كحال الكثير من أبناء غزة الساعين لأحلامهم رغم البتر فهو يذكرني بمؤمن قريقع٣٣عاماً بنصف جسد وبلا ساقين جسد الإبداع وغطى الحروب ووثق الرواية الفلسطينية التي يحاول الاحتلال طمسها ، وهو جزء كبير من الرواية قصفه الاحتلال عام٢٠٠٨ليفقده غالبية جسده ودمر منزله عام ٢٠١٤ثم دمر شركته الخاصة وكل ذلك لم يكسر إرادته وواصل على كرسي متحرك لنقل الصورة وتحقيق الأحلام واليوم ينقل من شمال غزة حرب الإبادة على غزة .
يتمنى ضياء أن يحظى بفرصة للسفر خارج غزة ،ويقوم بتركيب أطراف صناعية كي لا يبقى الشخص الميت الذي لا يستطيع أن يفعل أي شيء إلا بمساعدة أقاربه وإن كان يحاول وليكمل الحلم الذي أوقفته الإصابة عنده .